بينما تستعد لجنة هدم الدستور الانقلابية لشطب الحزب نهائيا سبقتها جحافل "هولاكو" إلى مقر الجريدة، فعاثت فيه تخريبا ونهبت كل محتوياته، وتركته قاعا صفصفا، ثم شمعته بالشمع الأحمر! وتشميع مكان بالشمع الأحمر المفترض أن يتم بعد حكم قضائى يقضى بذلك، أما وقد أصبح "هولاكو" وجنوده هم القانون والقوة والدولة بكل أركانها، فقد أصدروا حكمهم دون حاجة لقضاء، فقاموا بالمهام الثلاثة معا: القضاء والشرطة والبلطجة، وكل يحمى كله! لم أسمع أن شرطة فى العالم تداهم مكانا وتسرق كل محتوياته ثم تشمعه بالشمع الأحمر إلا فى حماية الطواغيت. إن الشمع الأحمر الملصوق على أبواب صحيفة "الحرية والعدالة" الناطقة باسم حزب "الحرية والعدالة" أكبر الأحزاب السياسية فى مصر، وأكثرها حصولا على أصوات الناخبين المصريين فى كل الانتخابات التى نظمها وأشرف عليها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يظل دليل إثبات وإدانة لحالة البطش والفوضى والبلطجة التى تمارسها جحافل الانقلاب، ويظل دليلا على وأد دولة القانون، كما يظل هذا الشمع الأحمر دليلا على مذبحة جديدة لحرية الصحافة وحرية التعبير التى يسابق الانقلابيون الزمن فى مسحها من الوجود بالنسبة للتيار الإسلامى، وفى القلب منه الإخوان المسلمون. كم من الوقت والجهد والأموال تتكبدها مصر لتجريد تلك الحملة الشنيعة لتغييب جماعة الإخوان وكل متعلقاتها من الوجود! وكم تتكبد خزينة الدولة من أموال لمحاولة القضاء على جماعة تحوز ثقة ورضا وتعلق غالبية الشعب المصري! ومن يصدق أكذوبة الإرهاب التى يطلقونها على تلك الجماعة! ألم يتقاطروا بالأمس القريب على مقرها، وتسابقوا لمصافحة مرشدها، وهرولوا للقاء قادتها، وجاء منها الرئيس ورئيس مجلس الشعب باختيار الشعب المصرى؟! ثم انقلب الأمر بين عشية وضحاها! باتوا مجرمين وإرهابيين يستحقون القتل والحرق والفرم فى "رابعة"!! إن إبليس يستحى من فعالكم؟!. الغريب فى واقعة الهجمة على جريدة "الحرية والعدالة" هو موقف نقيب الصحفيين ضياء رشوان، فقد تفضل الرجل بزيارة مقر جريدة "الحرية والعدالة"، وشاهد الشمع الأحمر، وبهذا يكون قد أثبت موقفه المتضامن مع الجريدة، وعرض على إدارة الجريدة العمل من داخل نقابة الصحفيين، ولكنه لم ينطق بكلمة واحدة تدين ما جرى. فقط ما تفضل به هو التطوع بالقول إن مقر الجريدة ليس مقرا رسميا، وإنما شقق باسم الدكتور سعد الكتاتنى، وأن الجريدة مديونة للأهرام ب 8 ملايين جنيه! طيب، حتى لو سلمنا بهذا، ألا يستحق الفعل نفسه إدانة من نقيب الصحفيين - نقابة الرأى والدفاع عن المجتمع - حتى ولو كان ضد محل كشرى؟! ثم لماذا تدين يا سيادة النقيب وقد تعاميتم وخرستم عن أبشع مجزرة شهدها التاريخ الإنسانى فى رابعة والنهضة! هل من المعقول أن تدين اقتحام جريدة وتتخذ موقفا يحسب لك حتى ولو كانت جريدة خصمك الأيديولوجى اللدود؟! لم نسمع من سيادة النقيب أنه سيتخذ إجراءات نقابية ولا قانونية، ولم يعقد مجلس النقابة اجتماعا لبحث مع ما جرى، بعكس الضجة التى فجرها رجال جبهة الإنقاذ فى النقابة والنقيب منهم، عندما تعرض مقرا صحيفتى الوفد والوطن لمحاولة اعتداء - مدانة بالطبع - خلال حكم الرئيس محمد مرسى، وذلك لأنهما من صحف جبهة الإنقاذ، ونفس الأمر فعله النقيب مع استشهاد مصور الجريدة أحمد عاصم يرحمه الله، فقد أبرأ الرجل ذمته بالحضور لمشرحة زينهم، واحتفظ بمكالمة شكر من أهل أحمد عاصم لتكون دليلا على اهتمامه بقضيته. ولكن ماذا فعل بعد مشرحة زينهم؟ لا شىء! وضاعت القضية، بينما مازالت قضية الحسينى أبو ضيف يرحمه الله ساخنة، ورغم أنه استشهد بين شهداء الإخوان عند الاتحادية إلا أنهم يتهمون الإخوان بقتله!!. نحتاج نقيبا قويا يجمع كل الصحفيين حوله، ويدافع عن المهنة وحقوق الصحفيين جميعا، نقيبا لكل الصحفيين وليس لصحفيى جبهة الانقلاب، نقيبا يمتلك من الهمة والجسارة ما يؤهله لقيادة صحفيى مصر للتصدى لجرافة العسكر التى لن تتوقف عن الدوران حتى تفرم كل من يقف طريقها أو تلقى به فى غياهب النسيان. ولو أنصف ضياء رشوان نفسه وأنصف مهنته ونقابته لبادر بالدعوة لانتخابات نقابية مبكرة. ألم يطالب مرسى بذلك من قبل؟ ولو فعل لحفر لنفسه موقفا مشرفا فى سجل تاريخ النقابة. ______________________ كاتب مصرى – مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية