بعد المشهد السلبي الذي خرج به معرض الكتاب في العام الماضي، وإعلان نظام الانقلاب الحرب على القراءة التي يعتبرها أحد أهم أعدائه؛ نظرًا لخطورة الوعي على المصريين في مواجهة الجهل الذي يرعاه النظام، كشفت مصادر من “الهيئة المصرية العامة للكتاب” عن رفع تعريفة الدخول إلى “معرض القاهرة الدولي للكتاب” الذي ينطلق في الثالث والعشرين من الشهر الجاري لهذا العام، من جنيه واحد إلى خمسة جنيهات للطلاب، وعشرة جنيهات لغيرهم. ولم يكتفِ نظام السيسي برفع تعريفة دخول المعرض بهذا الشكل الضخم، الذي يعجز عنه الكثير من الغلابة المهووسين بالقراءة والعلم، بالتزامن مع ارتفاع سعر المواصلات لأضعاف مضاعفة، لترتفع فاتورة الذهاب للمعرض يوميًّا لأكثر من ثلاثين جنيهًا لمن أراد الذهاب للمعرض. ولكن بادر السيسي بنقل معرض الكتاب من أرض المعارض في مدينة نصر، الذي اعتاد عليه الناس طوال السنوات الماضية وقربه من وسط العاصمة، إلى “مركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية” في ضاحية التجمع الخامس شرق القاهرة، لتكون تكلفة الجهد والمواصلات أعلى كثيرا من ذي قبل. اعتراض رسمي ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر، اليوم الخميس، أن “القرار دفع بعض الناشرين إلى تقديم اعتراض رسمي إلى إدارة المعرض، معتبرين أن رفع التعريفة ونقل التظاهرة إلى منطقة بعيدة عن وسائل المواصلات، سيسهمان بشكل كبير في إحجام الجمهور عن الذهاب، ما يؤدي إلى انخفاض مبيعات الكتب مع الاحتفاء بالدورة الخمسين (اليوبيل الذهبي) التي تتواصل حتى الخامس من فبراير المقبل”. وأكدوا أن الموقع الجديد للمعرض، سيشكّل صعوبة في الوصول إليه مقارنة بالقديم الذي كان يجاور محطة مترو “أرض المعارض”، التي يسهل التنقل من القاهرة وبقية الأقاليم تجاهها وبالعكس. وأعرب أصحاب مكتبات سور الأزبكية عن استنكارهم للشروط التي وضعتها هيئة الكتاب لمشاركتهم في الصالة الجديدة لمعرض الكتاب التي تحدد مشاركة ثلاثة وثلاثين عارضا من أصل مئة وثمانية مجموع تلك المكتبات، ومنحهم تسعة أمتار مساحة للعرض مقابل أكثر من مئة وستين مترا تمنح لبقية المشاركين، ما يدفع غالبيتهم إلى عدم الاشتراك في الدورة الحالية. أجنحة العرض كما قامت الهيئة برفع أجور أجنحة العرض لمكتبات الأزبكية من 300 جنيه للمتر المربع الواحد إلى 1200 جنيه هذا العام، لذلك قرّر أصحابها إجراء تخفيضات على عناوينهم المعروضة تصل إلى نصف القيمة خلال الفترة من 15 يناير الجاري وحتى 15 فبراير، بالتزامن مع انعقاد المعرض. وبررت الصفحة الرسمية لمعرض الكتاب على “فيسبوك” أسباب نقل المعرض، بأنه يرجع إلى “سوء الخدمات والنظافة والتنظيم في مكان المعرض السابق، وتعرّض كتب الناشرين إلى التلف من مياه الأمطار، فضلا عن عدم جاهزيته لاستضافة الدورة الخمسين”. وتابعت أن “المكان الجديد مجهز بأحدث التقنيات في مجال الصناعات الثقافية، وتسويق الكتاب، بحيث يكون التنظيم على أعلى مستوى، ويضمن تقديم خدمات متميزة للجمهور، وحلّ المشكلات التي تواجه الناشرين، مشيرة إلى أنه سيكون هناك خصومات كبيرة على الكتب، وتوفير أماكن انتظار للسيارات”. مواصلات مصر ووقّعت الهيئة مذكرة تفاهم مع “شركة مواصلات مصر” بمناسبة انعقاد المعرض بهدف توفير 32 حافلة، لكن اللافت أن تذكرة الحافلة تبلغ 15 جنيها للرحلة الواحدة، ما يعني تحمل زائر معرض الكتاب نحو 30 جنيها للذهاب والإياب، ويستلزم الحصول على الخصم شراء بطاقة “مواصلاتي” يتحمل الراكب قيمتها البالغة 25 جنيهًا بذريعة أنها تدفع لمرة واحدة. ومنذ الإعلان عن نقل المعرض للتجمع ثارت حالة من الجدل؛ بسبب بُعد المكان ونخبويته من ناحية، وارتباطه بدورة اليوبيل الذهبى التى تتطلب تواجدًا جماهيريُّا كثيفًا من ناحية أخرى، وهو ما قد يتأثر سلبًا بسبب الصورة الذهنية عن التجمع الخامس كمكان بعيد ولا يمكن الانتقال منه وإليه بسهولة. وقال الكاتب عادل عصمت، في تصريحات صحفية: إنه لن يذهب لمعرض الكتاب فى دورته المقبلة، مفسرًا: “ثقافتنا الشعبية ارتبطت بشكل المعرض ككرنفال شعبى فى محبة الكتاب والاحتفاء به. هذا هو المعنى الأكثر ملائمة، لم يكن يهمنا وجود معرض أنيق نطل على كتبه من وراء حوائط زجاجية، ولكن نريد الكرنفال الذى عرفناه فى مدينة نصر، وبالتالى لن أذهب للمعرض بالتجمع”.