عجيبتان من عجائب الدنيا تتقوفان على عجائب الدنيا السبعة، ليست بدهشة النظر إليها ولكن بقوة فجورها وهول السماع إليها. أما إحدى هاتين العجيبتين فهي لنظام الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي، حينما غير نواميس الكون في مدارج الخيانة وحدودها، وقام ببيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بأوامر صهيونية، وحينما برر خيانته قال إن "أمي قالت لي ماتاخدش حاجة غيرك"، وهو ما ضرب صفحا من الخيال، حيث تغير الفطن والفطرة، وانتهت حروب الأمم على الأرض والحدود، وجاء من يبدل هذه الحرب خيانة بتسليم الأرض والعرض دون طلقة واحدة، ويصدر الكتب والمجلدات ويطلق الفضائيات لتقول إن أرضي ليست هي أرضي وأمي ليست هي أمي وأن هذا الشعب سرق هذه الأرض وعليه أن يردها. العجيبة الثانية فصدرت أيضًا من نظام الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي، حينما كشفت إحدى الصحف الإيطالية، إنه تم ضبط 23 ألف قطعة آثرية تعود للعصورالفرعونية وتؤكد أنها مهربة من مصر، فخرج نظام الانقلاب وقال دون أن ينظر للقطع المذكورة: "ليست ملكنا".. وحينما تأكدت الفضيحة بالكشف عن صور بعض هذه النقوض المهربة، خرجت سلطات الانقلاب، وقالت إنها سترسل لجنة لتقصي الحقائق، وليس للمطالبة باسترداد القطع الأثرية المهربة، حتى أدهش السيسي وزبانيته، العالم أجمع. السيسي هو الحرامي ولم تتوقف التساؤلات حتى بعد أن استعادت مصر الآثار المهربة إلى إيطاليا التي تشمل 195 قطعة أثرية، بينها خمسة أقنعة مومياوات، وأكثر 21 ألف عملة معدنية، ولا تزال في دولة الانقلاب التحقيقات مستمرة، حول واقعة التهريب بمكتب النائب العام المستشار نبيل صادق، لمعرفة ملابساتها والمتورطين فيها، وفق البيان. وكانت شرطة مدينة نابولي الإيطالية أعلنت في مايو الماضي، عن ضبط حاويات تحتوي على قطع أثرية تنتمي لحضارات متعددة، من بينها قطع أثرية تنتمي للحضارة المصرية القديمة. وتردد حينها، أن الحاوية التي تم ضبها، تابعة للسفارة المصرية في روما أو أحد أعضائها، غير أن المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أكد أن ما تم تناوله، لا أساس له من الصحة. الدكتور حجاج إبراهيم، عالم الآثار، ورئيس قسم الآثار السابق بكلية الآداب جامعة، قال في تصريحات صحفية، إن "هناك ثلاث كوارث في الواقعة، الأولى، أن الآثار مصرية، وهو ما يُسئ إلى الدولة، خاصة أن ذلك يشير إلى انتشار تجارة تهريب الآثار من مصر". وأضاف : "الكارثة الثانية، أنهم قالوا إنهم وجدوا بين الآثار المصرية -التحف والعملات- آثارًا من بلدان أخرى، ما يعني أن مصر أصبحت ترانزيت لتجارة الآثار". وتابع: "الكارثة الثالثة هي إهمال الرقابة على المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومن ثم لابد من محاسبة المسئولين في الميناء الذي جرى منه تهريب الآثار بتهمة التقاعس والإهمال". وطالب بضرورة تواجد مفتش المنافذ، وإخضاع الحقائب الدبلوماسية المثيرة للشبهات للتفتيش، وقال، إن على وزارة الآثار مخاطبة الجهات المعنية بالكشف عن أسماء المهربين. تساءل بسام الشماع، عضو اتحاد الكتاب وعضو الجمعية التاريخية، قائلًا: "من هو الحرامي؟"، مستطردًا: "دائمًا ما نسمع عن تهريب واسترجاع آثار، ولكن لم نعلم حتى الآن من هو المهرب؟