حالة بروباجندا مفتعلة يبالغ نظام العسكر في إبرازها بشأن افتتاح زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الليلة، كنيسة العاصمة الإدارية الجديدة، تستهدف هذه البروباجندا تحقيق عدة أهداف، أهمها التغطية على حالة الفشل المنتشرة في ربوع البلاد في جميع القطاعات، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الأمني. وفي مساعي النظام لإبراز حالة المبالغة في الاحتفال وتصوير الأمر على أنه إنجاز فريد من نوعه، تم استضافة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، الذي يزور القاهرة حاليا، كما تم توجيه الدعوة لوفد من الكنيسة الإنجيلية الأمريكية، وهم 16 عضوًا يمثلون المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأعضاء لجنة الحريات الدينية. حيث التقى وفد من القيادات الإنجيلية الأمريكي عددًا من رجال الدين واللاهوت ونواب في برلمان العسكر، بحضور الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، وذلك بمقر الهيئة بالنزهة الجديدة. كما شارك الوفد في احتفالات الكنيسة الإنجيلية بعيد الميلاد المجيد، ظهر يوم الجمعة الماضي، بكنيسة قصر الدوبارة. استبداد النظام المبالغة في الاحتفال هي أولا محاولة للتغطية على استبداد النظام سياسيًّا، عبر تكريس صورة السيسي باعتباره الحنون العطوف على الأقباط الضامن الوحيد لحمايتهم، ومنحهم كثيرا من حقوقهم. وبالطبع فإن افتتاح مسجد “الفتاح العليم” إلى جانب الكنيسة وما يتردد عن إلقاء البابا كلمة في المسجد يستهدف محاولة رسم صورة مغايرة للواقع، باعتبار النظام متسامحا مع التنوع الديني والاعتقادي، وذلك في محاولة للتغطية على صورة النظام المشوهة باعتباره نظاما استبداديا غير متسامح بالمرة في خطابه السياسي الذي لا يقبل سوى الإيمان به وبما يراه، وفق المنهج الفرعوني القديم { مَاۤ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَاۤ أَرَىٰ وَمَاۤ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ 0لرَّشَادِ}، أما الكافرون به الرافضون للنظام أو المعارضون لتوجهاته وممارساته القمعية فمثواهم القتل والتنكيل ومصادرة الحريات والأموال والممتلكات حتى يصبحوا عبرة للآخرين. فشل اقتصادي الهدف الثاني من البروباجندا المفتعلة، هو التغطية على فشل النظام اقتصاديًّا، بعد أن أسهمت سياساته في هبوط عشرات الملايين من المصريين تحت خط الفقر، وأفضت إلى زيادة معدلات الفقر وارتفاع جميع أسعار السلع والخدمات. ومبالغة أبواق النظام الإعلامية كعادتها في وصف بناء الكنيسة والمسجد باعتبارهما إنجازا فريدا من نوعه؛ هو سخف أقرب إلى المرض الذي يتعين معه العرض على طبيب للأمراض النفسية، إذ أين الإنجاز في إقامة كنيسة ومسجد تكلفا مئات الملايين من الجنيهات في دولة فقيرة تشحت كل يوم لكي تأكل وتدفع رواتب موظفيها؟ وأين الإنجاز والأموال التي تم البناء بها اقترضها النظام من البنوك أو من مؤسسات دولية؟ وأين هو الإنجاز في ذلك إذا كانت هذه المباني الضخمة الفخمة في منطقة قاحلة لا يسكنها أحد من الناس وحتى قداس الليلة الذي يحييه البابا تواضروس سوف تنقطع بعده الصلوات لعدم وجود مصلين؟ وأين هو الإنجاز إذا كانت هذه الملايين مهدورة وسوف تتحول إلى عبء يتوجب سداده في ظل بلوغ حجم الديون إلى مستويات مفزعة ومخيفة وصلت إلى أكثر من 5 تريليونات جنيه، معظمها تم إهداره على مشروعات وهمية لم تسهم مطلقًا في تحسين مستويات المعيشة؟!. فضيحة حوار CBS الهدف الثالث من هذه البروباجندا هو التغطية على فضيحة جنرال الانقلاب عبد الفتاح السيسي بعد حواره مع قناة “CBS” الأمريكية، والذي سيبث فجر الثلاثاء، وربما استهدف بدعوة وفد الكنيسة الإنجيلية محاولة التخفيف من وطأة فضيحة الحوار الذي اعترف فيه صراحة بالخيانة للكيان الصهيوني، وأنه يبارك استباحتهم لسيناء ويسمح لطائراتهم بضرب أهداف مدنية فى أرض الفيروز، بدعوى محاربة ما يسمى بالإرهاب، وهي تصريحات لها دلالات شديدة الخطورة: أولها: أنها اعتراف مباشر بفشل الجيش في مواجهة مئات المسلحين في سيناء، ما استدعى الاستعانة بطيران العدو الصهيوني لضرب مواطنين مصريين في خلاف مع النظام. ثانيا: تشويه صورة الجيش باعتباره مباركًا ومشاركًا في هذه الخيانة دون اعتراض أو تململ، ما يفضي بحسب مراقبين إلى زيادة حدة الاحتقان والغضب داخل المؤسسة العسكرية من هذه التوجهات الخانعة والذليلة أمام الصهاينة. كما تستهدف المبالغة في الاحتفال التغطية على أكاذيب السيسي في الحوار وإنكاره وجود معتقلين سياسيين، وكذلك تهربه من الإجابة عن مسئوليته في إصدار الأمر بقتل أكثر من ألف مصري في فض اعتصام رابعة العدوية، مستخدما الكذب مرة أخرى بالزعم أن الاعتصام كان يضم آلاف المسلحين على خلاف حتى ما توصلت إليه تقارير أجهزته خلال السنوات الماضية، رغم أن الاعتصام كان يبث مباشرة على الهواء وكان القائمون عليه حريصين على ذلك، وهي أدلة تنسف أكاذيب السيسي التي يترقب العالم مزيدًا منها عند بث الحوار.