تتعالى الأصوات التى تنادى بتقديم تنازلات من قبل التحالف الوطنى لدعم الشرعية والإخوان وتطالبهم بأن يقدموا مصلحة الوطن على مصلحتهم الحزبية، ويطالبونهم بأن ينقذوا سفينة الوطن من بحر الدماء التى تسفك كل يوم. وتتوالى المطالب التى تؤكد أن مصلحة الوطن مقدمة على مصلحة الجماعة أو المصلحة الحزبية، وأن خير دليل على حب مصر هو التضحية والتنازل عن أى مكاسب سياسية أو أطماع فى السلطة، أو أى صراع على المناصب أو الكراسى، وأن فى هذا خير شاهد على المرجعية الإسلامية التى ينطلق منها الإسلام السياسى وما تضمنه من عفو وتسامح. والحقيقة التى يغفل عنها هؤلاء وكثير من ذوى النيات الحسنة أن التحالف والإخوان قدموا –وما زالوا– أكبر تنازل يمكن أن يقدمه فرد أو جماعة، فقد تنازلوا عن أرواحهم فداء لعزة هذا الوطن وكرامته وحرصا على حريته المكبلة وإرادته المقيدة. قدم شباب وفتيات التحالف والإخوان أرواحهم رخيصة لتجرى سفينة الوطن نحو بر الأمان ولتنجو من طوفان الفقر والتخلف، وشعارهم فى ذلك "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد"، وهم كلهم ثقة بقوله تعالى:"إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ". ولله در القائل: يجود بالنفس إذ ضن الجواد بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود تنازل شباب وفتيات التحالف والإخوان عن رفاهية الترف ومتعة اللهو من أجل عذابات التضحية ومتعة البذل والعطاء، يقودهم فى هذا حبهم الجارف لمصر وشعبها، فقد تربوا على دعوة وقودها عاطفة الحب لله والوطن، دعوة عمادها كلمات الإمام البنا رحمه الله: "ونحب أن يعلم قومنا –وكل المسلمين قومنا- أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء، وما أوقفنا هذا الموقف منهم إلا هذه العاطفة التى استبدت بقلوبنا وملكت علينا مشاعرنا، فأقضت مضاجعنا، وأسالت مدامعنا، وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس فى سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب، ولن نكون عليكم فى يوم من الأيام". فتيات بدلا من أن يتخذن من الفنانات والمشاهير قدوة اتخذن من أم عمارة نسيبة بنت كعب رضى الله عنها قدوة ومثلا.. شباب نفسه تاقت إلى الشهادة والحور بدلا من أن تتوق إلى شهرة النجومية وشهوة المغامرات النسائية، فاتخذ من مصعب بن عمير مثلا أعلى، جيل استمد مبادئه وأفكاره من قيم الإسلام، وخطط لمستقبله من نبع السيرة النبوية، فنفخ فى سيرة العظماء من أبطال التاريخ الإسلام روح العصر، فرأينا روح الفداء وصور البطولة واقعا ملموسا وصورا مشاهدة. جيل تذوق كلمات الشهيد سيد قطب فرددها بقلبه وعقله قبل أن يرددها باللسان والشفاه "ستظل كلماتنا عرائس من الشمع لا روح فيها ولا حياة حتى إذا متنا فى سبيلها دبّت فيها الروح وكتبت لها الحياة". ألا تستحق مصر وتستأهل أن نتنازل عن أرواحنا وأن نضحى بأموالنا من أجل أن نطلق يديها ونفك قيدها فتتمتع بحريتها، ألا يستحق شعب مصر أن يبذل الغالى والرخيص من أجل ريادته وقيادته؟!.