تمارس سلطات الانقلاب ضغوطا كبيرة على بعض كبار العائلات في جزيرة الوراق بغرض إقناع الأهالي بإخلاء منازلهم ومنحهم مساكن بديلة في أطراف القاهرة. وقالت مصادر صحفية إن حكومة الانقلاب أصدرت تعليمات لمصلحة الشهر العقاري برفض طلبات سكان الجزيرة الخاصة باستخراج توكيلات القضايا للانضمام إلى الطعن الجماعي الذي أقامته هيئة الدفاع عنهم ضد قرار رئيس حكومة السيسي الأخير بنزع ملكية أراضيهم علاوة على تعنت الموظفين في تسجيل أي حركة بيع وشراء لأراضي ومباني الجزيرة بالمخالفة للقانون. التهجير القسري التعسفي للمواطنين محظور بجمع صوره وأشكاله ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم هكذا تنص المادة 63 من دستور العسكر غير أن سلطات الانقلاب لا تزال تواصل محاولاتها لإجلاء سكان جزيرة الوراق بغير إرادتهم، في المقابل يتمسك الأهالي بأراضيهم ومنازلهم ويرفضون محاولات إجبارهم على التنازل عنها في إطار مخطط لتحويلها إلى مشروع استثماري ضخم بشراكة بين الجيش ومستثمرين من دولة الإمارات. آخر مراحل الصراع على أراضي جزيرة الوراق وقعت قبل بضعة أيام عندما حاصرت قوات أمن الانقلاب صباح 18 من ديسمبر الماضي معدية دمنهور وهي أهم المعديات التي تربط الجزيرة بمنطقة شبرا الخيمة وأمرت أصحاب المعدية بإخلاء المرسى لإزالته من أجل تشغيل عبارة تابعة للجيش مكانها. الأهالي ينتفضون وما إن علم الأهالي حتى تصدوا للقوات لإيقاف عملية الإزالة وتبع ذلك الدفع بتشكيلات من الأمن المركزي والقوات الخاصة ثم حضور مدير أمن القليوبية الذي أمر بسحب القوات خشية تطور الأحداث وفي الوقت الذي تقول فيه حكومة السيسي إن عدد سكان جزيرة الوراق يتراوح من 90 ألفا إلى 100 ألف شخص تؤكد منظمات مجتمع مدني محلية أن عددهم يزيد على 140 ألف نسمة إلى جانب أكثر من 10 آلاف آخرين لم يتم تسجيل محل إقامتهم بالجزيرة بسبب تعنت سلطات الانقلاب. الضغوط تستمر على أهالي الجزيرة من جهات قضائية وبرلمانية إذ تتواصل محاكمة 22 من أبناء الجزيرة بعد قرار تأجيل القضية إلى جلسة 26 يناير الجاري بناء على طلب محامي حكومة الانقلاب لتقديم مستندات جديدة. هذه الخطوة تستهدف بها سلطات الانقلاب إطالة أمد القضية لتفرض واقعا جديدا على الأرض قبل صدور الحكم حسب المحامي الحقوقي خالد علي. أما مقررة الأممالمتحدة المعنية بالحق في السكن ليليان فرحة التي أجرت زيارة إلى مصر فقالت في بيان لها خلال ديسمبر الماضي إن هناك قلقا عبر عنه عدد من سكان جزيرة الوراق الذين تمكنت من لقائهم يتمثل في تهجيرهم قسرا من منازلهم من أجل إقامة مشروعات استثمارية مؤكدة أن ظاهرة تسليع المساكن تزداد سوءا في مصر خصوصا مع التصريحات الأخيرة لسلطات الانقلاب بشأن بيع أراضي الجزيرة إلى مستثمرين أجانب.
