«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في دراسة بعنوان

*الديمقراطيات العربية الناشئة تتعرض لتآمر دولي وإقليمي يجعل التدخل العسكري بلا كابح يوقفه إلا الردع الشعبي
خلص د. رفيق حبيب، الكاتب والمفكر، في دراسة حديثة له صدرت في نهاية سبتمبر 2013 عنوانها "هل هو الانقلاب الأخير؟ إستراتيجية الردع الشعبي " إلى أن المناهضة الشعبية للانقلاب، هي فقط التي سوف تقنع قادة الانقلاب أن الانقلاب قد فشل، وعليهم البحث عن إجراءات لإنهاء الانقلاب العسكري، والعودة لمسار الثورة والتحول الديمقراطي، وانتصار عامة الناس في هذه المعركة، يمثل انتصارا مهما للثورة، وللربيع العربي، بل ويمثل انتصارا حاسما يحمي مسار الثورة بعد ذلك.
وتشير الدراسة أن القضية لا تتعلق بجماهير فصيل بعينه، بل تتعلق أساسا بأغلبية المجتمع الكاسحة، فأغلبية المجتمع ضد الحكم العسكري، ومع الانتخابات الحرة النزيهة، وإن لم تكن أغلبية المجتمع مع الحرية، فلا معنى للثورة أساسا، ولا معنى للتحول الديمقراطي أيضا. وعندما يكتشف من أيد الانقلاب العسكري، أنه أيد عودة الدولة البوليسية، وتنازل عن حقه في الاختيار الحر، وتنازل عن صندوق الاقتراع النزيه والحر، سوف يفقد الانقلاب أغلب من أيده، ولن تبقى إلا فئة قليلة، تريد حكما علمانيا عسكريا.
وتضيف انه حتى يفيق الوعي العام، يجب إخراجه من مصيدة إعلام الانقلاب، وهي مهمة صعبة، ولكنها ضرورية، حتى يتشكل الردع الشعبي الضروري، لحماية الثورة و العملية الديمقراطية. وإذا كان الانقلاب العسكري، قد حدث بسبب غياب الردع الشعبي، فهو ينتهي عندما يتشكل الردع الشعبي. وتستعاد الثقة في عملية التحول الديمقراطي، لوجود ردع شعبي، يمنع الخروج على قواعد العملية السياسية مرة أخرى؛ عندئذ يمكن العودة مرة أخرى، إلى عملية سياسية، تقوم على قواعد صحيحة، ويلتزم بها الجميع.
وكشف "حبيب" أن الانقلاب العسكري أدى إلى العديد من الأزمات السياسية، رغم أنه تم تبريره، بأنه حل للأزمة السياسية الحادثة قبله وتعد أشد خطورة من أي أزمة سياسية سابقة عليه؛ بل أنها ستلقي بظلالها وآثارها على العملية السياسية في مصر، لعدة سنوات قادمة.
وفيما يلي عرض لأهم القضايا التي تضمنتها الدراسة:
هل يتكرر الانقلاب؟
وتحت عنوان "هل يتكرر الانقلاب؟" قال حبيب إن أول مشكلة تسبب فيها الانقلاب العسكري، أنه فتح الباب أمام تدخل القوات المسلحة في العملية السياسية لتقنين الدور السياسي للقوات المسلحة، ففي ظل دستور لا يعطي أي دور سياسي للقوات المسلحة، قام قادة القوات المسلحة بانقلاب عسكري، ويظل احتمال تكرار الانقلابات العسكرية في المستقبل قائما، خاصة لعدم وجود أي ضمانات، تمنع من تكرار الانقلاب على الشرعية.خاصة وأن تصريحات قائد الانقلاب العسكري، تكشف أن القوات المسلحة حاولت التدخل في العملية السياسية، والضغط على الرئيس محمد مرسي، لفرض تصوراتها، ولكنها فشلت، وقد يكون هذا سببا مهما للانقلاب العسكري.
هل يتكرر الخروج الشعبي؟
أزمة أخرى تسبب فيها الانقلاب العسكري برأي "حبيب" أنه فتح الباب أمام ممارسة سياسية شعبية مباشرة، بلا أي قواعد. فإذا كانت قطاعات من المجتمع قد خرجت تريد تغيير الرئيس، فمن الممكن أن تخرج أيضا قطاعات من المجتمع تعارض أي رئيس منتخب. ولن يكون هناك رئيس يحظى بإجماع المجتمع، وكل رئيس سوف ينتخب من أغلبية في المجتمع، وستكون قطاعات أخرى كبيرة معارضة له، أو لم تنتخبه. مما يعني، أننا أمام أزمة في العلاقة بين القوات المسلحة والمجتمع، نتجت من دعم القوات المسلحة لعملية الاحتكام للشارع، لأن هذا الدعم إن تكرر، تكون الأزمة أكبر، وإن لم يتكرر تستمر الأزمة بلا حل.
