اتهمت الدكتور نادية مصطفى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومدير مركزز الحضارة للدراسات السياسية، الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي وقائد الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي، بسرقة نصر أكتوبر العظيم ونسبه لنفسه، وذلك في مقال لها تعليقا على مشهد احتفالات نصر أكتوبر باستاد الدفاع الجوي، بحضور قائد الانقلاب ورئيسه المؤقت ورئيس الحكومة إضافة إلى عدد من الشخصيات المؤيدة للانقلاب. وقالت مصطفى: "إن السيسي يوظف هذا النصر لتحقيق مكاسب سياسية وليجمل وجه الانقلاب القبيح وليغسل يديه من دم المصريين وحرياتهم، لأنه في واقع الأمر يكمل مشوار عملية الاستسلام والتبعية لأمريكا والتطبيع مع إسرائيل، وهو المشوار الذي دشنه السادات وأكمله مبارك على نحو تم معه –عبر 40 عاما- تفريغ نصر أكتوبر من محتواه ومن مآله المرتقب كعبور حضاري، حيث تحول مسار النصر إلى هزيمة حضارية تحت وطأة "السلام كخيار استراتيجي". وأضافت "بعد أن جسدت حرب أكتوبر نجاح القيادة والشعب في التغلب على أسباب هزيمة 1967، وعلى رأسها تدخل الجيش في السياسة والترهل المهني المؤسسي، فإذا بمسار 40 عاما يدعم من أشكال أخرى لهيمنة الجيش على السياسة والاقتصاد والمجتمع في مصر، ولو من الأبواب الخلفية، وها هو السيسي في الثالث من يوليو يستعيد بانقلابه العسكري بريق دور المؤسسة العسكرية في السياسة وبصورة مباشرة من جديد، فلقد ضرب السيسي بقوة ثورة 25 يناير مقدمًا قربانًا، وهم الإسلاميون حماية للاستبداد من جديد". وسلطت الدكتورة نادية مصطفى الوء على احتفالات مؤيدي الشرعية في شوارع مصر ورفعهم لصور القادة الحقيقيين لحرب أكتوبر: "إن هؤلاء رافعي شعار رابعة في ذكرى نصر أكتوبر، وهم يحتفلون بهذا النصر أيضا لأنه نصر الشعب المصري كله وليس جيش مصر بمفرده، إنما يحتفلون به كجزء من مقاومتهم لإرهاب الانقلاب وكشف أقنعة هذا الانقلاب وأهدافه، إنهم يرسلون رسالة قوية وواضحة، وهي أن من حرر الأرض وهزم العدو بالتحام قوي مع الشعب منذ 40 عاما، ليس هو ذلك الانقلابي الذي يرتكب مجازر دموية ضد الإنسانية، إنه الانقلاب الذي يميز الآن بين شعبين أحدهما يمنعه بالقوة من الدخول لميدان التحرير للاحتفال مثل غيره من "المواطنين الشرفاء" -مؤيدي الانقلاب الذين يتم فتح الميدان لهم للاحتفال وهم يرفعون صورة السيسي وليس صور أبطال نصر أكتوبر-". وأشارت إلى أن الشعب الرافض للانقلاب وهو يحتفل بنصر أكتوبر إنما يهدف إلى التذكرة بما نريد أن يكون عليه جيشنا الوطني وأن يستعيد عقيدته وروحه التي حققت نصر أكتوبر 1973، "ومن ناحية أخرى، فإن مشهد تصدي الشرطة والجيش بقوة مفرطة للمتظاهرين أوقعت 50 شهيدًا وأكثر من 200 مصابًا و300 معتقلا، قد أكد كيف أن الحل الأمني الاستئصالي هو اللغة الوحيدة التي يعرفها الانقلاب ضد معارضيه". واستدركت قائلة: " الأكثر دلالة في هذا السياق المعقد والمركب هو مغزى الاحتفالية الفنية التي انعقدت في استاد الدفاع الجوي، في نفس الوقت الذي يسقط فيه الشهداء والمصابون والمعتقلون، فإن الكلمة الافتتاحية لأحد الممثلين ثم فقرات الحفل الزاعقة من على مسرح فاقع الألوان ومتلألئ الأضواء ينضح بالبذخ السفيه، ثم منصة النخبة الانقلابية المطلة على هذا المسرح وسط ظلام دامس يلف مدرجات الاستاد والمفترض أنها تضم "الشعب" الذي ظل وراء حجاب لا يعبر عن وجوده إلا ما يذاع من صفيره وتهليله، كل هذا يمثل مشهدًا انقلابيًا مبتذلا من الناحية الإنسانية والقيمية، ناهيك عن فجاجته السياسية، وقد تجسدت هذه الفجاجة مع كلمة السيسي الختامية للحفل، فالاحتفال رسمي نخبوي باهظ التكلفة مؤمن ومحصن، في حين ينعقد احتفال آخر شعبي في ميدان التحرير. وكانت المنصة تجسد إرث 60 عامًا من شخصنة النظام المصري بقيادات عسكرية، في إشارة إلى ابن الرئيس عبد الناصر وحرم الراحل الرئيس أنور السادات والمشير طنطاوي وزير دفاع مبارك لمدة عشرين عامًا، الرئيس المؤقت ورئيس الوزراء الانقلابيين وقائد الانقلاب". وأكدت الدكتورة نادية مصطفى في نهاية مقالها: " فليحقق السيسي إذا استطاع ولن يستطيع الاستقلال الوطني، ولكن لن يكون الثمن هذه المرة أيضًا حرياتنا، فلا نقبل أن يتكرر مشهد عبد الناصر، الذي رفع راية مشروع استقلال وطني وعدالة اجتماعية ولكن ملتحفًا باستبداد وقهر، لأنه لا استقلال خارجي والداخل يرفل في خوف واستبداد".