ستظل “يناير 2011” سما زعافا يقض مضاجع الظالمين، ويرفع درجة حرارتهم، ويبث الرعب في نفوسهم، هزلية جديدة تحت عنوان جديد “اللهم ثورة” والمحفظة مليئة بالاتهامات.. سبق فقط خلال ديسمبر إعلان القبض على تنظيم “حسم” وآخر بعنوان “التحضير للكريسماس”. داخلية الإنقلاب اعلنت أمس الأول القبض على 54 ممن وصفتهم بالتنظيم الجديد التابع لجماعة الإخوان المسلمين، وتزعم أن اسمه “اللهم ثورة”، وتدعي أنه كان يخطط لتنفيذ أعمال عدائية في الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير وقطع الطرق العامة وتعطيل حركة المرور ومحاولة نشر الفوضى. وزعمت الوزارة أن قيادات التنظيم بالخارج شكلوا الكيان الجديد “عبر شبكة الإنترنت” و”ضم عناصر من الإخوان ومجموعة من العناصر “الإثارية المناوئة”. الرد الرسمي أن بيان الداخلية مفبرك كالعادة والاتهامات مكررة ومحفوظة ولكن الأكثر سخرية هو قول الداخلية إن التنظيم المزعوم جري تشكيله في الخارج وعبر شبكة الانترنت ومع هذا تزعم أنها اعتقلت 54 داخل مصر، ولم تعلن أسماء من الخارج أو من الداخل. كذلك لم تتوقف الاعتقالات للإخوان يوما منذ الإنقلاب وإن زاد القمع بحقهم داخل السجون وخارجها، فقد أعلن “مركز عدالة للحقوق والحريات” في تقرير له عن مستشفيات السجون، أن أعداد حالات الإهمال الطبي داخل السجون في الفترة من 2016 حتى 2018 وصلت لما يقارب 819 حالة ووصلت الوفيات إلى 60 حالة. اعتقالات قسرية ومن مختلف محافظات الجمهورية استمرت حملات الاعتقالات إلى اليوم رغم مرور يوم 25، يناير حيث شنت حملة اعتقالات في الساعات الأولى من صباح اليوم على بيوت عدد من المواطنين بمحافظة الشرقية. واعتقلت مليشيات الأمن 8 شراقوة منهم 7 من ديرب نجم وواحد من فاقوس، فهل يتم ضمهم لتنظيم “اللهم ثورة”!، أم تحت أي إدعاء. وبالأمس اعتقلت 5 من أهالي مركز منيا القمح بالمحافظة في حملة مداهمات همجية، وأمس الأول اعتقلت 10 منهم 4 شراقوة تعسفيًّا من الزقازيق وكفر صقر، ومن البحيرة اعتقلت داخلية الإنقلاب 2 وأخفت 4 قسريا لليوم الرابع بالبحيرة. والاثنين الماضي اعتقلت مواطنا خلال أدائه صلاة العشاء بأحد مساجد “كفر الشيخ”، وأعتقلت صيدلي من الشرقية واخفته و20 آخرين بالمحافظة لمدد مختلفة. ومطلع الأسبوع الجاري يومي السبت والأحد وصل عدد المعتقلين خلالهما 14 معتقلا من الشرقيةوالبحيرة خلال حملات اعتقالات همجية تكسر الأبواب وتقتحم البيوت وتدمر الأثاث، والأجهزة الكهربائية وتسرق ما خف وزنه وغلا ثمنه. يناير المقصودة جاء اعتقال المهندس يحي حسين عبدالهادي، أحد رموز مقاومة الفساد والاستبداد قبل الثورة وبعدها، ليطرح تساؤلا عن ارتباط الاعتقالات بذكري ثورة يناير أم بمساعي الإخوان المستمرة للاصطفاف مع كافة رفقاء الثورة ضد سلطة الانقلاب، ولماذا لم تعلن الداخلية عن هذا التنظيم في ذكري ثورة يناير أو قبلها لتبرير الاتهامات وأعلنته بعد 4 أيام من ذكري ثورة 25 يناير؟!. اعتقال المهندس حسين بعد ساعات من بيان "الحركة المدنية الديمقراطية" الذى نددت فيه ب “عملية الترويع والتنكيل الجديدة بثوار يناير” وذلك في أعقاب اعتقال قوات أمن الانقلاب 5 من أعضاء حزب تيار الكرامة من داخل منازلهم وإخفائهم قسريا. سلاح الاعتقالات أشهره الجنرال المنقلب في وجه الجميع ولم يعد يستثني أحدا؛ حيث اعتبر محللون أن الاعتقالات جاءت بعد طلب الرئيس الفرنسي من السيسي إطلاق سراح معتقلين ليسوا من الإخوان، وأن السيسي يبدو أنه اعتبر هذا ضوءا اخضرا لاستكمال جرائمه ضد الإخوان؟ وهل ماكرون شريك بذلك للسيسي في القمع بعد تعمد ماكرون والدوائر الغربية الأخرى المشابهة؛ استثناء الإخوان من الطلب بإطلاق سراحهم. لم يجد السيسي حرجا من الإعلان أمام أحد أهم داعميه في أوروبا؛ بوضوح عن عدم اكتراثه بدهس الحريات وحقوق الإنسان أو اعتقال المعارضين والمدونين. وفي نموذج مبسط هاجمت بلطجية “نائبة” ببرلمان العسكر، وصحفي موال للسيسي الحقوقية الفرنسية كلير تالون لدفاعها عن المعتقلين في مصر، واعتبارها أن مصر تعيش في ظلم وديكتاتورية من السيسي ضد شعبه. ماذا يريد؟ بدوره رأى المهندس أسامة سليمان، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي ببرلمان 2012، أن تلك الهجمة الشرسة تؤكد أن السيسي وعصابته لديه مخاوف كبيرة من الأصوات المطالبة بالتغيير والحرية، مؤكدا أن تلك الهجمات والاعتقالات ستكون وقودا للموجة الثانية لثورة يناير. وأوضح سليمان أن السيسي تلقى الضوء الأخضر من المجتمع الدولي لقمع المعارضة، وحديث ماكرون عن حقوق الإنسان لتبييض وجهه لكن ما يهمه بالأساس هو الصفقات الاقتصادية مع نظام السيسي. مشيرا إلى أن الهجمة على النشطاء خلال زيارة ماكرون لمصر مقصودة، ورسالة مؤكدة أن السيسي سيفعل ما يشاء دون رادع بفضل الدعم غير المحدود الذي يتلقاه من الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية. ويرى حقوقيون أن آلة القمع والقتل في مصر وصلت لمرحلة خطيرة لم تحدث في تاريخ مصر الحديث، بعد أن تعدى القتل خارج إطار القانون كل الحدود حيث أصبح القتل هو العنوان السائد والمعبر عن سياسة النظام ومن لم يمت بالتصفية الجسدية مات بالإهمال الطبي، ومن لم يمت بالإهمال الطبي مات بموجب أحكام إعدام مسيسة. ووثقت منظمات حقوقية وثقت اعتقال أكثر من 60 ألف شخص، واغتيال أكثر من 3 آلاف مواطن، منهم 500 حالة بسبب الإهمال الطبي المتعمّد داخل السجون ومقار الاحتجاز، وارتفاع أعداد النساء المقبوض عليهن بشكل غير مسبوق.