أرسلت خديجة جنكيز، خطيبة الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، رسالة إلى “بيير أنتونيو بانزيري”، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالاتحاد الأوروبي، تطالبه بمحاسبة المسئولين عن مقتله. وقالت خديجة في رسالتها: “عزيزي السيد بانزيري، أقدر لكم دعوتكم الكريمة لي لمخاطبة أعضاء الاتحاد الأوروبي اليوم، وهو ما أعتبره شرفا عظيما لي”. وأضافت خديجة: “دخل خطيبي جمال خاشقجي قنصلية المملكة العربية السعودية في إسطنبول، في الثاني من أكتوبر، للحصول على أوراق رسمية لازمة لإتمام إجراءات زواجنا في تركيا لكنه لم يخرج منها أبدا، ونتيجة لتصاعد الضغوط اعترفت السعودية، الأسبوع الماضي، بأن عناصر تابعة لجهات الأمن السرية قاموا بقتل جمال”. وتابعت خديجة: “في البداية أود أن أغتنم هذه الفرصة لتقديم الشكر للحكومة التركية وإلى المؤسسات الإعلامية في العالم على التزامها وسعيها إلى تسليط الضوء على ما حدث لجمال، ولولا عملها الدؤوب وتضحياتها لواصلت السعودية إنكارها لأي معلمات تتعلق بالواقعة، وتمسكت بالرواية الأولية بأن جمال قد غادر القنصلية بعد دقائق من دخوله إليها، لكن هناك أسئلة كثيرة ظلت دون إجابات”. وأردفت قائلة: “السعودية تواصل زعمها أن جمال لقي نحبه نتيجة شجار داخل البعثة الدبلوماسية لكن هذه الرواية لا يمكن التعامل معها بجدية فوفقا لتقارير إعلامية، انتظر فريق الموت المكون من 15 شخصا وصول جمال إلى القنصلية السعودية في إسطنبول بهدف واحد هو ارتكاب جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، ووجود طبيب تشريح وشخص شبيه بجمال بين العناصر السعودية يؤيد هذا الاستنتاج، في الوقت نفسه فإن المجتمع الدولي من حقه أن يعرف ممن تلقى قتلة جمال الأوامر والتعليمات يجب أن نتوصل إلى الإجابة عن هذا السؤال، ليس فقط من أجل تعزيز تطبيق العدالة بل من أجل ضمان ألا تجرؤ السعودية على ارتكاب جرائم مماثلة على أي جزء من أوروبا في المستقبل وليس من المفاجئ أنه كانت هناك في الأيام الأخيرة محاولة واهية لحماية كبار المسئولين في الحكومة السعدية وتحديدا ولي العهد محمد بن سلمان وتبرئته من جريمة قتل خطيبي، وفي الأثناء فإني لا أزال تحت حماية الشرطة على مدار الساعة لأن قتلة جمال ما زالوا طلقاء”. واستطردت خديجة “السيدات والسادة.. قبل 150 عاما قال الفيلسوف البريطاني الشهير “ستيوارت ميل”: الشيء الوحيد اللازم لانتصار الشر هو ألا يفعل الصالحون شيئا لإيقافه، وما زالت كلماته صحيحة إلى يومنا هذا، ما من سر في أن قتلة جمال قد أتوا من بلد ينعم بثروات هائلة وأنهم نفذوا أوامر أشخاص من ذوي القوة والنفوذ، متجاهلين تماما لحقوق الإنسان والقانون الدولي، لكن أموالهم وقوتهم لا يمكنها أن تعفيهم من جرائمهم”. وأضافت أن “جريمة قتل جمال مثلت الانتهاك الأكبر لمفهوم الحصانة والأصول الدبلوماسية، منذ قيام الطاغية الليبي معمر القذافي بالتخلص من الفيلسوف والزعيم الديني الليبي موسى الصدر، خلال زيارة رسمية له إلى ليبيا في عام 1978م، وفي هذا الصدد فقد كانت سابقة خطيرة، مفادها أنه في حال فشل المجتمع الدولي في معاقبة القيادة السعودية وتقديم قتلة جمال إلى العدالة، فإن السعودية وغيرها من الدول المارقة سوف تستمر في استهداف الصحفيين والنشطاء والمنتقدين في أوروبا وغيرها من المناطق”. واختتمت خديجة قائلة: “في النهاية فإن التاريخ يعلمنا أن محاولة نيل رضا أشخاص خطرين في مراكز الحكم قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. السادة أعضاء البرلمان الأوروبي الموقرون، إن تسليط الضوء على ما حدث في داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، عصر ذلك اليوم المصيري، ومحاسبة قتلة جمال ومن يرعاهم، لن يعيد إليّ خطيبي، غير أنه سوف يضمن ألا تذهب حياته سدى إذ أن جمال كان طوال حياته مدافعا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية، واليوم فإني أناشدكم أن تخدموا العدالة بأن تطالبوا المملكة العربية السعودية بأجوبة فيما يتعلق بالجريمة مع سبق الإصرار والترصد، التي ذهب ضحيتها جمال خاشقجي إني أطالب المملكة العربية السعودية بأن تبادر فورا بمد المجتمع الدولي والعالم بالحقيقة كاملة ولا شيء غير الحقيقة، وأخيرا أود أن أذكر بأن أوروبا تقع على عاتقها مسئولية بأن ترفع صوتها عاليا وتتخذ خطوات ملموسة ضد الظلم من أجل حماية مبادئنا المشتركة ونمط حياتنا من أعداء الحرية.. وتقبلوا أفضل آيات التقدير والاحترام”.