تزايدت أزمات الزراعة والمزارعين خلال السنوات الأخيرة بشكل عام، ومنذ منتصف العام الماضي على وجه الخصوص؛ نتيجة فشل نظام الانقلاب بقيادة الجنرال الفاشل عبد الفتاح السيسي في الحفاظ على الثروة الزراعية، فبين أزمات الفلاحين المتلاحقة نتيجة السياسات الاقتصادية لنظام الانقلاب ومع الهجمات المتتالية لأسراب الحشرات القاتلة، أصبحت الأراضي الزراعية في أوضاع يُرثى لها. خطر مدمر وقبل يومين، حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، من تفشي خطر مدمر على جانبي البحر الأحمر يصل إلى المملكة العربية السعودية ومصر، مشيرة إلى أن الأمطار الغزيرة والأعاصير أدت إلى زيادة أعداد الجراد الصحراوي في الآونة الأخيرة، ووصل إلى السودان وإريتريا، وينتشر بسرعة على امتداد جانبي البحر الأحمر، ليصل إلى المملكة العربية السعودية ومصر. وأوضحت “الفاو” أن “سقوط الأمطار على امتداد السهول الساحلية للبحر الأحمر في إريتريا والسودان تسبب في تكاثر جيلين من الجراد، منذ أكتوبر الماضي، ما أدى إلى حدوث زيادة كبيرة في أعداد الجراد وتشكيل أسراب سريعة الحركة”. وقبل نهاية العام الماضي، بدأت أسراب هائلة من الجراد الهجوم على المحافظات الجنوبية ومدن البحر الأحمر، الأمر الذي أثار مخاوف المزارعين في تلك المناطق من انتشار الجراد، ومن ثم انطلاقه نحو محافظات الوجه البحري؛ نظرًا لعجز نظام الانقلاب عن صد الهجوم لعدم وجود مبيدات أو استعدادات لوقفه. أزمات أخرى ولم تتوقف أزمات القطاع الزراعي في مصر على الجراد، حيث عانى الفلاحون مؤخرا من عدة أزمات، وفي مقدمتها الفقر المائي، والتغيُّر المناخي، وغلاء السماد وارتفاع أسعاره. ويعاني القطاع الزراعي من وضع بائس ومتردٍّ، ويمرّ بأسوأ مراحله بعد أن كان مزدهرًا أو قائمًا على أقدام ثابتة إلى حد كبير، ولكنه انهار نتيجة إهمال حكومات ما بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد في 2013 لهذا القطاع المهم، الذي يمثل عنصرا من عناصر النهوض بالاقتصاد لأي دولة. وتبلغ المساحة المزروعة في مصر حاليا نحو 9 ملايين و260 ألف فدان، في حين أن الاحتياجات الفعلية من الأراضي الزراعية طبقا لتعداد السكان الحالي تبلغ 22 مليون فدان، وترتفع الاحتياجات في عام 2050 إلى 23.5 مليون فدان. وفيما يتعلق بمحصول الأرز الذي كانت تزدهر به الحقول المصرية، فإن السياسات التي اتبعها نظام الانقلاب وفشل السيسي في ملف سد النهضة، حوّل مصر من تصدير الأرز إلى استيراده، حيث فتحت حكومة الانقلاب باب استيراد الأرز من الخارج بعد عقود من الإنتاج والاكتفاء الذاتي للسلعة الأبرز محليا وعالميا إلى جانب القمح، مما زاد من مخاوف المزارعين من القضاء على زراعة الأرز في البلاد. وكانت مصر تنتج من الأرز 4.5 مليون طن سنويا، تستهلك منها 3.5، والباقي يتم تصديره، لكن الإنتاج سيقل مع تقليص المساحات المزروعة بهذا المحصول، حيث إن الأرز من السلع الغذائية الأساسية للمصريين مثل الخبز تمامًا؛ لذلك كان يتم وضعه ضمن السلع التموينية المدعمة. ومطلع مايو الماضي، أقر برلمان العسكر، بشكل نهائي، تعديلات قدمتها حكومة الانقلاب لبعض أحكام قانون الزراعة، بما يمنح وزيري الزراعة والري سلطة إصدار قرار بحظر زراعة محاصيل حسب استهلاكها للمياه، وأصدرت حكومة الانقلاب بالتزامن مع التعديلات القانونية، قرارًا يسمح بزراعة 724 ألف فدان من الأرز، الذي بدأت زراعته مطلع مايو الماضي مقابل 1.8 مليون فدان في 2017. وعلى صعيد القمح، فإن مصر تحولت أيضا من دولة تسعى إلى الاكتفاء الذاتي في عهد الدكتور محمد مرسي، إلى أكبر مستورد له على وجه الأرض خلال حكم العسكر، بقيادة الجنرال الفاشل عبد الفتاح السيسي. وكشفت إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتي لمصر من القمح إلى 34.5% عام 2017، بعد أن بلغت 57.6% عام 2013، مشيرة إلى أن إنتاج القمح بلغ خلال عام 2016-2017 حوالي 8.4 مليون طن، مقابل 9.3 مليون طن عام 2015-2016، بنسبة انخفاض 9.7%، مرجعة ذلك إلى تراجع إنتاج القمح العام قبل الماضي، وانخفاض المساحة المزروعة بالقمح خلال هذا العام.