استقرار أسعار العملات مقابل الجنيه اليوم الخميس 20 يونيو 2024    وزارة الزراعة: السلع الزراعية الواردة من الخارج بلغت 10 ملايين طن فى 2023    وزير المالية: إنهاء أكثر من 17 ألف منازعة ضريبية تتجاوز 15 مليار جنيه خلال 10 أشهر    الإسكان: 5.7 مليار جنيه استثمارات سوهاج الجديدة.. وجار تنفيذ 1356 شقة بالمدينة    الري: التعامل الفوري بنجاح مع أعطال بمحطات رفع المياه خلال إجازة عيد الأضحى    بعد انتهاء عيد الأضحى 2024.. أسعار الحديد والأسمن اليوم الخميس 20 يونيو    طبخ التراب وأكل أوراق الشجر.. مسئول أممي يروي شهادات مروعة عن الجوع في السودان    سنتكوم: دمرنا زورقين ومحطة تحكم أرضية ومركز قيادة للحوثيين    تقرير: أكثر من 6 ملايين فلسطيني يعانون اللجوء    مزاعم أمريكية بقرب فرض قطر عقوبات على حماس    عاجل - الاستخبارات الروسية تصدم رئيس أوكرانيا: "أمريكا ستتخلى عنك قريبا والبديل موجود"    وول ستريت جورنال: 66 من المحتجزين في غزة قد يكونوا قتلوا في الغارات    انقطاع الكهرباء عن ملايين الأشخاص في الإكوادور    سيراميكا كليوباترا يهاجم اتحاد الكرة: طفح الكيل وسقطت الأقنعة    الأهلي يحسم مصير مشاركة عمر كمال أمام الداخلية اليوم    أزمة في عدد من الأندية السعودية تهدد صفقات الموسم الصيفي    أول تحرك لنادي فيوتشر بعد إيقاف قيده بسبب "الصحراوي"    اليوم بداية الصيف رسميا.. الفصل يستمر 93 يوما و15 ساعة    بيان مهم من الداخلية بشأن الحجاج المصريين المفقودين بالسعودية    غرق شاب عشريني في أحد بشواطئ مطروح    ولاد رزق 3 يواصل تحطيم الأرقام القياسية بدور العرض لليوم الثامن.. بإجمالي مفاجىء    محمد صديق المنشاوى.. قصة حياة المقرئ الشهير مع القرآن الكريم    عاجل - قوات الاحتلال تقصف مربعا سكنيا غربي رفح الفلسطينية    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    الإفتاء توضح حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما    عاجل - تحذير خطير من "الدواء" بشأن تناول مستحضر حيوي شهير: جارِ سحبه من السوق    ثلاثة أخطاء يجب تجنبها عند تجميد لحوم الأضحية    غلق منشأة وإعدام 276 كيلو أغذية منتهية الصلاحية بجنوب سيناء    مطار القاهرة يواصل استقبال أفواج الحجاج بعد أداء مناسك الحج    تركي آل الشيخ يدعو أسرتي مشجعتي الأهلي لأداء مناسك العمرة    منتخب السويس يلتقي سبورتنج.. والحدود مع الترسانة بالدورة المؤهلة للممتاز    دراسة بجامعة "قاصدي مرباح" الجزائرية حول دور الخشت فى تجديد الخطاب الدينى    تصل إلى 200 ألف جنيه، أسعار حفلة عمرو دياب بالساحل    كيفية الشعور بالانتعاش في الطقس الحار.. بالتزامن مع أول أيام الصيف    خلال 24 ساعة.. رفع 800 طن مخلفات بمراكز أسيوط    في هانوي.. انطلاق المباحثات الثنائية بين الرئيس الروسي ونظيره الفيتنامي    مبدأ قضائي باختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى التعويض عن الأخطاء    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بكفر الشيخ    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    سبب الطقس «الحارق» ومتوقع بدايته السبت المقبل.. ما هو منخفض الهند الموسمي؟    