سألنى صديق: هل تتوقع نجاح برنامج المائة يوم الذى تعهد السيد الرئيس بتنفيذه فى ملفات الأمن والوقود والخبز والمرور والقمامة؟ قلت: لا أتوقع نجاحا كاملا بنسبة مائة فى المائة، ولا فشلا ذريعا بنسبة صفر فى المائة، كما أن الملفات الخمسة متباينة حسب طبيعة كل منها، فملف الخبز والوقود يمكن النجاح فيهما بنسبة كبيرة مع تشكيل الحكومة الجديدة، وتكثيف الجهات الرقابية لنشاطها، أما الملفات الأخرى فتحتاج إلى بعض الوقت لأنها ترتبط بتعديل ثقافة الجماهير. سألنى: كيف؟ قلت: الرصيد الموجود من الدقيق والوقود يكفى لسد احتياجات الجماهير، ولكن المشكلة فى مافيا التهريب وشبكات الفساد التى تقوم بسرقة قوت الشعب بأساليب شتى. شبكة الفساد تلك تتشكل من قيادات كبيرة بوزارة التموين وبعض أصحاب المخابز والمحطات تعاونهم بعض العصابات المنظمة. ومع توفر الإرادة السياسية والوعى الشعبى يمكن التصدى لهؤلاء، مع وضع قواعد إدارية ومشاركة منظمات المجتمع المدنى، وبذلك نسطيع أن نحقق نجاحا فى هذين الملفين يزيد على 75% من المستهدف خلال المائة يوم الأولى. قاطعنى بقوله: وماذا عن الملفات الثلاثة الأخرى؟ أجبته بأن ملف الأمن والمرور والقمامة تحتاج إلى ثقافة شعبية جديدة، وهذه تحتاج إلى بعض الوقت؛ لأن كثيرا من ضباط الداخلية ليسوا مؤهلين للقيام بدورهم بكفاءة واقتدار! لماذا؟ لأنهم جاءوا إلى الشرطة بطرق ملتوية قامت على الرشوة والمحسوبية والفساد، ودفع أغلبهم أموالا طائلة للالتحاق بوزارة البشوات. والمطلوب من هؤلاء هو استعدادهم لأن يكونوا مؤهلين لأداء دورهم وفقا للقانون واحترام حقوق الإنسان التى أدمنوا انتهاكها عبر عقود طويلة. وملف المرور على الرغم من أن الجهود الرسمية والشعبية يمكن أن تثمر فى تحقيق قدر من النجاح فيه إلا أنه يعتمد أساسا على ثقافة المواطنين من جهة وشبكة الطرق والأنفاق والكبارى ومترو الأنفاق من جهة أخرى، وهذه تحتاج إلى مدة طويلة تمتد إلى سنوات، وذلك لا يمنع من تحقيق نجاح يصل إلى 50% أو أكثر قليلا. أما ملف القمامة، فأعتقد أنه يمكن تحقيق نجاح يتجاوز 60% من المستهدف فيه خلال برنامج المائة يوم، بشرط أن تستمر الحملة التى تشارك فيها الجهات الرسمية المختصة والمبادرات الشعبية التى تنطلق بكل القرى والمدن وتدشين جمعيات أهلية تهتم بهذا الشأن، على أن تقوم الجهات الرسمية بعملها طوال الأسبوع وتشاركها الجهود الشعبية بيوم كل أسبوع، مع وضع صناديق مختلفة الأحجام بكل الطرق والشوارع، وردع المخالفين الذين سوف يتعمد بعضهم إلقاء القمامة فى محاولة منهم لإفشال برنامج الرئيس. ويبقى تعديل ثقافة الجماهير هو الأساس الذى يجب التركيز عليه من أجل مجتمع ناهض متقدم، وهذا هو دور الإعلام وخطباء المساجد وقيادات الكنيسة والمدارس والجامعات، ولكن للأسف للإعلام أولويات أخرى غير أولويات الشعب وأولويات الرئيس!