سامية خليل د.محمد حسين: سلطة الانقلاب تستهدف قصف الأقلام وتكميم الأفواه لأي معارض أيا كان موقعه وحتى داخل المؤسسات الإعلامية الداعمة له الرئيس مرسي لم يقصف قلما ولم يغلق قناة حتى ممن تطاولوا عليه شخصيا ودعم بقوة الحريات العامة د.نرمين عبد السلام: حريات الصحافة والإعلام بمصر عادت 60 سنة للوراء والسلطة تريد فقط أبواق تؤيد خطابها أكد خبراء أن الحقوق والحريات العامة للإعلاميين والصحفيين تشهد ردة تعود بنا 60 سنة للوراء حيث حقبة وجود الرقيب وتأميم الصحافة، فقد حولت سلطة الانقلاب وسائل الإعلام جميعها حكومية وخاصة إلى مجرد أبواق تردد وتؤيد خطاب السلطة وتعيد بثه بصياغات مختلفة بسياسة تحريرية موحدة وسكريبت واحد، واتباع سياسة قمع أي صوت معارض أو مخالف حتى وإن جاء من داخل مؤسسات مؤيدة وداعمة للانقلاب، مما يعكس تصاعد إحكام القبضة على الإعلام القائم بحيث يسير وفق مسار محدد لا يمكن تجاوزه أو تخطيه. وأكدوا في حديثهم ل"الحرية والعدالة" أن ممارسة السلطة سياسة تكميم الأفواه وإخراس الألسنة تكشف ما كنا نعيشه بعهد الرئيس مرسي من تمتع بجميع الحريات، بل إنه لم يقصف قلم أو يغلق قناة لمن تطاولوا عليه بالسب وكانت المعارضة بعهده بالصحافة والإعلام تعمل بدون أية قيود، عكس ما نعيشه حاليا على النقيض تماما، وهذه الحقيقة يجب كشفها لقوة للرأي العام. وكانت قد تصاعدت في فترة ما بعد الانقلاب سياسة التضييق وانتهاكات بحق الصحفيين والإعلاميين ليس فقط المؤسسات المعارضة للانقلاب بل طالت المؤسسات الإعلامية والصحفية الداعمة له حكومية وخاصة فقط لأن بعض الإعلاميين والصحفيين قالوا رأيا أو رواية تخالف ما تراه السلطة، واستهدفت سلطة الانقلاب الصحفيين والإعلاميين والمؤسسات المعارضة للانقلاب وقامت بغلقها بعد دقائق من إعلان ما يسمى خريطة 3 يوليو، وتطور الأمر وأصبح هناك تضييق وقمع لبعض من يتبنون رؤية مخالفة داخل مؤسسات صحفية وإعلامية مؤيدة للانقلاب منها ما تعرض له مؤخرا صحفيون بالأهرام والمصري اليوم، وريهام سعيد الإعلامية بقناة النهار، وغلق قناة الفراعين. من جانبه أكد د.محمد حسين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ما وقع من انتهاكات لصحفيين وإعلاميين بمؤسسات داعمة للانقلاب وكان بعضها شديد المعارضة لحكم الرئيس مرسي يكشف ما نعيشه من مرحلة تكميم الأفواه وقصف الأقلام من قبل سلطة الانقلاب لأي معارض أيا كان موقعه، وهذا هو حكم العسكر أي التنكيل بأي معارضة، ومن اعترض طرد، مما لا يبشر بالخير. وكشف "حسين"، في حديثه ل"الحرية والعدالة"، أن نهج هذه السلطة هو نهج مخالف تماما للمكتسبات التي تحققت أثناء فترة حكم الرئيس مرسي حيث لم يقصف قلم ولم يمنع مقال ولم تغلق جريدة أو قناة برغم أن هذه الأقلام المعارضة كثيرا منها كان يتطاول على الرئيس ويسبه علانية، بل كان يتنازل عن حقه في مقاضاتهم، وكان الجميع حتى داخل التليفزيون الرسمي والصحف والقنوات القومية والخاصة تعمل بحرية كاملة وكل شخص كان يعبر عن رأيه بكل حرية ودون خوف، وتوجيه الانتقادات له على الهواء حتى بالتليفزيون الرسمي، أما الآن من يقول كلمة خارج السياق أو فكرة ينكل به حتى لو كان من مؤيدي الانقلاب وأشد معارضي الرئيس مرسي مثل ما حدث من غلق لقناة الفراعين المملوكة لتوفيق عكاشة. وطالب "حسين" بضرورة تنوير الرأي العام بحقائق الحريات العامة للجميع وللصحفيين والإعلاميين في عهد الرئيس مرسي مقارنة بعهد سلطة الانقلاب ليعلم أن من كانوا ينتقدون الرئيس بسب وقذف كانوا يدلسون على الشعب، ويعلم كيف تعامل الرئيس مع معارضيه الذين كسروا الباب الحديدي للقصر الجمهوري ولم يفعل لهم شيئا، وكان يتعامل معهم بهدووء وصبر شديد، وإذا بالسلطة الحالية تضرب عرض الحائط بأي معارضة وتنكل بها مما يقتضي وضع مقارنات معمقة بين ما قبل وما بعد الانقلاب لنكشف حقيقة عهد مرسي الذي انتصر للحريات ولم يقمعها. بدورها ترى د.