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    أسرع مرض «قاتل» للإنسان.. كيف تحمي نفسك من بكتيريا آكلة اللحم؟    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    yemen exam.. رابط الاستعلام عن نتائج الصف التاسع اليمن 2024    «آخرساعة» في سوق المدبح القديم بالسيدة زينب| «حلويات المدبح»    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    يورو 2024| صربيا مع سلوفينيا وصراع النقاط مازال قائمًا .. والثأر حاضرًا بين الإنجليز والدنمارك    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    خاص.. موقف الزمالك من خوض مباراة الأهلي بالدوري    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 20 يونيو.. «وجه تركيزك على التفاصيل»    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في دراسة بعنوان

*الديمقراطيات العربية الناشئة تتعرض لتآمر دولي وإقليمي يجعل التدخل العسكري بلا كابح يوقفه إلا الردع الشعبي
خلص د. رفيق حبيب، الكاتب والمفكر، في دراسة حديثة له صدرت في نهاية سبتمبر 2013 عنوانها "هل هو الانقلاب الأخير؟ إستراتيجية الردع الشعبي " إلى أن المناهضة الشعبية للانقلاب، هي فقط التي سوف تقنع قادة الانقلاب أن الانقلاب قد فشل، وعليهم البحث عن إجراءات لإنهاء الانقلاب العسكري، والعودة لمسار الثورة والتحول الديمقراطي، وانتصار عامة الناس في هذه المعركة، يمثل انتصارا مهما للثورة، وللربيع العربي، بل ويمثل انتصارا حاسما يحمي مسار الثورة بعد ذلك.
وتشير الدراسة أن القضية لا تتعلق بجماهير فصيل بعينه، بل تتعلق أساسا بأغلبية المجتمع الكاسحة، فأغلبية المجتمع ضد الحكم العسكري، ومع الانتخابات الحرة النزيهة، وإن لم تكن أغلبية المجتمع مع الحرية، فلا معنى للثورة أساسا، ولا معنى للتحول الديمقراطي أيضا. وعندما يكتشف من أيد الانقلاب العسكري، أنه أيد عودة الدولة البوليسية، وتنازل عن حقه في الاختيار الحر، وتنازل عن صندوق الاقتراع النزيه والحر، سوف يفقد الانقلاب أغلب من أيده، ولن تبقى إلا فئة قليلة، تريد حكما علمانيا عسكريا.
وتضيف انه حتى يفيق الوعي العام، يجب إخراجه من مصيدة إعلام الانقلاب، وهي مهمة صعبة، ولكنها ضرورية، حتى يتشكل الردع الشعبي الضروري، لحماية الثورة و العملية الديمقراطية. وإذا كان الانقلاب العسكري، قد حدث بسبب غياب الردع الشعبي، فهو ينتهي عندما يتشكل الردع الشعبي. وتستعاد الثقة في عملية التحول الديمقراطي، لوجود ردع شعبي، يمنع الخروج على قواعد العملية السياسية مرة أخرى؛ عندئذ يمكن العودة مرة أخرى، إلى عملية سياسية، تقوم على قواعد صحيحة، ويلتزم بها الجميع.
وكشف "حبيب" أن الانقلاب العسكري أدى إلى العديد من الأزمات السياسية، رغم أنه تم تبريره، بأنه حل للأزمة السياسية الحادثة قبله وتعد أشد خطورة من أي أزمة سياسية سابقة عليه؛ بل أنها ستلقي بظلالها وآثارها على العملية السياسية في مصر، لعدة سنوات قادمة.
