مثل أسماك القرش إذا طُعنت إحداها وتدلّت أمعاؤها، سارعت بقية الأسماك- بغريزة الافتراس- إلى نهش لحمها وشرب دمائها وقتلها في النهاية، وهكذا أعلنت شخصيات بارزة في معسكر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وعشرات القياديين في حزبه، جبهة التحرير الوطني، عن تأييدهم دعوة رئيس الأركان لإعلان شغور منصب الرئيس، بينما رأت أحزاب عدة أن هذه الدعوة غير كافية لتلبية مطالب الحراك الشعبي. وفيما يعد- بحسب مراقبين- انقلابًا على بوتفليقة، قال نحو مئة عضو في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفليقة- في بيان صدر أمس الأربعاء- “نعلن مساندتنا للاقتراح الذي جاء به الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، قائد أركان الجيش الوطني الشعبي”. اعتقال الفسدة وأضاف البيان أن اقتراح قائد الأركان سيمثل “بداية شرعية ودستورية تمكننا من تأمين وطننا من كافة المخاطر المتربصة به”. علما أن اللجنة المركزية هي أعلى هيئة قيادية في الحزب وتضم قرابة أربعمائة عضو. من ناحية أخرى، قالت وسائل إعلام جزائرية أمس الأربعاء، إنه تم منع 11 طائرة خاصة تابعة لرجال أعمال وشخصيات معروفة من مغادرة مطارات البلاد. ومن الجزائر إلى مصر المنكوبة بانقلاب العسكر، لا تختلف خطوط المشهد الرئيسية، وإن تباينت التفاصيل، فقد توقعت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية، أن يدفع تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في مصر المؤسسة العسكرية للإطاحة بجنرال إسرائيل السفيه السيسي، بنفس السرعة التي تخلصت بها من الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأكدت الصحيفة أنّ قبضة السفيه السيسي على السلطة بدأت في التراخي، بينما يبدأ ولايته الانقلابية الثانية، ونقلت الصحيفة في تقرير لها، عن محللين سياسيين، تحذيرهم من أنّ السفيه السيسي يتربّع فوق بلد تزداد فيه حالة “عدم اليقين” بدرجة أكبر بكثير مما كانت عليه في العام 2013، عندما استولى الأخير على السلطة عبر انقلاب . وأكد تقرير الصحيفة الأمريكية تآكل شعبية جنرال إسرائيل، ليس فقط بين الجماهير والعديد من المفكرين العلمانيين والإسلاميين في مصر فحسب، وإنما أيضًا بين المؤيدين لنظامه، مشيرة إلى أنه رغم فوز السفيه السيسي في مسرحية الانتخابات الماضية لانعدام المنافسة، إلا أنه من المتوقع ألا يكمل الجنرال ولايته الثانية. وتطرق التقرير إلى ثلاثة أسباب تقف وراء السخط المتنامي داخل المؤسسة العسكرية على السفيه السيسي: الأول يتمثل في قراره التنازل قبل أكثر من عام، عن اثنتين من الجزر المصرية للسعودية، وكذلك التفريط في حق مصر التاريخي في مياه النيل، حيث سمح لإثيوبيا باستكمال بناء سد النهضة عقب توقيعه الاتفاقية الثلاثية. على صفيح ساخن أما السبب الثاني، فيتعلق بالتقارير التي تحدثت عن نية السفيه السيسي التنازل عن جزء من شبه جزيرة سيناء لإقامة دولة فلسطينية، ضمن تسوية تاريخية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فيما عرف إعلاميًا بصفقة القرن، والتي بموجبها يمنح الفلسطينيين وطنا بديلاً في سيناء. وفيما يتعلق بالسبب الثالث، فإن الكاتب يرى أنه يتمثل في إخفاق حكومات الانقلاب المتعاقبة الملحوظ في محاربة الإرهاب، الذي زادت وتيرته منذ نحو عامين، وفي تصريح مثير للسفيرة الأمريكية السابقة في القاهرة، آن باترسون، أكدت أن الجيش هو من غدر بالرئيس محمد مرسي، وربما هو من سيطيح بالسفيه السيسي في المستقبل. “باترسون” سفيرة واشنطنبالقاهرة منذ 2011 وحتى 2013، من ثورة يناير إلى الانقلاب العسكري، قالت في ندوة “الانتفاضات العربية بعد 8 سنوات.. الدروس المستفادة لسياسة الولاياتالمتحدة بالشرق الأوسط” بالعاصمة الأمريكيةواشنطن: إن “العسكريين سيدعمون بقاء السيسي في الحكم، لكن ذلك قد لا ينجح.. هناك دعم، ولكن إلى أي مدى؟”. ويدرك جنرال إسرائيل السفيه السيسي تماما عواقب ما فعله خلال السنوات الماضية بمنظومة الاقتصاد المصري، ويدرك كذلك أثر إجراءاته على ملايين المصريين، لكنه يعلم تماما أن الدعم المالي لجنرالاته عامل مهم من عوامل استمراره في الحكم ولو كلفه سخط الناس، ولذلك زاد من المجالات الاقتصادية المحتكرة من قبل الجيش، فدخل به مجال صناعة الأدوية والاتجار في المستلزمات الطبية، وجعله “كفيلا” لمجال العقارات يبني المشروعات بنفسه أو يكفل شركات العقارات المدنية ليتربح من السمسرة.