نرمين عبد السلام، مدرس الصحافة بجامعة القاهرة، أن سلطة الانقلاب تتبع سياسة القمع وتكميم الأفواه مع جميع الأصوات المخالفة له سواء بالمؤسسات الإعلامية والصحفية المؤيدة للانقلاب أو المعارضة له سواء جاءت من صحف أو قنوات فضائية سواء كانت حكومية أو خاصة وسواء من صحفيين وإعلاميين مشهورين أو غير ذلك، فالقاعدة التى رسخ لها الانقلاب هو الإبقاء على صوت واحد ورسالة وصورة واحدة وبوق واحد يريد أن ينقله الجميع بأشكال وصياغات وطرق مختلفة وغير مسموح بأي حال بأن يشذ شخص أو مؤسسة عن المسار المرسوم له وغير مسموح بأي معارضة وإن جاءت من داخل مؤسسات إعلامية مؤيدة وداعمة للانقلاب. وأشارت "عبد السلام"، في حديثها ل"الحرية والعدالة"، إلى أن الانتهاكات التي وقعت مؤخرا تجاه صحفيين بمؤسسات صحفية حكومية كانت متوقعة بل إنها تتوقع استمرار هذه السياسة القمعية لمن يخالفونه بالرأي لأن فلسفة الانقلاب منذ اللحظة الأولى له قامت على تدشين فترة جديدة تتسم بكبت الحريات وإسكات جميع الأصوات، ولا تترك خيارات أخرى فإما أن يكون الجميع بلا استثناء أبواقا للسلطة غير مسموح لهم بتجاوز الخطوط الحمراء أو حتى ما هو أقل منها وغير مسموح بأي انتقادات للانقلاب من قريب أو بعيد بإشارة أو تصريح. واعتبرت "عبد السلام" ما نشهده من قمع للإعلاميين والصحفيين بداخل مؤسسات إعلامية داعمة للانقلاب حكومية أو خاصة يكشف عودة مصر لحقبة الخمسينيات أي عادة 60 سنة للوراء فيما يخص حريات الصحافة والإعلام وعادت لعصر "تأميم الصحافة" حيث لا يمثل الإعلام إلا صوت السلطة فقط مائة بالمائة ولم يكن هناك صحف معارضة أصلا ولا هامش ولو ضئيل لأي صوت مخالف، فبعد فترة الستينيات صدر قانون "تأميم الصحافة" ونحن عدنا لممارسات هذا العهد بل لما هو أسوأ منه والوضع الآن أكثر سوءا حيث أن المستهدف هو تكميم الإعلام وإخراس كل الألسنة بجميع المؤسسات أيا كانت تلك التي تخرج عن مسار الترويج والتهليل لكل ما تراه السلطة وما تقوم به. وأوضحت "عبد السلام" أن السلطة تريد أن يظهر تأييدها من قبل الجميع داخل المؤسسة الإعلامية والصحفية المؤيدة لها دون أن يشذ صوت فيها وتريد جعل جميع الأقلام فيها تردد ما تقوله السلطة حرفيا وتعيد إنتاج خطاب السلطة وتبارك وتؤيد خطابها بصياغات متعددة دون أن يشذ منهم أحد ودون أن يخرج أحدهم عن الخط ومن يفعل فالرسالة واضحة ومثال ذلك ما حدث مع قناة الفراعين والكل يعلم دورها في شيطنة وتشويه التيار الإسلامي. ولفتت "عبد السلام" إلى أن القمع لم يصل فقط للصحفيين بل والكُتاب حتى من خارج مؤسسات حكومية ومثال ذلك ما حدث مع مقالات الكاتب وائل قنديل ومنعها من النشر، بما يكشف استهداف منع أي صوت معارض بل ترددت أنباء عن وجود قائمة ممنوعة من الظهور بالفضائيات منها كتاب وشباب ومفكرين، متوقعة أن نجد لاحقا شخصيات بعينها تؤيد وتهلل للانقلاب والمخالف لن يظهر أصلا على الشاشات. وحول قمع بعض الصحفيين بمؤسسات حكومية وخاصة داعمة للانقلاب وعدم تحركها بالشكل المطلوب للدفاع عنهم ترى "عبد السلام" أن ذلك متوقع لأن السلطة تسعى ابتداء لضمان أن كل قيادات المؤسسات الحكومية تخضع لها وأن تكون أبواقا لها وبالتالي هذه القيادات تمارس توجيه الأصوات داخلها وقمع أي صوت معارض داخلها من داخلها مباشرة، وبشكل عام وحتى المؤسسات الخاصة يتبع معها نفس النهج بشكل أو بآخر. وقالت "عبد السلام" إن الإعلام المرئي، خاصا وحكوميا، ليس فيه إلا صوت واحد ولم يعد يتضمن رأيا آخر إلا رأي السلطة ولا توجد فيها أي معارضة سواء ببرامج "التوك شو" أو البرامج الإخبارية، فنحن نعيش مرحلة تضييق على جميع وسائل الإعلام المصري بل والعربي، مشيرة لما تتعرض له قناة الجزيرة من تشويه وحجب رغم أنها تغطي بحيادية. أما الإعلام المصري الآن يحركه سكريبت واحد وسياسة تحريرية موحدة وفوقية تكشف بالنهاية محاولة السلطة إحكام قبضتها على الإعلام ليس فقط بفكرة الرقيب المباشر بل بالإتيان بقيادات إعلامية تدين لها بالولاء وتقمع هي من يخالف أو يعارض السلطة برقابة مباشرة غير رسمية. — مع