وفيما يلي عرض لأهم القضايا التي تضمنتها الدراسة:
هل يتكرر الانقلاب؟
وتحت عنوان "هل يتكرر الانقلاب؟" قال حبيب إن أول مشكلة تسبب فيها الانقلاب العسكري، أنه فتح الباب أمام تدخل القوات المسلحة في العملية السياسية لتقنين الدور السياسي للقوات المسلحة، ففي ظل دستور لا يعطي أي دور سياسي للقوات المسلحة، قام قادة القوات المسلحة بانقلاب عسكري، ويظل احتمال تكرار الانقلابات العسكرية في المستقبل قائما، خاصة لعدم وجود أي ضمانات، تمنع من تكرار الانقلاب على الشرعية.خاصة وأن تصريحات قائد الانقلاب العسكري، تكشف أن القوات المسلحة حاولت التدخل في العملية السياسية، والضغط على الرئيس محمد مرسي، لفرض تصوراتها، ولكنها فشلت، وقد يكون هذا سببا مهما للانقلاب العسكري.
هل يتكرر الخروج الشعبي؟
أزمة أخرى تسبب فيها الانقلاب العسكري برأي "حبيب" أنه فتح الباب أمام ممارسة سياسية شعبية مباشرة، بلا أي قواعد. فإذا كانت قطاعات من المجتمع قد خرجت تريد تغيير الرئيس، فمن الممكن أن تخرج أيضا قطاعات من المجتمع تعارض أي رئيس منتخب. ولن يكون هناك رئيس يحظى بإجماع المجتمع، وكل رئيس سوف ينتخب من أغلبية في المجتمع، وستكون قطاعات أخرى كبيرة معارضة له، أو لم تنتخبه. مما يعني، أننا أمام أزمة في العلاقة بين القوات المسلحة والمجتمع، نتجت من دعم القوات المسلحة لعملية الاحتكام للشارع، لأن هذا الدعم إن تكرر، تكون الأزمة أكبر، وإن لم يتكرر تستمر الأزمة بلا حل.
هل يعود الصندوق أصلا؟
ترى الدراسة أنه بعد أي انقلاب عسكري، لا يتوقع عودة صندوق الانتخاب الحر والنزيه، إلا إذا أُفشل الانقلاب العسكري، فالانقلابات العسكرية لا تجلب الديمقراطية والحرية، بل هي التي تجلب الاستبداد السياسي، وتؤدي إلى فقدان الثقة في إجراء أي انتخابات حرة ونزيهة. ولا توجد أي ضمانات، تسمح بالدخول في عملية سياسية جديدة، أو خارطة طريق جديدة.
هل يحقق الصندوق أهداف الانقلاب؟
لأن هدف الانقلاب، في الحد الأدنى، هو عسكرة وعلمنة الدولة، فإن تحقيق ذلك من خلال استفتاء على تعديلات دستورية، يتم بنزاهة وحرية، يعد احتمالا ضعيفا. مما يعني، أن قادة الانقلاب سوف يواجهون فشلا، يضطرهم إلى الانقلاب مرة أخرى، فالانقلاب يخشى من أي عملية سياسية حرة، حتى لا تفشل أهدافه، وحتى لا تنتج أوضاعا سياسية جديدة، تؤدي إلى محاسبة من قام بالانقلاب.
التدخل الخارجي
ويرى "حبيب" أن الانقلاب العسكري تسبب في أزمة كبرى، لأنه فتح الباب بشكل غير مسبوق للتدخل الخارجي؛ فالانقلاب العسكري أساسا، كان قرارا إقليميا وغربيا، ولم يكن قرارا داخليا فقط. وبهذا أصبح مسار الانقلاب يتحدد بقرار خارجي، وليس قرارا داخليا فقط، وهو ما فتح الباب أمام إدارة خارجية مباشرة للشأن السياسي المصري، كما أن الانقلاب تسبب في تأزيم الموقف الداخلي، بصورة تهدد حتى مصالح القوى الخارجية التي شاركت في الانقلاب، وفي اتخاذ قرار الانقلاب العسكري.فأصبحت الإدارة الأمريكية، والتي تمثل الغطاء الدولي الأساسي للانقلاب العسكري، هي أكثر الأطراف التي تورطت بسبب الانقلاب، لأن ما يحدث بعد الانقلاب، يهدد مصالحها، ويهدد استقرار مصر، واستقرار المنطقة كلها.
