انتقد قضاة وقانونيون قرار مجلس القضاء الأعلى باستبعاد 188 من معاوني النيابة الذين صدر قرار بتعيينهم من الرئيس محمد مرسي، بحجة تحريات جهاز الأمن الوطني ووضع شروط جديدة لا تنطبق على هؤلاء مثل حصول الوالدين على مؤهلات عليا والحالة المادية الجيدة. وقال المستشار عماد أبو هاشم، رئيس محكمة المنصورة وعضو المكتب التنفيذي لحركة قضاة من أجل مصر: إن هذا هو المعتاد دائمًا منذ نصف قرنٍ مضى، وهذا هو دأب حكومات العسكر الانقلابية التى حكمت مصر بدءًا من عام 1952، يحاولون دائمًا عسكرة القضاء وباقى مؤسسات الدولة، ويستحوذون دائمًا لأنفسهم ولأولادهم وأقربائهم على نصيب الأسد فى كل شيئٍ، ومن ذلك- طبعًا- التعيين فى النيابة العامة. واضاف للحرية والعدالة: "حتى إنك لتفاجأ أن من ضمن المعينين أبناء قضاةٍ أحيلوا للصلاحية لضبطهم بتقاضى رشاوى، ولم يستطع ذووهم مساندتهم لاتصال الرأى العام بالقضايا التى اتهموا بها وأحيلوا للصلاحية من أجلها، كما تفاجأ بأبناء تجار المخدرات وأصحاب الأموال القذرة، هؤلاء هم النخب التى يفح أمامها كل الأبواب المغلقة، وييسر لها كل عسير". وشدد أبو هاشم أن طالما طالب بفك طلاسم كهنوت القضاء وإخضاع ملفات القضاة للدراسة الإحصائية وللتحرى والتقصى ليعرف المجتمع - وهذا حقه - كل شيء عن القاضى، مشيرا إلى أن ذلك سيفضي إلى كوارثَ وسنجد قضاةً ربما لم يحصلوا على ليسانس الحقوق. وحول دور مجلس القضاء الأعلى قال، إن السلطات الحاكمة جعلته صاحب مصلحة، فكما يتاح لأعضائه تعيين أبنائهم وأبناء باقى القضاة، فى المقابل -وثمنًا لذلك - يفرض عليهم قبول تعيين أبناء النخب التى أشرت إليها، وبمضى الزمن تم إحلال الردئ محل الجيد، واعتلى منصة القضاء من لا يصلح، بل أصبح الردئ يتبوأ- دون غيره - أرفع المناصب القضائية. وقال: إن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، ناهيك عن أن رئيس المجلس الحالى هو أحد أركان الإنقلاب وأحد من حضر المشهد الإنقلابى. ووصف د. رضا عبد السلام أستاذ القانون بجامعة المنصورة الشرطين الجديدين لتعيينات النيابة العامة أنهما يمثلان الطامة والسقطة الكبرى، قائلا: لو صح هذا فنحن نرتكب جريمة بحق أبناء الفلاحين والعمال الشرفاء، الذين لم يكن لهم من ذنب سوى أنهم ولدوا لآباء شرفاء من الفلاحين أو العمال الكادحين. وأضاف أن تعليم الوالدين شيء جيد ولكن لا ينبغي أن يوضع شرطاً لحرمان من حقق التفوق، نحن بهذا الشرط المخجل نوقف عجلة الكون وسنة الله في خلقه، وتلك الأيام نداولها بين الناس، فكيف يتم التداول ونحن نجعل ابن المستشار مستشار وابن الفلاح فلاح؟ إنها جريمة نكراء أربأ بها كأستاذ في كلية الحقوق. وتابع عبد السلام: الأمر الآخر مسألة اشتراط ارتفاع الوضع المادي للوالدين، مؤكد أن هذه مسألة مطلوبة ولكن لا ينبغي أن تبقى قيدا يحرم من اجتهد وتفوق للخروج بنفسه وبأهله من عالم الفقر إلى عالم الراحة المادية بالعلم والاجتهاد، وإلا فما جدوى اجتهاده وتفوقه. وقال: إنه ما يراه ليس إلا ردة، وسيكون مسوغاً لاستبعاد الشرفاء المتفوقين من أبناء الفلاحن والعمال البسطاء، مطالبا المجلس القومي لحقوق الإنسان بوقفة صارمة مما حدث وأن يتم وقف قرار تعيين هذه الدفعة وإعادة النظر فيما تم. ووجه رسالة إلى مجلس القضاء الأعلى، قائلا: "أستحلفكم بالله، اتقوا الله في هذا البلد، اتقوا الله في هذا الشعب...أعلم علم اليقين بأن هذه البدعة عين فيها بعض أبناء المستشارين الأقل تقديراً في حين تم استبعاد بعض أبنائي المتفوقين بل حصل البعض منهم على الماجستير وفي النهاية ألقي بهم إلى الشارع وعين من هم دونهم تقديراً وتأهيلاً.. أنى تؤتى العدالة من بين يدي مغتصب لها؟!".