بالتزامن مع التداعيات السلبية العديدة التي ستترتب على الاتفاق الأخير بين مصر وإثيوبيا والسودان، في مقدمتها مخاطر بوار أراضي دلتا مصر، بحسب تصريحات خبراء المياه والري، الذين أكدوا أنه بعد 3 سنوات من وقف زراعة الأرز ستخرج معظم أراضي شمال الدلتا- والمقدرة ب 1.5 مليون فدان- عن الإنتاجية لتصبح أرضًا جدباء عالية الملوحة، ولا يمكن إعادة استصلاحها. بعد خراب مالطة اعترف وزير الري في حكومة الانقلاب، محمد عبد العاطي، بخطورة التأثيرات المرتقبة لتغير المناخ على المياه فى الساحل الشمالى لمصر، مؤكدا أنها ستؤدي إلى هجرة ما لا يقل عن 5 ملايين شخص من دلتا النيل. وهي الكارثة التي حذر منها خبراء الري، بسبب تآمر نظام الانقلاب على مستقبل المصريين بالسماح لإثيوبيا ببناء سد النهضة، الذي من شأنه أن يحدث عجزا كبيرا في المياه التي تصل من النيل لمصر بما يزيد على 15 مليار متر مكعب، فضلا عن نسبة الملوحة في الأرض بالدلتا، وبوار الأراضي. وأشار عبد العاطي- خلال كلمة له أمام المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول المياه من أجل التنمية المستدامة- إلى أن مصر تعد مثالًا نموذجيًا لدولة نامية معرضة بشدة للتغيرات المناخية، وتواجه العديد من التهديدات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وقال إن هذه الضغوط تتمثل فى ارتفاع مستوى سطح البحر، وتسرب المياه المالحة إلى خزانات المياه الجوفية الأرضية، علاوة على المناطق المعرضة للغمر بسبب انخفاض مناسيبها الجغرافية مثل دلتا النيل. وأضاف الوزير: "الملايين من الناس فى دلتا النيل معرضون للخطر وإعادة التوطين وضياع استثمارات تقدر بمليارات الدولارات، ومن المتوقع أن تؤدى تأثيرات تغير المناخ فى الساحل الشمالى لمصر إلى هجرة ما لا يقل عن 5 ملايين شخص من دلتا النيل إذا لم يتم اتخاذ إجراءات التكيف المناسبة". وتشير التنبؤات السكانية لعام 2025، إلى أن نصيب الفرد من المياه قد ينخفض إلى أقل من 500 متر مكعب سنويًا (بدلا من 600 حاليا) مع مؤشرات التدهور السريع فى جودة المياه السطحية والجوفية. كما أن الفجوة بين الاحتياجات والمياه المتوافرة تبلغ نحو 21 مليار متر مكعب سنويا، يتم التغلب عليها عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف، والاعتماد على المياه الجوفية السطحية فى الوادى والدلتا. وتشير دراسات تغير المناخ إلى انخفاض إنتاجية محصولين رئيسيين في مصر (القمح والذرة) بنسبة 15% و19% على التوالي بحلول عام 2050، وتمليح نحو 15% من أكثر الأراضى الصالحة للزراعة فى دلتا النيل. وأكد وزير ري الانقلاب أن الوضع المعقد لمصر لا يمكن معه قبول تناقص حقوق مصر التاريخية والاستخدامات الحالية فى مياه النيل، وأنه لا أحد على الأرض سيقبل بموت شعبه بسبب العطش والمجاعة، مشيرا إلى أن التعاون المشترك مع دول الحوض يجب أن يعتمد على النفع المشترك وعدم الإضرار بالغير. مؤامرة النهضة وتعالت التحذيرات من الآثار السلبية والمخاطر التي تترتب على الاتفاق المصري الإثيوبي حول مياه النيل. وكان أول تلك الآثار السلبية هو منح الفرصة لإثيوبيا للمضي في برنامجها لإنشاء السد، وبدء تخزين المياه دون أية معوقات أو اعتراضات من جانب مصر من شأنها تعطيل المشروع الذي سيؤثر على العديد من المناحي الاقتصادية والبيئية في مصر، ومنها التهديد ببوار مئات الآلاف من الأفدنة في الدلتا (شمال العاصمة القاهرة)، بالإضافة إلى الخسائر التي ستتكبدها الدولة والمزارعون من توقف زراعة الأرز، بحسب ما أكده خبراء في المياه والري. وأعلن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، عن أنه لا أزمة بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة الإثيوبي، عقب قمة ثلاثية، خلال 4 سنوات كاملة تعقد بين الحين والآخر، وتبدأ بتشابك الأيدي، ثم باعتراف وزير من وزرائه بالفشل. ولم يتطرق المفاوض في نظام السيسي مع إثيوبيا ل"النقص الذي سيحدث في حصة مصر بعد الملء الأول للسد، حيث لم يتم الحصول على تعهد من إثيوبيا بالحفاظ على تدفقات النيل الأزرق عند نفس مستوياتها قبل بناء السد، حيث أرغموا مصر على الموافقة على ملء السد في 3 سنوات وفرضوا إرادتهم كالمعتاد رغم كل التقارير الدولية التي تحذر من ملء السد في أقل من 7 سنوات". وأعلنت وزارة الري والموارد المائية في مصر قرارها بتخفيض المساحة المنزرعة بمحصول الأرز الموسم المقبل من 1.1 مليون فدان إلى 724 ألفاً و200 فدان فقط. وهو القرار الذي رجّح خبراء أنه جاء نتيجة لضغوط إثيوبية على مصر، واتهام الأولى للثانية بأنها تهدر كميات كبيرة من المياه التي تصلها عبر السودان من إثيوبيا على زراعة الأرز. قرار وزارة الري بحسب خبراء زراعة سيؤدي إلى أزمة كبيرة في المحصول الذي يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد القمح بالنسبة للشعب المصري، فبعدما وصلت نسبة الاكتفاء الذاتي من الأرز إلى 99.7٪ بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في الفترة الماضية، أصبحت مصر على مشارف فجوة كبيرة في الإنتاج نتيجة تخفيض المساحة المنزرعة إلى أقل من النصف، حيث إنه من المعروف أن المساحات المنزرعة حسب الأرقام الرسمية كانت 1.1 مليون فدان بينما كانت تصل إلى مليوني فدان بعد احتساب المساحات المنزرعة بطريقة مخالفة. أما الآن ومع تخفيض تلك المساحات بأكثر من الثلث فإنه من المتوقع أن يقل إنتاج المحصول الذي يعتمد عليه المصريون بشكل أساسي إلى أقل من النصف، وهو الأمر الذي سيدفع وزارة التموين (المسئولة عن توفير الأرز للمواطنين) إلى العودة للاستيراد من دول مثل الفيليبين والصين بكميات كبيرة، حيث كانت في السابق تستورد أنواعاً رديئة من الأرز لا تعجب المواطنين في مصر.