أزمة الثقة
إن القول بأن الانقلاب العسكري، تسبب في أزمة ثقة عميقة، سواءً بين القوى السياسية، أو بين مكونات المجتمع، أو بين قوى سياسية وقيادة القوات المسلحة، هو قول صحيح، والأبعد من ذلك هدم قواعد العملية السياسية، وأصبح الوضع لا تحكمه أي قواعد، ما يعني ضمنا، أن أي توافق سياسي، أو حل سياسي، يمكن التوصل له، لن تتوفر له الثقة المتبادلة، التي ترعى تنفيذ الاتفاق.وبدون القدرة على بناء الثقة، لا يمكن أن يبدأ أي حوار سياسي جاد.
ردع الانقلابات العسكرية
تساءل "حبيب" لماذا لا تحدث انقلابات عسكرية؟ مجيبا بأنه العامل الخارجي، فالقاعدة الأساسية، التي تستخدم لكبح الانقلابات العسكرية في الدول الحديثة العهد بالديمقراطية، هي الرفض الدولي، وعدم الاعتراف بالحكومات التي تأتي بانقلابات عسكرية.
وفي الحالة المصرية، حدث انقلاب عسكري، بدعم خارجي، وباعتراف خارجي عملي؛ فمصر بعد الانقلاب ليست محاصرة إقليميا ودوليا، بل على العكس من ذلك، فمصر في عهد أول رئيس مدني منتخب، كانت محاصرة إقليميا ودوليا، ثم بعد الانقلاب العسكري، تم فك الحصار الإقليمي أولا، استعدادا لفك الحصار الدولي، ومعنى هذا أننا نواجه مشكلة مزدوجة، والكابح الدولي للانقلابات العسكرية مهم، لأن بدونه يصبح الكابح الوحيد المتبقي أمام الانقلابات هو رد الفعل الشعبي، وفي حالة دول الربيع العربي، تتعرض الديمقراطية لتآمر دولي وإقليمي، مما يجعل التدخل العسكري بلا كابح يوقفه، بل وتجعل له سندا دوليا وإقليميا.
حزب الدولة العميقة
وتحت عنوان "حزب الدولة العميقة" رصد "حبيب" أنه منذ بداية الثورة، وهي تواجه عمليات إجهاض مستمرة من الدولة العميقة، التي تمثل النظام السابق، الذي قامت الثورة ضده، ومشكلة تلك الدولة العميقة أنها ترتكز أساسا على المؤسسات المركزية للدولة، وهي الجيش والقضاء والشرطة؛ مما يعني، أن المؤسسات التي تملك السلاح والسلطة تقف في وجه الثورة وتقف مع النظام السابق وضد الديمقراطية.
وبعد انتخاب أول رئيس مدني في مصر، وقفت عمليا أجهزة الدولة العميقة المركزية، ضد الرئيس المنتخب، بل وشاركت في عملية الانقلاب على الديمقراطية والثورة، وبعد عدة محاولات فاشلة جاء الانقلاب العسكري، ليؤسس لدولة بوليسية قمعية بمشاركة أجهزة الدولة المركزية، وهي الجيش والشرطة والقضاء.
ولهذا، فإن الانقلاب العسكري فجر واقعيا أزمة، تهدد كيان الدولة، فإذا كانت مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء، مع فريق من المجتمع ضد فريق آخر، ومع الثورة المضادة ضد الثورة، وتجد دعما من قوى إقليمية ودولية، وتنفذ سياسات دولية وإقليمية؛ تصبح هذه المؤسسات ليست ملكا للمجتمع، ولا تقوم بوظيفتها الأساسية، ولم تعد ملاذا أمنا لكل الوطن، بل أصبحت ملاذا أمنا لجزء من الوطن، ضد جزء آخر منه.
