توفى اليوم السبت عبد الحليم خفاجي، أحد قيادات ومفكري الإخوان المسلمين التاريخيين، بعد صراع طويل مع المرض قابله بالصبر والرضا. وكان د.خالد حنفي - رئيس هيئة العلماء والدعاة في ألمانيا - قد نعى الفقيد قائلا: "عرفت الفقيد وعايشته يملك روحا ونفسا تقهر الهم والألم، لا تفارق البسمة وجهه، يسعى دائما لتفريج الكروب عن الناس، يحب الدعابة والمرح، ويوصل رسائله أثناء مرحه". وأضاف حنفي: "قدم للمكتبة الإسلامية عدة كتب، من أهمها: حوار مع الشيوعيين، وكواكب حول الرسول، وقد امتحن بالسجن سنين طويلة، وأسس في ألمانيا دارا للنشر قدم فيها أهم ترجمة للقرآن بالألمانية، وغيرها من الكتب العربية والألمانية". ولد عبد الحليم خفاجي- رحمه الله- في فبراير 1932م بقرية مرصفا بمحافظة القليوبية قبل أن ينتقل إلى مدينة بنها، حيث كان يعمل والده حسنين أفندي موظفا بالمساحة. وبعد أن حصل على الثانوية العامة التحق في بادئ الأمر بمدرسة المعلمين العليا بالأورمان بالجيزة؛ لأن التعليم بها بالمجان، ولكن رغم كل هذه الظروف العصيبة من ضيق ذات اليد ورغبة والده في أن يستمر في مدرسة المعلمين العليا المجانية والتي توفر فرصة عمل سريعة لخريجيها، اختار أن يسلك الطريق الصعب وبدأ يدرس القانون ويعمل معتمدا على نفسه حتى يوفر مصاريف الدراسة ولا يكلف والده عناء فوق عناء. استمر على هذا الحال حتى حصل علي ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة سنة 1954م، وقبل تخرجه استطاع أن يحصل على فرصة عمل تعينه على مصاريف الدراسة حيث عمل أمينا لتوريدات مدرسة قليوب الثانوية للبنين. وزع - رحمه الله - وقته بين العمل بالمدرسة والدراسة بكلية الحقوق، وكان يقتنص الأوقات في تنقله من العمل بقليوب إلى القاهرة، حيث الدراسة والسكن، كان يذاكر ويتابع المحاضرات بين القطارات والترامات، وكان يقضي يوم الجمعة في صحن الجامع الأزهر أو في أحد المساجد الأثرية بالغورية يستذكر دروسه. تحول نادي الطلبة بمرصفا الذي أسسه إلى شعبة من شعب الإخوان المسلمين بعد أن انضم خفاجي ومعه رفعت القويسني إلى جماعة الإخوان المسلمين، ومنذ ذلك التاريخ تغير مجرى حياته، فمع محنة الإخوان وخلافهم مع عبد الناصر وبعد حادث المنشية الشهير اعتقل الكثير والكثير من أعضاء الجماعة!. وبعد خروجه قام خفاجي بجمع الأموال وقام بتوزيعها على بيوت الإخوان المعتقلين، ليس هذا فحسب، بل أصبح منزله مأوى يتخفى فيه الهاربون من زبانية النظام الناصري، وكان من هؤلاء القويسني المحكوم عليه بعشر سنوات غيابيا، وغيره من الإخوان، واستمر على هذا الحال حتى تم القبض عليه يوم 11 أبريل سنة 1955م بتهمة أنه عضو في جهاز التمويل لأسر الإخوان المعتقلين!. وبعد خروجه في عام 1964م صدر قرار في سبتمبر 1965 بإعادة اعتقال كل من سبق اعتقاله منذ عام 1952م، واستمر معتقلا هذه المرة لمدة تزيد على خمس سنوات. وبعد خروجه عمل مفتشا للتحقيقات بمديرية بنها التعليمية، ثم انتقل إلى ديوان الوزارة، وبعد ذلك جاءته رسالة من الأخ الأستاذ أحمد حجاج بالكويت، بداخل الخطاب تذكرة دعوة لزيارة الكويت، وفيها عمل باحثا قانونيا بوزارة العدل الكويتية، وبعد سبع سنوات قضاها في الكويت هاجر إلى ألمانياالغربية (قبل اتحاد ألمانيا)، واستقر بميونخ بمقاطعة بافاريا، وكان ذلك في عام 1979م . عمل بالمركز الإسلامي بميونخ حتى أصبح سكرتير المركز، عندما كان الأستاذ محمد مهدي عاكف رئيسا للمركز . ثم أصبح رئيسا للمركز الإسلامي بميونخ، وأسس مدرسة تدرس المنهجين العربي والألماني عام 1981م، وأسس معهدا لتعليم اللغة العربية للألمان عام 1982م. أسس مؤسسة بافاريا للإعلام والنشر عام 1983م، وطاف بمعظم بلدان العالم حاملا معه آلام وآمال الدعوة الإسلامية. ومن أهم الأعمال التي يعتز بها خفاجي هو ترجمة معاني القرآن الكريم، كما تضم قائمة مؤلفاته: حوار مع الشيوعيين في أقبية السجون، وعندما غابت الشمس، وقصاص لا إعدام، وكواكب حول الرسول، وقضية التعدد، وملك السجن.. قصة واقعية من داخل الزانزنة، ودور أوروبا في مستقبل العمل الإسلامي، ومختصر كتاب روض الرياحين في حكايات الصالحين، وأختي المؤمنة (مجموعة رسائل أرسلها إلى شقيقته بعد وفاة زوجها)، وآيات ربانية، والرد على آيات سلمان رشدي الشيطانية.