على خُطى رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، في 03 يوليو 2013م، تضمن بيان رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان، اللواء عبد الفتاح البرهان، 4 قرارات خطيرة تؤكد إصرار العسكر على الاستبداد بالسلطة وإقصاء أي تكوين مدني منها خلال المرحلة الانتقالية. وفجر الثلاثاء ألقى البرهان خطابًا انقلابيًّا، أكد فيه أن المجلس قرر أولًا: تشكيل حكومة تسيير أعمال. ثانيا: وقف التفاوض مع قوى الحرية والتغيير. ثالثا: إلغاء الاتفاقات السابقة التي أُبرمت مع قوى الحرية والتغيير. رابعا: تنظيم انتخابات عامة خلال تسعة أشهر تحت إشراف دولي. ويأتي بيان المجلس العسكري في أعقاب فض اعتصام القيادة العامة ومقتل 35 شخصًا على أيدي القوات الأمنية، واتهم البرهان قوى التغيير بمحاولة إقصاء القوى السياسية والقوى العسكرية، والانفراد بحكم السودان “لاستنساخ نظام شمولي آخر يُفرض فيه رأي واحد يفتقر للتوافق والتفويض الشعبي والرضا العام”، مدعيا أن المجلس العسكري ليس لديه رغبة في السلطة، مضيفا “ليس من حق القوات المسلحة والدعم السريع والقوات النظامية حكم السودان”!. وحول دور حكومة تسيير الأعمال، أوضح البرهان أن المجلس قرر تشكيل حكومة تسيير أعمال مهمتها تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات عامة خلال 9 أشهر، ومحاسبة واجتثاث كل رموز النظام السابق، وتحقيق السلام وعودة النازحين. ويرجح أن تتشكل هذه الحكومة من عناصر موالية للمجلس العسكري على غرار حكومات ما بعد ثورة يناير بمصر، وعلى شاكلة المستشار “عدلي منصور” الذي اختاره العسكر ليكون رئيسًا صوريًّا في أعقاب انقلاب 03 يوليو 2013م. وتعهد البرهان بتسليم السلطة لمن اختاره الشعب، وأنه لن يقف عثرة أمام رغبات الثوار في التوصل إلى نظام ديمقراطي. كما تعهد رئيس المجلس العسكري بالتحقيق فيما سماها عملية تنظيف شارع النيل، وشدد على أن أبواب المجلس ستبقى مفتوحة لسماع الصوت الوطني. دعوات للعصيان المدني وردًّا على خطاب رئيس المجلس العسكري، قال تجمع المهنيين السودانيين، في بيان له، إن “تجدد الخطاب الانقلابي سيشعل أوار الثورة من جديد”. وأضاف أن “النظام القديم المتجدد يحاول رسم سيناريو مسرحية كاذبة عبر شاشات التلفاز، ولكنه لا يعلم أنها مسرحية حُرقت فصولها واستبان عوارها قبل رفع الستار عنها، وما مخطط إعلان الانتخابات والتنصل عن الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير وإعلان تشكيل حكومة إلا هزال بعضه فوق بعض”. وأوضح التجمع أن “الإضراب السياسي متواصل والعصيان المدني الشامل مستمر حتى إسقاط النظام”، وأضاف أن “تظاهراتنا ستتواصل مع إغلاق الطرق الرئيسية والكباري وتعطيل السلطة الغاشمة ونزع شرعيتها وسلطانها في القطاعين العام والخاص”. وحول تطورات مذبحة فض الاعتصام، قالت لجنة أطباء السودان المركزية المقربة من المحتجين، إن عدد القتلى “برصاص المجلس العسكري” ارتفع إلى ما يزيد على 35 قتيلا، بالإضافة إلى سقوط المئات من الجرحى والإصابات الحرجة. إلى ذلك، لا تزال الصدمة تخيم على الشارع السوداني بعد فض الاعتصام المستمر منذ نحو شهرين قبالة مقر القيادة العامة للجيش. وأظهرت الصور التي بثت من داخل منطقة فض الاعتصام أن المعتصمين ظلوا متمسكين بشعار السلمية حتى اللحظة الأخيرة، وسط العنف والنيران التي تلاحقهم من كل جانب ورغم مقتل وإصابة الكثير منهم. وردًّا على فض الاعتصام وسقوط القتلى والجرحى، أعلنت قوى التغيير عن وقف التفاوض مع المجلس العسكري والدخول في عصيان مدني. وأكدت أن منطقة الاعتصام لا تضم الآن إلا أجساد القتلى الذين لم يتسن إجلاؤهم. وتعهدت قوى التغيير- التي تقود الحركة الاحتجاجية في السودان- بتقديم قادة المجلس العسكري لمحاكمات أمام قضاء عادل ونزيه في “سودان الثورة”، وقالت إنهم يتحملون مسئولية إراقة الدماء. ودعا تجمع المهنيين السودانيين المواطنين للاحتشاد، اليوم الثلاثاء، في ميادين الأحياء لأداء صلاة العيد وصلاة الغائب على “أرواح شهداء فض الاعتصام”. كما دعا إلى تسيير المواكب بعد صلاة العيد وإغلاق الطرق وشل الحياة العامة والمؤسسات الحيوية. وكان الجيش قد أطاح بالرئيس عمر البشير، في 11 إبريل الماضي، وشكل مجلسًا عسكريًّا لإدارة مرحلة انتقالية، لكنَّ المحتجين واصلوا الاعتصام رفضًا لتولّي الجنرالات الحكم، وأصروا على تسليم السلطة إلى المدنيين.