هل يعود الصندوق أصلا؟
ترى الدراسة أنه بعد أي انقلاب عسكري، لا يتوقع عودة صندوق الانتخاب الحر والنزيه، إلا إذا أُفشل الانقلاب العسكري، فالانقلابات العسكرية لا تجلب الديمقراطية والحرية، بل هي التي تجلب الاستبداد السياسي، وتؤدي إلى فقدان الثقة في إجراء أي انتخابات حرة ونزيهة. ولا توجد أي ضمانات، تسمح بالدخول في عملية سياسية جديدة، أو خارطة طريق جديدة.
هل يحقق الصندوق أهداف الانقلاب؟
لأن هدف الانقلاب، في الحد الأدنى، هو عسكرة وعلمنة الدولة، فإن تحقيق ذلك من خلال استفتاء على تعديلات دستورية، يتم بنزاهة وحرية، يعد احتمالا ضعيفا. مما يعني، أن قادة الانقلاب سوف يواجهون فشلا، يضطرهم إلى الانقلاب مرة أخرى، فالانقلاب يخشى من أي عملية سياسية حرة، حتى لا تفشل أهدافه، وحتى لا تنتج أوضاعا سياسية جديدة، تؤدي إلى محاسبة من قام بالانقلاب.
التدخل الخارجي
ويرى "حبيب" أن الانقلاب العسكري تسبب في أزمة كبرى، لأنه فتح الباب بشكل غير مسبوق للتدخل الخارجي؛ فالانقلاب العسكري أساسا، كان قرارا إقليميا وغربيا، ولم يكن قرارا داخليا فقط. وبهذا أصبح مسار الانقلاب يتحدد بقرار خارجي، وليس قرارا داخليا فقط، وهو ما فتح الباب أمام إدارة خارجية مباشرة للشأن السياسي المصري، كما أن الانقلاب تسبب في تأزيم الموقف الداخلي، بصورة تهدد حتى مصالح القوى الخارجية التي شاركت في الانقلاب، وفي اتخاذ قرار الانقلاب العسكري.فأصبحت الإدارة الأمريكية، والتي تمثل الغطاء الدولي الأساسي للانقلاب العسكري، هي أكثر الأطراف التي تورطت بسبب الانقلاب، لأن ما يحدث بعد الانقلاب، يهدد مصالحها، ويهدد استقرار مصر، واستقرار المنطقة كلها.
أزمة الثقة
إن القول بأن الانقلاب العسكري، تسبب في أزمة ثقة عميقة، سواءً بين القوى السياسية، أو بين مكونات المجتمع، أو بين قوى سياسية وقيادة القوات المسلحة، هو قول صحيح، والأبعد من ذلك هدم قواعد العملية السياسية، وأصبح الوضع لا تحكمه أي قواعد، ما يعني ضمنا، أن أي توافق سياسي، أو حل سياسي، يمكن التوصل له، لن تتوفر له الثقة المتبادلة، التي ترعى تنفيذ الاتفاق.وبدون القدرة على بناء الثقة، لا يمكن أن يبدأ أي حوار سياسي جاد.
ردع الانقلابات العسكرية
تساءل "حبيب" لماذا لا تحدث انقلابات عسكرية؟ مجيبا بأنه العامل الخارجي، فالقاعدة الأساسية، التي تستخدم لكبح الانقلابات العسكرية في الدول الحديثة العهد بالديمقراطية، هي الرفض الدولي، وعدم الاعتراف بالحكومات التي تأتي بانقلابات عسكرية.
وفي الحالة المصرية، حدث انقلاب عسكري، بدعم خارجي، وباعتراف خارجي عملي؛ فمصر بعد الانقلاب ليست محاصرة إقليميا ودوليا، بل على العكس من ذلك، فمصر في عهد أول رئيس مدني منتخب، كانت محاصرة إقليميا ودوليا، ثم بعد الانقلاب العسكري، تم فك الحصار الإقليمي أولا، استعدادا لفك الحصار الدولي، ومعنى هذا أننا نواجه مشكلة مزدوجة، والكابح الدولي للانقلابات العسكرية مهم، لأن بدونه يصبح الكابح الوحيد المتبقي أمام الانقلابات هو رد الفعل الشعبي، وفي حالة دول الربيع العربي، تتعرض الديمقراطية لتآمر دولي وإقليمي، مما يجعل التدخل العسكري بلا كابح يوقفه، بل وتجعل له سندا دوليا وإقليميا.
