أجواء ثورة 25 من يناير عادت من جديد ليس في الشارع المصري لكن في وسائل الإعلام التابعة لسلطات الانقلاب العسكري. الأوصاف نفسها والإسقاطات عينها والانتقادات ذاتها لكنها هذه المرة موجهة إلى الاحتجاجات الواسعة لذوي السترات الصفراء في فرنسا فما الهدف. وحسب تقرير بثته قناة “وطن، فإن مساحة واسعة منحتها وسائل الإعلام التابعة لسلطات الانقلاب لتغطية احتجاجات السترات الصفراء التي تجتاح فرنسا منذ نحو أسبوعين وسط مقارنات مع ثورة 25 يناير قبل نحو 8 أعوام. أغلب وسائل الإعلام مالت إلى تناول مظاهرات فرنسا باعتبارها فزاعة لإبعاد شبح أي احتجاجات محتملة في مصر وأبرزت ما وصفتها بحالة الفوضى والخراب وتراجع السياحة في هذا البلد بينما أهملت اسباب اندلاع الاحتجاجات الشعبية الواسعة. فمنذ 17 نوفمبر المنقضي اندلعت سلسلة احتجاجات لمجموعات تعرف بالسترات الصفراء ضد رفع أسعار الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة وسط محاولات من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتهدئة الأوضاع. خبراء الإعلام وعلم الاجتماع السياسي رأوا أن الإعلام المرئي والمقروء في مصر استخدم ألفاظ وعبارات تسير كلها في إطار التخويف من تكرار شاهد الاحتجاجات في فرنسا وأثارها السلبية على البلاد والتركيز على أن الاحتجاج بوابة لنشر الفوضى. عناوين التغطية الصحفية هيمنت عليها توصيفات الفوضى والدمار والتخريب والخسائر مع استدعاء أحداث وقعت إبان ثورة يناير بينها حرق المجمع العلمي في القاهرة والمثير للسخرية أن بعض التغطيات اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراء تلك التظاهرات. هذا الهجوم من سلطات الانقلاب على احتجاجات ذوي السترات الصفراء يؤكد أن عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري يعيش في قلق مستمر من احتمال اندلاع تظاهرات على القرارات التقشفية التي يتخذها بحق الشعب ويحاول تقديم جرعات إحباط عبر أذرعه الإعلامية لواد أي فكرة احتجاجية. تطور الأحداث على ما يبدو قطع الطريق على سلطات الانقلاب في إكمال مسلسل الفوضى المزعومة إثر خروج رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فيليب ليعلن تعليق زيادة الضرائب على الوقود استجابة للمطالبات الشعبية وعلى رأسها حراك ذوي السترات الصفراء وهو ما يؤكد أن الشعوب إذا ما أرادت فلابد أن يستجيب الحكام.