الصراعات السياسية
واعتبر "حبيب" تدخل مؤسسات مركزية في الدولة، وكأنها حزب الدولة العميقة، الذي يجهض العملية السياسية، حتى ينفرد بالحكم، يمثل مشكلة أساسية لبنية الدولة نفسها، والتي تتحول إلى طرف في الخصومة السياسية، وتفقد دورها وتفقد بالتالي مكانتها، ومن الصعب استعادة الثقة في المؤسسات المنخرطة في الانقلاب على الشرعية، ولا توجد أدوات تساعد على استعادة الثقة فيها والمشكلة الأكبر،أنه إذا كانت الخصومات والصراعات السياسية تنتهي بالحوار أو التفاوض، فإن التفاوض مع مؤسسات مثل الجيش والشرطة والقضاء، ليس صعبا فقط، بل وليس له معنى أيضا، لأنها مؤسسات غير سياسية، ويفترض أن تقوم بدورها بحياد ونزاهة.
القضاء والعدالة
تمثل مشكلة انخراط القضاء في العملية السياسية، واحدة من المشكلات الخطرة على المجتمع، فإذا أصبح القضاء طرفا في صراع سياسي، وبالتالي أصبح ينصر طرفا على آخر، من خلال أحكام قضائية، فقد المجتمع الملاذ الأخير للعدالة، وهو ما يشيع حالة من الفوضى الحقيقية في المجتمع. لأن تدخل القضاء في السياسة، يفقده مصداقيته، كما إن انخراط القضاء في العملية السياسية، مع انخراط الشرطة والجيش، يعني أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، غير ممكن أصلا. مما يعني، أن المجتمع لم يعد لديه مؤسسات تتوفر فيها الحيادية السياسية، حتى تكون هي أدوات إجراء الانتخابات، وأدوات إقامة العدل والأمن.
وإذا كان الانقلاب العسكري، قد عمق النزاع الأهلي، فإنه أيضا عمق نزاعا أهليا مع مؤسسات الدولة؛ لذا فإن الدولة كلها تتعرض للخطر، بل أن وظيفة الدولة تفقد أساسا، بعد أن أصبحت حزبا سياسيا، يسيطر على السلطة، من خلال انقلاب عسكري... وإذا كان الجيش يمارس سلطة بحكم السلاح، والشرطة تمارس سلطة بحكم السلاح الأمني، والقضاء يمارس سلطة بالأحكام القضائية؛ وبهذا يصبح المنتخب بلا سلطة حقيقية، بعد أن يصبح الحزب الحاكم الوحيد، هو حزب الدولة العميقة.
إعلام الدولة العميقة
وسائل إعلام الانقلاب، وهي أيضا وسائل إعلام الثورة المضادة، والتي تعادي الديمقراطية والثورة أساسا، أصبحت عمليا منخرطة في إشعال حالة النزاع الأهلي، وعلى مدار الساعة، وكأنها أبواق لإشعال فتنة في مصر، وتستخدم أدواتها من أجل إشعال النزاع السياسي وتحويله إلى نزاع أهلي.
ومن الواضح، أن استراتيجية إعلام الانقلاب تقسيم المجتمع وإضعافه، ونشر النزاعات الأهلية، وتوسيع دائرة الكراهية المجتمعية، ونشر حالة من العنف اللفظي والبدني، وتوسيع حالة الانقسام المجتمعي، حتى يصبح المجتمع في حالة ضعف، تضعف قدرته على حماية الديمقراطية وحماية الثورة.
كما إن وسائل إعلام الانقلاب، تقوم بنشر الشائعات والمغالطات والأكاذيب، في محاولة لتغييب الوعي العام بالكامل، كما تقوم بتشويه الخصم السياسي، بأساليب النظم المستبدة الفاشية وزرع حالة من التعصب القومي، وكأن الفصائل السياسية في مصر، تنتمي لأعراق مختلفة، وإعلام الانقلاب صنع صورة الثورة المصنعة، وهي التي أخرجت فيلم الثورة الجديدة، وهي التي زيفت كل الصورة، حتى تسيطر على وعي عامة الناس.
