لم تضع الحرب أوزارها، لكنها بدأت مرحلة جديدة من الصراع ربما تكون هي الأهم، فلم يتوقف العداء على القصف والقصف المضاد، وباتت حرب المعلومات تأخذ حيزًا مهمًا في الصراعات، لا سيما الصراع الممتد بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني. ويتجلى ذلك فيما أعلنت عنه كتائب القسام من تفاصيل عن عملية تسلل وحدة استخبارات صهيونية إلى خان يونس شرق قطاع غزة، وأفشلتها أجهزة حماس الأمنية. هذه العملية حاول العدو الصهيوني من خلالها ضرب المقاومة من الداخل لكنه لم يفلح، وتحولت من تهديد تكتيكي إلى مشكلة استراتيجية في ساحة المعركة؛ نتيجة الإخفاقات الاستخباراتية الصهيونية، وهو ما قد يضيف للمقاومة قوة إلى قوتها، وعزيمة إلى عزمها في المضي نحو هدفها الذي رسمته في بداية طريق التحرير والعودة وحق العيش الكريم للمواطن الفلسطيني، وفق وسائلها وطرق الضغط المتاحة للمقاومة. معلومات خطيرة تفاصيل دقيقة وخطيرة كشف عنها المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، حول ملابسات دخول القوة الصهيونية الخاصة إلى شرقي خان يونس جنوبي قطاع غزة، في 11 نوفمبر الماضي، بيد أن ما تم نشره من نتائج هو جزء مما تحصلت عليه استخبارات القسام من معلومات سمحت الظروف والمعطيات بنشرها. المعلومات التي كشف عنها أبو عبيدة، تؤكد مدى جاهزية ومتابعة الكتائب لأي عمل عسكري معادٍ يستهدف قطاع غزة، وسيطرة القسام على مداخله ومخارجه، حيث أظهرت الفيديوهات رصد كاميرات المراقبة لسيارات القوة الصهيونية منذ دخولها والاشتباك معها حتى خروجها من القطاع. معلومات القسام وصلت إلى أسماء تدريب عناصر القوات الصهيونية الخاصة، الأمر الذي يكشف مدى اختراق الكتائب لأقوى نقطة في الكيان الصهيوني وهي جهاز الاستخبارات، فيما يبدو أن قوة وعتاد وطائرات الجيش الصهيوني لم تصمد أمام تنظيم وجاهزية المقاومة الفلسطينية. وبعد ساعات من بيان القسام، جاءت محاولات حفظ ماء الوجه سريعًا بشن سلسلة غارات صهيونية على مواقع للمقاومة شرق غزة؛ بزعم الرد على إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع، غير أن المشهد أوحى بكثير من الدلالات حاولت خلالها أصوات الغارات أن تغطي على صوت أبو عبيدة بعد أن هددت المقاومة سياسة الاحتلال الأولى لبقائه، التي تتلخص في التخويف من المواجهة. عملية نوعية غير مسبوقة وقال الدكتور ناجي البطة، المحلل المتخصص في الشئون الصهيونية: إن عملية حد السيف التي نفذتها كتائب القسام عملية نوعية غير مسبوقة في تاريخ الصراع ضد الاستخبارات الصهيونية. وأضاف البطة، في مداخلة مع برنامج قصة اليوم على قناة “مكملين”، أن الوحدة المتسللة تتبع وحدة النخبة التابعة لهيئة الأركان العامة في الجيش الصهيوني، وهذه الوحدة يتم انتقاء أفرادها بعناية شديدة، وتدريبهم على أعلى مستوى، ومزودة بأحدث الأجهزة التكنولوجية في العالم. وأوضح “البطة” أن المقاومة لديها شبكة اتصالات، وحاولت الاستخبارات الصهيونية زرع أجهزة تنصت على هذه الشبكة الداخلية لكنها فشلت، وتم سحب القوة الصهيونية وتأمين انسحابها تأمينًا ناريا من طائرات f16 وطائرات الأباتشي والطائرات المسيرة وباستخدام قذائف صاروخية وتم إخراج القوة عن طريق طائرة هيليكوبتر.