ماجدة خير الله: معظم القنوات لا تحقق أى ربح وقائمة على "غسيل أموال" الفلول طارق الشناوى: التناحر على كعكة "إعلانات رمضان" السبب.. وماسبيرو أبرز الخاسرين محمود درويش: تدمير مباشر لصناعة الدراما والسينما.. والمعلن يتحكم فى الفن د. صفوت العالم: رخيصة التكلفة.. د. هويدا مصطفى: فتش عن السمن وأدوات التجميل! مروة جمال فى عصر الفضائيات والستالايت، أصبح هناك كل يوم ظاهرة فضائية جديدة تستحق البحث والتفكير، وكان التنامى الرهيب فى إطلاق القنوات الفضائية المتخصصة فى الدراما هو أبرز وأحدث تلك الظواهر، فمع حلول الشهر الكريم أصبح لدينا ما يزيد عن 20 قناة فضائية درامية، منها قناة المسلسلات التابعة لشبكة "أوربت"، وقنوات الحكايات، التابعة لشبكة "إيه آر تى"، و"الشاشة إكسترا" التابعة لشبكة "شوتايم"، بجانب قنوات "النيل للدراما"، و"بانوراما دراما"، و"ميلودى دراما" و"أوسكار دراما"، و"تايم دراما"، و"الحياة مسلسلات"، و"كايرو دراما"، و"صدى البلد مسلسلات"، و"سى بى سى دراما"، و"إم بى سى دراما"، و"النهار دراما"، و"البيت بيتك دراما". الغريب أن معظم الشبكات لم تكتف بشاشة متخصصة واحدة للدراما، بل زادت إلى شاشتين، وأحيانا ثلاث، وهو ما فعلته شبكات مثل: بانوراما، وكايرو، وتايم. التحقيق التالى يفتش فى الأسباب التى شجعت أصحاب هذه القنوات على إطلاقها وهدفهم من ذلك، ويبحث فيما إذا كان هناك سوق إعلانى يسمح لكل هذه القنوات من أن تحقق أهدافها الربحية. يقول الناقد الفنى طارق الشناوى: زيادة الإقبال على إطلاق قنوات الدراما أمر له علاقة وثيقة بالحالة الاقتصادية التى عاشها أصحاب هذه القنوات طوال الأشهر التى تلت الثورة؛ مما جعل لديهم رغبة حقيقية فى انتزاع أكبر قطعة ممكنة من تورتة إعلانات شهر رمضان الكريم، خاصة أنه فى هذا الشهر يتم ضخ نسبة إعلانات تتراوح ما بين 40 و50% من إجمالى عدد الإعلانات التى تنتجها الوكالات الإعلانية على مدار العام كله، أما نصيب كل قناة على حدة من تورتة الإعلانات فهو يختلف على حسب قدرة القناة على جلب أكبر وأجود عدد ممكن من المسلسلات. وأكد الشناوى على أن التليفزيون المصرى بقنواته المختلفة يتصدر ذيل قائمة القنوات المسيطرة على الإعلانات رغم سعيه الدءوب هذا العام من أجل عرض مسلسلات النجوم، ورغم نجاحه فى هذا الأمر إلا أنه فشل فى الحصول على نسبة مشاهدة مرتفعة تضمن له نصيبا محترما من حصة الإعلانات؛ والسبب الرئيسى فى هذا الأمر هو أن ماسبيرو فقد مشاهده حينما فقد مصداقيته، ولن يستطيع أبدا استعادة هذه الثقة وتغيير صورته الذهنية تماما لدى المشاهدين من خلال دراما رمضان. كما لفت الناقد الفنى إلى أحد الأسباب الرئيسية فى انتشار قنوات الدراما، وهو سهولة إطلاق قناة فضائية بعد قيام الثورة؛ بدليل وجود عشرات الفضائيات التى ظهرت مؤخرا وتعكس توجهات عقائدية وفكرية مختلفة. أما أيام المخلوع فكان مثل هذا الأمر غاية فى الصعوبة، ويتطلب فى المقام الأول الولاء لرئيس الدولة ونظامه. غسيل أموال بينما تقول الناقدة الفنية ماجدة خير الله: لا أحد ينكر أن شهر رمضان المبارك يمثل موسما رائجا لأصحاب الفضائيات؛ بسبب كم الإعلانات الرهيبة التى تضخ خلاله عن مختلف