نزع ملكية الكورنيش وكانت حكومة الانقلاب قد قررت نزع ملكية أراضي كورنيش جزيرة الوراق؛ تمهيدًا لتنفيذ مشروع استثماري مع الإمارات، ونص القرار على الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأراضي اللازمة لتنفيذ هذا المشروع دون انتظار حصر المُلاك الظاهرين لها. وقام عدد من أهالي جزيرة الوراق برفع دعاوى قضائية ضد قرار سحب أراضيهم بدعوى المنفعة العامة، لكن القرار الجديد لم ينتظر الفصل في القضايا وقرر نزع ملكية الأراضي. من جانبها نددت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، بمحاولة استيلاء حكومة الانقلاب على جزيرة الوراق وإخلائها من أهلها لصالح مستثمرين مصريين وإماراتيين. لا تنازل أو تفريط من جانبهم أكد أهالي جزيرة الوراق، تمسكهم بأرضهم وعدم التنازل عنها أو التفريط فيها بأي شكل من الأشكال. ونظم الأهالي في 16 نوفمبر الماضي مؤتمرا جماهيريا حاشدا؛ أكدوا فيه تحديهم للضغوط التي تمارسها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من أجل طردهم من الجزيرة أو بيع أراضيهم في إطار مخططات لتحويل الجزيرة إلى مشروع استثماري عملاق بالمشاركة بين الجيش ومستثمرين من دويلة الإمارات التي تحظى بكراهية عارمة من جميع الشعوب العربية لدعمها النظم المستبدة والانقلابات والتحالف الوثيق مع الكيان الصهيوني بالمنطقة. واحتشد الآلاف من سكان الجزيرة، مشددين على تمسكهم ببيوتهم وأراضيهم وتاريخهم، ومؤكدين أنهم لم ولن يفرطوا بأي شبر من أراضي الجزيرة، وأنهم يقفون خلف هيئة الدفاع عن الجزيرة وخلف ذويهم الذين لُفقت لهم القضايا، رافضين الحصار المفروض عليهم من الدولة منذ أحداث يوليو من العام الماضي. وأصدر المجتمعون وثيقة أكدوا خلالها "أن الطعن المقدم من أهالي الجزيرة على القرار رقم 20 لسنة 2018، بشأن نقل تبعية الجزيرة لهيئة المجتمعات العمرانية، غير قابل للتنازل أو المساومات تحت أي ظرف من الظروف". وطالب المحتشدون الدولة بكل أجهزتها، بضرورة وقف كل أشكال التهجير القسري والتعسفي المجرم بنصوص الدستور المصري والقانون الدولي" فورا، مؤكدين أن حصاراً شاملاً مفروضاً على الجزيرة منذ 16 يوليو 2017 وحتى الآن، ما يضطر بعض الأهالي إلى النزوح هربًا من التضييق. وأضاف الأهالي أن وقف التعامل في الشهر العقاري على أراضي الجزيرة، إلا لصالح الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، فقط يجبر بعض السكان على بيع الأراضي لتلك الجهتين، لسدّ حاجات أسرهم في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة التي يعانيها الجميع. وندد أهالي الجزيرة، بالأساليب المتبعة للضغط عليهم للتنازل عن أملاكهم، قائلين: “إن تلفيق القضايا لبعض أبناء الجزيرة لإرغامهم على بيع أراضيهم، ويكونوا عبرة لمن تسول لهم أنفسهم الوقوف أمام رغبة النظام في الاستيلاء على الجزيرة بشتى الطرق”. وانتقد الأهالي الإفشال العمدي للمرافق والخدمات كنوع من أشكال الضغط على الأهالي، مدللين على ذلك بالمدرسة الموجودة في الجزيرة، مؤكدين أن كثافة الفصول فيها وصلت إلى 80 تلميذا للفصل الواحد، وتعمل على ثلاث فترات دراسية في اليوم، وهو أمر لم يعد موجودا في أي مكان بالبلاد. ولفتوا إلى أنهم ليسوا ضد التطوير، ولكنهم يطالبون بعرض المخطط عليهم لمناقشته، وهو ما ترفضه الجهات كافة التي تتمسك بالإخلاء الكامل للجزيرة لتسليمها للمستثمرين.