متى ينتهي الانقلاب؟
ويرى "حبيب" أنه عندما يفشل قادة الانقلاب في تحقيق كل أهدافهم الحقيقية، وليس فقط جزءا منها، يكون الانقلاب قد فشل، فهو يستهدف أولا، استعادة الدولة البوليسية، ثم عسكرة وعلمنة الدولة، أي إجهاض الثورة التي تحرر الإرادة الشعبية، وإجهاض التحول الديمقراطي.
كيف تستعاد الثقة؟
وخلص "حبيب" إلى حقيقة أنه في كل الأحوال، لا يمكن انتهاء الانقلاب العسكري، إلا بعد التوصل إلى طريقة تضمن عدم تكراره وعدم انخراط مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء في العملية السياسية مرة أخرى، والتوصل لطريقة تدفع هذه المؤسسات إلى الالتزام بالمهنية والحياد السياسي الكامل، والخروج من دائرة النزاعات السياسية بكل أشكالها، ولا يمكن إنهاء الانقلاب العسكري، بدون إخراج الدولة العميقة من العملية السياسية، وإنهاء وجود دولة عميقة غير رسمية، تسخر أجهزة الدولة لخدمة النظام السابق، وضد الثورة والتحول الديمقراطي.
حركة مناهضة الانقلاب
تلك الحركة التي يقوم بها أنصار الشرعية، تحت عنوان رفض الانقلاب واستكمال الثورة، تمثل الحل الحقيقي لإنهاء الانقلاب العسكري. فهذه الحركة تستعيد الرأي العام للمشهد مرة أخرى، وتقاوم عملية تغييب الرأي العام، وتكافح من أجل إيقاظ الرأي العام، كما تناضل من أجل إحداث إفاقة مجتمعية.وهي بهذا، تمثل الوسيلة المهمة، حتى يتم بناء الردع الشعبي، المتمثل في الرأي العام. فبعد الثورة، وحتى وقوع الانقلاب، لم تملك مصر الثورة، رأيا عاما، يمثل رادعا شعبيا، يحدد المصلحة العامة، التي لا يستطيع أحد تجاوزها.
الردع الشعبي
وأوضح "حبيب" أن الردع الشعبي، يحتاج لوقت لبنائه، لذا كانت عملية التحول الديمقراطي، تبني الرأي العام تدريجيا، حتى يكتمل بناءه، ويصل لمرحلة يصبح فيها، الرادع العام لكل الأطراف، والذي يحدد المسموح به وغير المسموح به.لذا جاء الانقلاب العسكري، قبل أن يبنى الرأي العام، وتتشكل الإرادة الشعبية الحرة، وقامت وسائل إعلام الانقلاب، بتشويه الوعي العام، حتى لا يرى الحقيقة؛ لذا فلا يمكن ردع أي عملية انقلاب عسكري مستقبلية، بدون وجود ردع شعبي، يمنع تكرار حدوثه. ولا يمكن منع انخراط مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء في العملية السياسية، إلا بوجود ردع شعبي. مما يجعل حركة مناهضة الانقلاب، تمثل حركة لبناء ردع شعبي، يحمي الثورة ويحمي الديمقراطية. وعندما يبدأ رأي عام في التشكل، قادر على حماية الثورة والديمقراطية، وحماية حق المجتمع في اختيار هوية الدولة ومرجعية النظام السياسي، وحماية حق المجتمع في اختيار من يحكمه ومن يمثله، يكون الانقلاب العسكري قد فشل.
وهذا هو رابط دراسة "هل هو الانقلاب الأخير؟ استراتيجية الردع الشعبي " ل د. رفيق حبيب كاملة:
http://www.scribd.com/doc/169989324/%D9%87%D9%84-%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.