تسبب تأخر الجيش السوداني في إصدار بيانه المرتقب حول الإطاحة بالرئيس عمر البشير وتولي المجلس العسكري قيادة البلاد في كثير من التكهنات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التأخير الذي امتد لعدة ساعات، رغم أن التلفزيون الرسمي أعلن في وقت مبكر فجر اليوم عنه بعد قليل. وبحسب صحيفة “العربي الجديد” التي تصدر من لندن، فإن مصادر مطلعة على تطورات الأحداث، كشفت عن تباين في صفوف قيادة الجيش السوداني حول من سيتولّى قيادة مجلس عسكري انتقالي؛ يفترض تشكيله لتولي السلطة خلال الفترة المقبلة. ووفقًا للمصادر فإنّ الخلاف يدور حول اثنين من القيادات؛ هما النائب الأول عوض بن عوف، ورئيس هيئة الأركان السابق الفريق عماد الدين عدوي، ويُعدّ هذا الخلاف المعضلة الأكبر التي أخّرت صدور البيان الذي وعدت به القوات المسلحة. وأوضحت المصادر أنّ الرئيس عمر البشير لا يزال موجودًا بمكان إقامته داخل مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، في العاصمة الخرطوم. وقال التلفزيون السوداني الرسمي، في وقت مبكر من صباح اليوم الخميس: إنّ القوات المسلحة ستذيع “بيانًا هامًّا” بعد قليل، فيما بدأت الإذاعة الحكومية بث المارشات العسكرية والأغاني الوطنية. وبحسب المصادر فإنّ ضباطًا سيتسلّمون أمور السلطة في السودان، في وقت تشهد شوارع الخرطوم الرئيسية، ولا سيما عند الجسور، انتشارًا كثيفًا لقوات الجيش. ولا تزال الأنباء تتضارب عمّا يجري من تحرّك عسكري، وما إذا كان انقلابًا أم قرارًا من الرئيس البشير، بالتنحّي عن السلطة وتسليمها للجيش. اعتقالات بحزب البشير وقالت مواقع إلكترونية سودانية، اليوم الخميس: إنّ عددًا من رموز حزب “المؤتمر الوطني” الحاكم جرى اعتقالهم بوساطة قوة من الجيش السوداني، وتم اقتيادهم من منازلهم إلى مكان مجهول. وبحسب المواقع، فإنّ أبرز الموقوفين هم النائب السابق لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد، ومساعد الرئيس الأسبق نافع علي نافع، ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين، وأحمد هارون الرئيس المفوض للحزب الحاكم، إضافة لوالي الخرطوم الحالي الفريق هاشم عثمان، فيما لم يعرف بعد مصير البشير. وتوافد سودانيون إلى محيط القيادة العامة للجيش في الخرطوم؛ للانضمام إلى آلاف المتظاهرين هناك، والذين يواصلون، لليوم السادس على التوالي، الاحتشاد أمام المقر. وبدأت مظاهر الاحتفالات في مكان الاعتصام بالهتافات الثورية، وتلك التي تمجد الجيش، فيما أطلقت النساء الزغاريد، وأطلقت السيارات أبواقها، وسط حالة من الفرح، بينما رفع مواطنون إشارات النصر. وعقب الإعلان عن ترقّب بيان الجيش، أكد “تجمع المهنيين السودانيين” المعارض، اليوم الخميس، في بيان آخر مشترك مع قوى “إعلان الحرية والتغيير”، أنّ “مطالب الثوار هي تنحي (الرئيس عمر) البشير ونظامه وتسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية”. وأضاف، في البيان، أنّ المطلوب من الحكومة الانتقالية أن “تعبّر عن مكونات الثورة وتنفذ بنود إعلان الحرية والتغيير كاملة غير منقوصة”. وقال: “إننا نطالب في هذه اللحظات المفصلية من تاريخنا بالاحتشاد في ميدان الاعتصام أمام مباني القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة بالعاصمة (الخرطوم)، والخروج إلى الشوارع في مدن البلاد وقراها، مستعصمين بها حتى تنفيذ مطالب إعلان الحرية والتغيير كاملة”. وتابع أنّ “محصلة نضال السودانيين ليست قابلة للمساومة ولا للالتفاف حولها وسلاحكم هو الشوارع”، مشيرًا إلى أنّ “الوجود في الشارع والاعتصام هما لقطع الطريق أمام أي حلول جزئية أو زائفة”. وفي وقت سابق من صباح اليوم الخميس، دعا التجمّع كل المواطنين إلى التوجّه إلى مكان الاعتصام أمام مقر الجيش. وقال، في بيان: “نناشد كل المواطنين بالعاصمة ومدن البلاد التوجه لأماكن الاعتصامات أمام القيادة العامة للجيش السوداني، وحاميات الجيش بمدن الولايات (18 ولاية)”. وشدد البيان على ضرورة بقاء المعتصمين في ميدان الاعتصام؛ “حتى تنفيذ مطالب إعلان الحرية والتغيير كاملة”. ودخلت احتجاجات السودان شهرها الرابع، وبدأت في 19 ديسمبر الماضي، منددة بغلاء الأسعار لا سيما سعر الخبز، وتطورت لاحقًا لتتحوّل إلى المطالبة بتنحي البشير الذي يقود السودان منذ 30 عامًا.