السلع والخدمات، فأصبح من الطبيعى أن يتنافس هؤلاء على إطلاق قنوات درامية متعددة، كلما نجحت فى عرض كم أكبر من المسلسلات زادت نسبة حصولها على إعلانات؛ ومن ثم زادت أرباح القناة وحققت الهدف من وراء إطلاقها، لكننا أيضا لا نستطيع إنكار أمر آخر فى غاية الخطورة، وهو أن الفن والإعلام أكبر مجالين يتم من خلالهما غسل الأموال التى اكتسبت بطريقة غير مشروعة؛ بدليل وجود قنوات فضائية درامية وغير درامية مستمرة فى البث على الرغم من أنها لا تحقق أى مكاسب مادية تذكر، ولا توجد عليها إعلانات، وهو أمر يكتشفه بسهولة أى مشاهد إذا ما قارن بين نسبة الإعلانات التى يشاهدها على قناة وأخرى؛ لذلك لا أستبعد أبدا أن يكون وراء هذه القنوات رجال أعمال من النظام البائد يريدون غسيل أموالهم. وطالبت خير الله الأجهزة المنوطة بهذا الأمر فى الدولة وغيرها من الأجهزة الرقابية بمراقبة مثل هذه القنوات؛ لأن غسيل الأموال جريمة يعاقب عليها القانون، واختتمت الناقدة الفنية حديثها قائلة: التليفزيون المصرى هو أكبر الخاسرين فى هذه اللعبة، وفشله الرهيب فى التسويق، وجلب الإعلانات أصبح لا يخفى على أحد، والأمر نفسه ينطبق على بعض الفضائيات الخاصة، على العكس تماما من قنوات فضائية أخرى تتسم بالاستقرار فى رمضان وباقى أشهر السنة؛ لأنها تتبنى مناهج إعلامية واضحة لا تتبدل. كارثة فنية ويبدأ الناقد الفنى محمود درويش حديثه قائلا: هذه الظاهرة بدأت من العام الماضى لكنها تنامت هذا العام بشكل مستفز جدا، وعلى الرغم من أنها قنوات متخصصة فى بث الإنتاج الدرامى إلا أنها ضربت صناعة الدراما فى مقتل؛ لأن المنتج أصبح همه هو إنتاج أكبر كم ممكن من المسلسلات؛ كى يتمكن من تسويقها ويربح الملايين، حتى لو كان هذا الأمر على حساب الذوق العام والمستوى الفنى لأعماله، كما ضربت صناعة السينما فى مقتل أيضا؛ لأن كل النجوم اتجهوا للمسلسلات مضمونة التسويق، والتى تجلب لهم الملايين مما أدى إلى زيادة الركود فى مجال صناعة السينما المصرية؛ لذلك اعتبر سياسة إطلاق مثل هذه القنوات سياسة فجة وخاطئة لن تجلب لصناعة الفن سوى الخراب والانهيار. تجارة بحتة ويذهب د. صفوت العالم -أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة- إلى أن سبب انتشار تلك القنوات يرجع إلى أن خريطتها قائمة على عرض المسلسلات فقط، وهو ما يعمل على خفض ميزانيتها عن غيرها من القنوات العامة التى تعتمد على إنتاج البرامج وعرض المباريات الرياضية والكليبات والأفلام، كما أن أغلب المسلسلات التى تعرضها قديمة ويتم شراؤها بمبالغ زهيدة، ومن الملاحظ أن أصحاب تلك القنوات ليسوا ذوى صلة بمجال الإعلام، ويعتبرون الموضوع مجرد تجارة رابحة تعطيهم واجهة اجتماعية ويتفاخرون بها وسط أقرانهم. وترى د. هويدا مصطفى -أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة- أن قنوات الدراما تجذب ربات البيوت لأنهن يعتبرنها وسيلة للتسلية والترفيه، خاصة أن السيدات أكثر المشاهدين اندماجا مع القصص الاجتماعية والحكايات، ويلاحظ أيضا أن الشركات المعلنة عبر هذه القنوات تخاطب السيدات بإعلانات مساحيق الغسيل وأدوات التجميل والشامبوهات والكريمات وأنواع السمن المختلفة وغيره.