"لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين"، حديث نبوي واضح معناه انتفاء الإيمان عن من يخدعه عدوه مرتين متتاليتين ومتشابهتين وفي نفس موضع اللدغة الأولى، بحلول يوم 30 يونيو 2013 كان كل ممثل قد حفظ دوره تماما في مسرحية الانقلاب، وعلى رأسهم المخرج اليساري خالد يوسف، وبحلول الظهر أعلنت حركة "تمرد" ذراع المخابرات العسكرية أن العدد في الشوارع تجاوز 10 مليون مواطن، وبسرعة تضاعف هذا الرقم 14 مليون ثم 17 مليون ثم 22 مليون، بعد تدخل " يوسف" بالجهد والإخراج والمونتاج. وفي نهاية المطاف ادعت وسائل الإعلام المطبلة للانقلاب بأن مظاهرات انقلاب 30 يونيو في جميع أنحاء مصر وصلت إلى 33 مليون مواطن متواجدين في الشوارع وأنها تعد أكبر مظاهرات في التاريخ الإنساني، و قد قامت الطائرات العسكرية بالتحليق في سماء ميدان التحرير والقيام بتشكيلات مسلية للحشود تحتها كما قامت بإلقاء الأعلام وزجاجات مياه إليهم، ورسم قلوب فى الجو كعرض للحب والمودة تجاه المتظاهرين. حتى إن الجيش قدم طائرة هليكوبتر عسكرية لنقل خالد يوسف، المعروف بتأييده للعسكر وعداءه للإخوان، سجل خالد يوسف الحشد في الحال وأنتج فيلماً تم بثه على الفور ليس فقط في كل الشبكات التلفزيونية المناهضة لثورة 25 يناير ولرئيس المنتخب محمد مرسي في جميع أنحاء مصر، بل وأيضا في التلفزيون الرسمي. منافع للعسكر وفي خلال ساعات ادعت كل وسائل الإعلام أن أعداد المتظاهرين تقدر بعشرات الملايين، وفي ميدان التحرير وحده يصل العدد ما بين 5 و8 ملايين، وفي يوم الانقلاب، ظهرت الألعاب النارية، وعروض الليزر، وأقيمت احتفالات كاملة، والسؤال ما هى اللعبة وراء منع عرض فيلم "كارما" الذي أخرجه "يوسف" قبل العيد، ثم العودة في القرار والسماح بعرضه في كافة دور السينما، وخروج يوسف لاهثاً بالشكر للسفيه السيسي وللجيش.. هل في الأمر معارضة مدبرة؟َ! ولا تختلف معارضة خالد يوسف عن توأمه في التطبيل إبراهيم عيسى أو حتى علاء الأسواني، الذي كتب راوية شيكاغو وكال فيها الشتائم القذرة لنظام المخلوع مبارك، وكان منعها أكبر دعاية لها وتم نشر فصولها في صحيفة الدستور التي كان يرأسها وقتها إبراهيم عيسى، وغفل المصريين عن أنها معارضة مدبره وتم لدغهم من جحر العسكر، تقول الناشطة إيمان محمود :" الناس فاكرة مثلا أن لما خالد يوسف يعمل فيلم بيشتم فيه الحكومة يبقى راجل محترم؟ أنتو ناسيين أفلام عادل إمام أيام مبارك ولا إيه؟ ..خالد يوسف ابن برلمان توفيق عكاشة يا جماعة".
الشو الإعلاني للفيلم وتحفيز المصريين على مشاهدته لم يخلو من منافع للعسكر، أقلها ظهور سلطات الانقلاب في ثوب النظام الديمقراطي المتسامح، التي تتراجع بكل أريحية أمام استقالة جماعية للجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، والتي احتجت بدورها على سحب الرقابة ترخيص عرض فيلم كارما. من جانبه يقول الكاتب الصحفي جمال سلطان، أن قرار منع عرض فيلم "كارما" للمخرج خالد يوسف، قد يقف وراءه جهات سيادية، وخاصة أن الرقابة كانت قد سبقت وصرحت بعرض الفيلم، لكنه يطرح سؤالا بالقول :"هل هناك ملعوب في قرار منع عرض فيلم كارما؟"، وهل من الممكن أن تسمح سلطات الانقلاب بسيناريو وتصوير وعرض فيلم يحمل إسقاطات معارضة لعصابة السيسي، لأن أغنية الفيلم الأساسية تحمل إشارات يمكن تفسيرها بأنها تقصد السفيه السيسي. وسحبت الرقابة على المصنفات – حكومية تابعة للانقلاب- ترخيص عرض فيلم "كارما"، قبل ثلاثة أيام من موعد خروجه إلى صالات العرض، بعد صدور قرارات سلطات الانقلاب بمنعه، وتم تسريب تفسيرات تمجد في "يوسف" وأن ذلك المنع جاء كعقاب له من السفيه السيسي، على رفضه اتفاقية ترسيم الحدود التي تنازل فيها السفيه السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. المطبلاتي وفيلم "كارما"، هو أول فيلم للمطبلاتي خالد يوسف منذ أن توقف عن العمل في السينما وتفرغ لتأييد السفيه السيسي والهجوم على جماعة الإخوان المسلمين، بعد ثورة يناير عام 2011 التي أسقطت المخلوع مبارك، وهو عضو في برلمان الدم، الذي شكلته المخابرات الحربية، ولا يزال من مؤيدي السفيه السيسي، قبل أن يتخذ موقفًا مدبر ومتفق عليه معارضًا لاتفاقية باع فيها السفيه السيسي للسعودية حق السيادة على جزيرتي تيران وصنافير، وذلك لمصلحة التطبيع واتفاق القرن من كيان العدو الصهيوني. ولم يكشف يوسف عن تفاصيل مثل: "ما سبب القرار من الأساس؟"، "لماذا ألغي؟"، و"كيف بهذه السرعة؟"، وكانت سلطات الانقلاب قد وجهت قرصة ودن ل"يوسف" – في وقت سابق- واحتجزته العام الماضي بمطار القاهرة الدولي، وأحالته للتحقيق، بزعم حيازته 10 شرائط من مخدر "الزانكس"، بإجمالي 100 قرص كانت مخبأة في حقيبته لدى سفره إلى باريس. وحتى لا نظلم خالد يوسف وننزع عنه غطاء الوطنية والمعارضة، فلعل الرجل أراد أن يطل برأسه أقصى من المسموح له وصدق أنه أحد أصابع السفيه السيسي المهمة، فأكد له السفيه أن الذي يخرج عن الخط المسموح به سيكون ذلك عقابه، مهما كانت الخدمة التي قدمها للعسكر حتى لو كانت تصوير مظاهرات 30 يونيو والتلاعب في الصورة وخداع المصريين، فمجرد معارضة ولو بسيطة ومدبرة ومتفق عليها ضد السفيه السيسي، تقوم الدنيا ولا تقعد، حتى تصل وقاحة سلطات الانقلاب إلى تصوير "سويف" في أوضاع مخلة مع ساقطات داخل غرف النوم.