في الوقت الذي يدفع فيه الشعب الليبي ثمن مؤامرات تحالف الشر (مصر- السعودية- الإمارات) بسبب دعمه لخليفة حفتر، قائد قوات الانقلاب على الثورة الليبية والشرعية المعترف بها دوليًّا، أظهرت أحدث بيانات للأمم المتحدة أن المعارك الدائرة منذ أسبوع أسفرت عن مقتل 75 شخصًا، بينهم 17 مدنيًّا وإصابة 323 شخصًا، ونزوح نحو 9500 شخص عن ديارهم. وقال مفوض الأممالمتحدة لشئون اللاجئين فيليبو جراندي، أمس الجمعة، إن نحو 1500 لاجئ ومهاجر محاصرون في مراكز احتجاز بسبب الصراع الليبي، وإن المخاطر التي تهدد حياتهم تزداد ساعة بعد ساعة، داعيا إلى إجلائهم على وجه السرعة. وكشفت تقارير عدد من الصحف الأجنبية عن تمويل هذه الحملة العسكرية البربرية التي يقودها حفتر من قبل السعودية والإمارات، حيث أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن السعودية تعهدت بتمويل هجوم خليفة حفتر على العاصمة طرابلس. تخطيط فرنسي نفس المعلومة أكدتها صحيفة إيطالية، وزادت عليها أن العملية من تخطيط فرنسي، بعد زيارة قام بها مبعوثون من قبل حفتر إلى فرنسا بهدف الحصول على الموافقة على الهجوم. ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسئولين سعوديين، أن الرياض تعهدت بدفع ملايين الدولارات لحفتر من أجل تمويل عمليته العسكرية لاستعادة العاصمة طرابلس. وأضافت أن حفتر قبل العرض السعودي الذي تلقاه خلال زيارته للرياض، في 27 مارس الماضي، حيث اجتمع مع ملك السعودية وولي عهده، إضافة إلى وزير الداخلية ورئيس المخابرات. وقالت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، إن الزيارة التي قام بها مبعوثون من قبل خليفة حفتر إلى باريس تهدف إلى الحصول على موافقة الإليزيه على الهجوم الذي تشنه قواته على العاصمة طرابلس، مشيرة إلى أن الزيارة كانت على متن طائرة من طراز “فالكون” بعد ساعات من بدء الهجوم على طرابلس في 4 أبريل الجاري. وأشارت إلى أنها استقت معلوماتها من خلال متابعة مسار الطائرة عبر موقع “فلايت رادار” الذي يتتبع حركة الطائرات المدنية والتجارية حول العالم، وأضافت أنها تلقت لاحقًا تأكيدات بشأن الزيارة من مصدر دبلوماسي- لم تسمه- في الإليزيه. وأوضحت الصحيفة أن مبعوثي حفتر كانوا في باريس بعد ساعات قليلة من الإعلان عن بدء الهجوم على طرابلس، وأن طائرتهم غادرت مطار أورلي قبل فجر الجمعة متجهة إلى مدينة بنغازي، وقالت إن صدام نجل حفتر كان ضمن الوفد الزائر. وحسب الصحيفة، فإن الوفد زار الإثنين الماضي على متن نفس الطائرة، العاصمة الإيطالية روما لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء جوزيبي كونتي، بشأن هدنة محتملة في طرابلس. نزوح الآلاف ودعت الأممالمتحدة إلى وقف إطلاق النار في ليبيا، للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، وتمكين السكان المدنيين من مغادرة مناطق القتال. كانت قوات حفتر قد نفذت غارات جوية على مواقع عدة، من بينها مطار “معيتيقة”، في حين قصف سلاح الجو التابع لحكومة الوفاق قاعدة “الوطية” (غربي ليبيا) التي تسيطر عليها قوات حفتر. يأتي ذلك في اليوم التاسع للهجوم الذي تشنه قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: إن هناك زيادة في وتيرة الأعمال القتالية، خاصة القصف المدفعي، وإن هذا التصعيد يحول دون مغادرة السكان المدنيين مناطق القتال. وأضاف دوجاريك “ما زلنا موجودين على الأرض، ونتواصل مع الأطراف ونناشدها أن توافق على الأقل على هدنة مؤقتة تسمح للسكان بالمغادرة بسلام”. وبشأن الدعم السعودي للعملية العسكرية التي يقودها حفتر قرب العاصمة الليبية، قال المتحدث إن الجميع يطلع على التقارير الصحفية بهذا الشأن. الوضع الميداني في غضون ذلك، قالت قوات عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا أمس، إنها تمكنت من إجبار قوات حفتر على التراجع من نقاط ومواقع عدة في محاور وادي الربيع وعين زارة جنوبي العاصمة طرابلس. وأوضحت أن طائرة تابعة لقوات حفتر شنت غارات جوية على مواقع قوات بركان الغضب في وادي الربيع لتغطية انسحاب قوات حفتر من هذا المحور، ما أدى إلى مقتل جنديين من قوات الوفاق وإصابة آخر. في الوقت نفسه، أفادت وكالة رويترز للأنباء أن طائرة تابعة لقوات حفتر هاجمت مطار معيتيقة، وهو المطار الوحيد العامل بشكل جزئي في طرابلس. وأضافت الوكالة أن المدافع المضادة للطائرات تصدت للهجوم. من ناحية أخرى، أعلن سلاح الجو التابع لحكومة الوفاق التي تسيطر على طرابلس شن غارة على قاعدة الوطية (نحو 130 كلم جنوب غرب طرابلس)، وهي القاعدة الجوية الوحيدة التي يسيطر عليها حفتر في الغرب الليبي. من جهتها، زعمت قوات حفتر مواصلة تقدمها نحو طرابلس تحت غطاء جوي، وقال أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات حفتر: إن هناك إصرارا لدى هذه القوات على دخول العاصمة طرابلس. مظاهرات شعبية وتظاهر آلاف الليبيين بالعاصمة طرابلس ومدينة مصراتة في مظاهرات حاشدة مناهضة للعملية العسكرية التي أطلقها خليفة حفتر، وترفع هذه المظاهرات شعارات ضد الهجوم على طرابلس وتبعاته الإنسانية والميدانية والسياسية. وأيد المتظاهرون قوات عملية “بركان الغضب”، التابعة لحكومة الوفاق الوطني، التي تخوض حربا للتصدي لقوات اللواء المتقاعد على طرابلس ومحيطها. وجاءت المظاهرة بدعوة من مؤسسات المجتمع المدني؛ تنديدا بهجوم قوات حفتر ورفضا لإدخال العاصمة في حرب. وفي 4 أبريل الجاري أطلق حفتر عملية عسكرية للسيطرة على طرابلس، في خطوة أثارت استنكارا دوليا واسعا. وجاءت الخطوة قبيل انعقاد مؤتمر للحوار الذى كان مقررا الأحد المقبل، وذلك ضمن خريطة طريق أممية لمعالجة النزاع في البلد العربي الغني بالنفط، قبل أن يتم تأجيله لأجل غير مسمى.