حزب الدولة العميقة
وتحت عنوان "حزب الدولة العميقة" رصد "حبيب" أنه منذ بداية الثورة، وهي تواجه عمليات إجهاض مستمرة من الدولة العميقة، التي تمثل النظام السابق، الذي قامت الثورة ضده، ومشكلة تلك الدولة العميقة أنها ترتكز أساسا على المؤسسات المركزية للدولة، وهي الجيش والقضاء والشرطة؛ مما يعني، أن المؤسسات التي تملك السلاح والسلطة تقف في وجه الثورة وتقف مع النظام السابق وضد الديمقراطية.
وبعد انتخاب أول رئيس مدني في مصر، وقفت عمليا أجهزة الدولة العميقة المركزية، ضد الرئيس المنتخب، بل وشاركت في عملية الانقلاب على الديمقراطية والثورة، وبعد عدة محاولات فاشلة جاء الانقلاب العسكري، ليؤسس لدولة بوليسية قمعية بمشاركة أجهزة الدولة المركزية، وهي الجيش والشرطة والقضاء.
ولهذا، فإن الانقلاب العسكري فجر واقعيا أزمة، تهدد كيان الدولة، فإذا كانت مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء، مع فريق من المجتمع ضد فريق آخر، ومع الثورة المضادة ضد الثورة، وتجد دعما من قوى إقليمية ودولية، وتنفذ سياسات دولية وإقليمية؛ تصبح هذه المؤسسات ليست ملكا للمجتمع، ولا تقوم بوظيفتها الأساسية، ولم تعد ملاذا أمنا لكل الوطن، بل أصبحت ملاذا أمنا لجزء من الوطن، ضد جزء آخر منه.
الصراعات السياسية
واعتبر "حبيب" تدخل مؤسسات مركزية في الدولة، وكأنها حزب الدولة العميقة، الذي يجهض العملية السياسية، حتى ينفرد بالحكم، يمثل مشكلة أساسية لبنية الدولة نفسها، والتي تتحول إلى طرف في الخصومة السياسية، وتفقد دورها وتفقد بالتالي مكانتها، ومن الصعب استعادة الثقة في المؤسسات المنخرطة في الانقلاب على الشرعية، ولا توجد أدوات تساعد على استعادة الثقة فيها والمشكلة الأكبر،أنه إذا كانت الخصومات والصراعات السياسية تنتهي بالحوار أو التفاوض، فإن التفاوض مع مؤسسات مثل الجيش والشرطة والقضاء، ليس صعبا فقط، بل وليس له معنى أيضا، لأنها مؤسسات غير سياسية، ويفترض أن تقوم بدورها بحياد ونزاهة.
القضاء والعدالة
تمثل مشكلة انخراط القضاء في العملية السياسية، واحدة من المشكلات الخطرة على المجتمع، فإذا أصبح القضاء طرفا في صراع سياسي، وبالتالي أصبح ينصر طرفا على آخر، من خلال أحكام قضائية، فقد المجتمع الملاذ الأخير للعدالة، وهو ما يشيع حالة من الفوضى الحقيقية في المجتمع. لأن تدخل القضاء في السياسة، يفقده مصداقيته، كما إن انخراط القضاء في العملية السياسية، مع انخراط الشرطة والجيش، يعني أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، غير ممكن أصلا. مما يعني، أن المجتمع لم يعد لديه مؤسسات تتوفر فيها الحيادية السياسية، حتى تكون هي أدوات إجراء الانتخابات، وأدوات إقامة العدل والأمن.
وإذا كان الانقلاب العسكري، قد عمق النزاع الأهلي، فإنه أيضا عمق نزاعا أهليا مع مؤسسات الدولة؛ لذا فإن الدولة كلها تتعرض للخطر، بل أن وظيفة الدولة تفقد أساسا، بعد أن أصبحت حزبا سياسيا، يسيطر على السلطة، من خلال انقلاب عسكري... وإذا كان الجيش يمارس سلطة بحكم السلاح، والشرطة تمارس سلطة بحكم السلاح الأمني، والقضاء يمارس سلطة بالأحكام القضائية؛ وبهذا يصبح المنتخب بلا سلطة حقيقية، بعد أن يصبح الحزب الحاكم الوحيد، هو حزب الدولة العميقة.
إعلام الدولة العميقة
وسائل إعلام الانقلاب، وهي أيضا وسائل إعلام الثورة المضادة، والتي تعادي الديمقراطية والثورة أساسا، أصبحت عمليا منخرطة في إشعال حالة النزاع الأهلي، وعلى مدار الساعة، وكأنها أبواق لإشعال فتنة في مصر، وتستخدم أدواتها من أجل إشعال النزاع السياسي وتحويله إلى نزاع أهلي.
ومن الواضح، أن استراتيجية إعلام الانقلاب تقسيم المجتمع وإضعافه، ونشر النزاعات الأهلية، وتوسيع دائرة الكراهية المجتمعية، ونشر حالة من العنف اللفظي والبدني، وتوسيع حالة الانقسام المجتمعي، حتى يصبح المجتمع في حالة ضعف، تضعف قدرته على حماية الديمقراطية وحماية الثورة.
كما إن وسائل إعلام الانقلاب، تقوم بنشر الشائعات والمغالطات والأكاذيب، في محاولة لتغييب الوعي العام بالكامل، كما تقوم بتشويه الخصم السياسي، بأساليب النظم المستبدة الفاشية وزرع حالة من التعصب القومي، وكأن الفصائل السياسية في مصر، تنتمي لأعراق مختلفة، وإعلام الانقلاب صنع صورة الثورة المصنعة، وهي التي أخرجت فيلم الثورة الجديدة، وهي التي زيفت كل الصورة، حتى تسيطر على وعي عامة الناس.
متى ينتهي الانقلاب؟
ويرى "حبيب" أنه عندما يفشل قادة الانقلاب في تحقيق كل أهدافهم الحقيقية، وليس فقط جزءا منها، يكون الانقلاب قد فشل، فهو يستهدف أولا، استعادة الدولة البوليسية، ثم عسكرة وعلمنة الدولة، أي إجهاض الثورة التي تحرر الإرادة الشعبية، وإجهاض التحول الديمقراطي.
كيف تستعاد الثقة؟
وخلص "حبيب" إلى حقيقة أنه في كل الأحوال، لا يمكن انتهاء الانقلاب العسكري، إلا بعد التوصل إلى طريقة تضمن عدم تكراره وعدم انخراط مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء في العملية السياسية مرة أخرى، والتوصل لطريقة تدفع هذه المؤسسات إلى الالتزام بالمهنية والحياد السياسي الكامل، والخروج من دائرة النزاعات السياسية بكل أشكالها، ولا يمكن إنهاء الانقلاب العسكري، بدون إخراج الدولة العميقة من العملية السياسية، وإنهاء وجود دولة عميقة غير رسمية، تسخر أجهزة الدولة لخدمة النظام السابق، وضد الثورة والتحول الديمقراطي.
حركة مناهضة الانقلاب
تلك الحركة التي يقوم بها أنصار الشرعية، تحت عنوان رفض الانقلاب واستكمال الثورة، تمثل الحل الحقيقي لإنهاء الانقلاب العسكري. فهذه الحركة تستعيد الرأي العام للمشهد مرة أخرى، وتقاوم عملية تغييب الرأي العام، وتكافح من أجل إيقاظ الرأي العام، كما تناضل من أجل إحداث إفاقة مجتمعية.وهي بهذا، تمثل الوسيلة المهمة، حتى يتم بناء الردع الشعبي، المتمثل في الرأي العام. فبعد الثورة، وحتى وقوع الانقلاب، لم تملك مصر الثورة، رأيا عاما، يمثل رادعا شعبيا، يحدد المصلحة العامة، التي لا يستطيع أحد تجاوزها.
الردع الشعبي
وأوضح "حبيب" أن الردع الشعبي، يحتاج لوقت لبنائه، لذا كانت عملية التحول الديمقراطي، تبني الرأي العام تدريجيا، حتى يكتمل بناءه، ويصل لمرحلة يصبح فيها، الرادع العام لكل الأطراف، والذي يحدد المسموح به وغير المسموح به.لذا جاء الانقلاب العسكري، قبل أن يبنى الرأي العام، وتتشكل الإرادة الشعبية الحرة، وقامت وسائل إعلام الانقلاب، بتشويه الوعي العام، حتى لا يرى الحقيقة؛ لذا فلا يمكن ردع أي عملية انقلاب عسكري مستقبلية، بدون وجود ردع شعبي، يمنع تكرار حدوثه. ولا يمكن منع انخراط مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء في العملية السياسية، إلا بوجود ردع شعبي. مما يجعل حركة مناهضة الانقلاب، تمثل حركة لبناء ردع شعبي، يحمي الثورة ويحمي الديمقراطية. وعندما يبدأ رأي عام في التشكل، قادر على حماية الثورة والديمقراطية، وحماية حق المجتمع في اختيار هوية الدولة ومرجعية النظام السياسي، وحماية حق المجتمع في اختيار من يحكمه ومن يمثله، يكون الانقلاب العسكري قد فشل.
وهذا هو رابط دراسة "هل هو الانقلاب الأخير؟ استراتيجية الردع الشعبي " ل د. رفيق حبيب كاملة:
http://www.scribd.com/doc/169989324/%D9%87%D9%84-%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.