، ومن هي الجهات المشاركة في التهريب"، لترد عليه تصريحات نظام السيسي حينما نفى أي علاقة بهذه الأأثار، وكأنه يريد ألا يفتضح أمره ويؤكد أن من ينكر حق شعبه دائما ما يكون منكرا لسرقته. وطالب بكشف الجهات المتورطة في هذه العملية، وفي عملية تهريب التابوت إلى الكويت، والتي تبدو منظمة وعلى مستوى عالٍ من الحرفية، مشددًا على ضرورة التعامل بشفافية في هذا الأمر، وذلك بعرض بوليصة الشحن التي تحوي الراسل والمرسل إليه. ولم يبد المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية في حكومة الانقلاب، أي اهتمام خلال تعليقه على اكتشاف أكثر من 23 ألف قطعة أثرية ضبطت في إيطاليا حتى الآن، بزعم أنه لم يتحقق من مصرية هذه الآثار، موضحًا أن الوزارة طالبت بصور أكثر وضوحًا للتأكد من مصريتها وأثريتها، وكأن النظام يسعى لإخفاء معالم مصريتها حتى يتم "لم الفضيحة" وتغيير معالم الجريمة التي تحدث كل يوم ضد الآثار المصرية وثروات البلاد برعاية نظام السيسي. وبالرغم من أن الصورة المنتشرة تؤكد مصرية الآثار المهربة، فضلا عن أنها خرجت من ميناء الإسكندرية، إلا أن عين "أبو زيد"، كذبت مصريتها خلال مداخلة هاتفية في برنامج "العاشرة مساء"، على قناة "دريم"، مع الإعلامي وائل الإبراشي، وقال إن هذه الآثار ذهبت لإيطاليا في حاوية دبلوماسية من ميناء الإسكندرية، وتخص شخصا إيطاليا، موضحًا أن واقعة اكتشاف تهريب الآثار المصرية في إيطاليا تعود لتاريخ 9 مارس. وتابع "دي المعلومة الوحيدة اللي الجانب الإيطالي أمدنا بيها، أن الحاوية دي دبلوماسية وتخص شخصا إيطاليا ومش عايز أقول تفاصيل أكتر من كده، والدبلوماسي الإيطالي ده مش معروف حتى الآن". بينما أكد الدكتور شعبان عبد الجواد، المسئول بوزارة الآثار، أن صور الآثار المرسلة من السلطات الإيطالية ليست موجودة ضمن سجل الآثار المصري، مؤكدًا أن الوزارة تمتلك سجلًا للآثار لتعرف ما المفقود وما الموجود، وتلك القطع ليست موجودة في السجل. وأضاف "من خلال رؤيتنا للصور نجزم أنها آثار مصرية وليست مقلدة مثلما قال البعض". من يتصدى لمافيا السيسي؟ ولم تكن هذه هي السابقة الأولى، بل سبقتها سوابق عديدة وفضائح وجرائم يندى لها الجبين، أبرزها تهريب 300 ألف قطعة أثرية لمتحف اللوفر الإماراتي، حينما تم فصل الكهرباء عن مطار القاهرة في فضيحة عالمية لتمكين تهريب هذه الآثار، لتخرج بعدها للنور في متحف أبناء الشيخ زايد وهم يتباهون بالاستحواذ عليها. وشن حينها رئيس التحرير الأسبق لصحيفة الأهرام عبد الناصر سلامة، هجوما على سلطات الانقلاب العسكري في مصر، بشأن التفريط في آثار مصر لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة. وكشف سلامة عن أن الإمارات تستعد لعرض آثار مصرية نادرة في متحف "لوفر أبوظبي". ومنعت سلطات الانقلاب العسكري نشر المقال على صحيفة "المصري اليوم"، ما اضطر عبد المحسن سلامة إلى نشره في صفحته على "فيسبوك". وأثارت هذه القضية موجة من السخط على النظام المصري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اتهم نشطاء قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بتسهيل نهب ثروات البلاد ونقلها إلى دولة الإمارات، الحليف الإقليمي الأقوى له. وربط نشطاء بين تولي السيسي رئاسة مجلس أمناء المتحف المصري الكبير في يونيو، والقرار المريب الذي تم اتخاذه بعدها بيومين فقط، بمنع استخدام الكاميرات في مخازن وزارة الآثار حفاظا على القطع الأثرية من السرقة، وبعدها أعلنت وزارة الآثار عن اختفاء 33 قطعة أثرية من داخل المتحف المصري في أغسطس الماضي. ومن خلال اقتناء المتاحف العالمية لآثار مصرية وعرضها، يستغل نظام السيسي ذلك في تهريب الآثار المصرية للخارج، واكتشاف آلاف القطع الأثرية المسروقة هناك والدفاع عن شرعية خروجها تحت الزعم بقانون القسمة واقتناء بعض المتاحف العالمية لبعض الآثار المصرية. ووصلت الخيانة لنواب برلمان العسكر الذين دافعوا عن حق الإمارات في سرقة الآثار المصرية، حيث قالت النائبة البرلمانية غادة عجمي، في بيان لها، إن الإمارات دولة شقيقة وتهتم بالحضارة المصرية، مطالبة المصريين بتجاهل أي أخبار تروجها كتائب الإخوان الإلكترونية لتعكير صفو العلاقات بين البلدين، على حد قولها.