تتعرض السيدة أمل عبدالفتاح إسماعيل التي استشهد والدها (عبدالفتاح إسماعيل) على أعواد المشانق في عهد الدكتاتور عبدالناصر سنة "65" وكان رفقة الشهيدين المفكر الكبير سيد قطب صاحب تفسير الظلال، والشيخ محمد يوسف هواش لحملة تشهير سوداء واتهامها بأنها حلقة الوصل بين الإخوان وتنظيم داعش خارج سيناء. وتشن صحف العسكر حملة سوداء بحق السيدة أمل (55 سنة) ونشرت اليوم السابع والجمهورية والدستور وغيرها من الأذرع الإعلامية للانقلاب تقريرا متشابها يتهم فيه السيدة أمل وكنيتها (أم المثنى) بأنها أخطر عنصر نسائي في الإخوان ارتبط اسمه منذ 65 حتى 2018، واتهمها التقرير الأمني بتأسيس خلية إرهابية بالصعيد وسعت لأخرى في دمياط وسهلت سفر ما وصفهم التقرير بتكفيريين لسوريا بتوفير التمويل زاعمين أنها كانت الرابط بين الإخوان في الخاج وتنظيم داعش خارج سيناء!. تقارير الأذرع الإعلامية أشادت بما أسمته نجاح الأجهزة الأمنية في القبض على "أم المثنى" رغم أنها لم تكن مختبئة بل كانت تمارس حياتها الطبيعية في بيتها بشارع محمد إسماعيل دائرة قسم ثان دمياط، مسقط رأسها وموطن عائلتها. وفي محاولة لخلق أي دليل على ارتباط الإخوان بتنظيم داعش ، زجت الأجهزة الأمنية باسم السيدة أمل في القضية الخاصة بتنظيم داعش الصعيد بعد قرار إحالتها للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 23 لسنة 2017 جنايات أمن الدولة، والمعروفة إعلاميا ب«ولاية الصعيد». تلفيق وأباطيل وبحسب مراقبين فإن هذه الحملة السوداء تخالف أي منطق أو منهجية علمية رشيدة؛ لأن العلاقة بين الإخوان وتنظيم داعش هي علاقة شديدة الخصومة والتوتر للتباين الشديد بين الفكرين والمنهجين ووسائل وأساليب التحرك. ويدلل على ذلك الصراعات المستمرة داخل السجون والمعتقلات بين المنتمين للإخوان والمنتمين لداعش ومعظمهم شباب صغير السن تم التغرير به واللحاق بداعش بعد انقلاب 3 يوليو 2013 العسكري الذي سد أبواب أي أمل في التغيير السلمي للبلاد بعد إجهاض المسار الديقمراطي واعتقال الرئيس المنتخب وأركان حكومته. ووفقا لمراقبين فإن الانقلاب أفضى إلى كفر معظم الشباب بالعمل السياسي والديمقراطي ذلك أن العسكر يمكنهم وأد أي تجربة ديمقراطية جادة وسحق إرادة الشعب في أي لحظة والدليل ما جرى في منتصف 2013م، فرغم حصول الإخوان على ثقة الشعب في أنزه انتخابات عرفها التاريخ المصري إلا إنه تم الانقلاب عليها من عصابة من الجنرالات الفسدة الذين تربطهم علاقات مشبوهة بالولايات المتحدةالأمريكية وتل أببيب وعواصم عربية شديدة التحالف مع الصهانية مثل الرياض وأبو ظبي. وهناك حزمة من الدلائل على انعدام المنطق والمنهجية في هذا الربط التعسكفي بين الجماعة وتنظيم داعش؛ لأن الإخوان يؤمنون بالعمل السياسي والحزبي والتداول السلمي للسلطة عبر الفوز بثقة الناخبين بينما يرى داعش أن الديمقراطية كفر وضلال، ويؤمن الإخوان بسلمية التصدي للنظم المستبدة الطاغية. بينما يرى داعش ضرورة حمل السلاح في مواجهة هذه النظم، وثالثا يعتقد الإخوان أن الصراع مع هذه النظم في الأساس صراع سياسي يتعلق بإقرار الحق والعدل والحريات دون إقصاء وتحقيق الشفافية والنزاهة والعدالة الاجتماعية ولا ينزلق إلى مربع التكفير وفق أدبيان ومنهج الجماعة، لكن تنظيم داعش يرى أن المعركة مع هذه الننظم عقدية بين الإيمان الذي يمثله التنظيم والكفر الذي يمثله هذه النظم وكذلك جميع الحركات الإسلامية الأخرى ومنها الإخوان الذين يرى تنظيم داعش أنهم كفار مثلهم مثل النظم المستبدة تماما. امرأة تلخص مصر ويعتبر البعض أن السيدة أمل عبدالفتاح إسماعيل تختصر صورة مصر في عهد العسكر، فقد تفتحت عيناها عام 1965 وعمرها 3 سنوات على تنفيذ حكم الإعدام في أبيها الذي كان يتمتع بسمعة حسنة بين أقاربه وأهل قريته. وفي عهد السادات تم اعتقال السيدة أمل. وبعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013م وفي عصر السيسي قرر النظام العسكري استكمال مهمته مع الفتاة التي صارت سيدة، وجرى اعتقال شقيقها نجيب عبد الفتاح إسماعيل (أكتوبر 2014) واتهم بأنه تابع لتنظيم الدولة الإسلامية، وبعدها اعتقل ابنها حنظلة أحمد الماحي وصار نزيل السجون المصرية، ثم لم تنقض شهور أخرى حتى اختفى ابنها الثاني المثنى أحمد الماحي قسريا بتاريخ 23 إبريل 2016 ولا يزال مجهول المصير حتى لحظة إعداد هذا التقرير. لم يتوقف الأمر هنا، فبعدها بعام واحد اختفى ابنها الثالث سهيل أحمد الماحي، وبعد أسبوعين وبالتحديد في 15 يوليو 2017 عُرِف مصيره، إذ أعلنت الأجهزة المصرية عن تصفيته ضمن خلية اتهمتهم بالانتماء لحركة حسم. وبعد أقل من عام آخر اختفى ابنها الرابع مصعب، وهو أكبر أبنائها، بتاريخ 2 مايو 2018، ولم يمض يوم واحد حتى اختفت هي نفسها قسريا بتاريخ 3 مايو 2018 ليظل مصيرهما مجهولا حتى هذه اللحظة. لم يبق من أسرة أمل عبد الفتاح إسماعيل إلا ولدٌ واحد، تلاحقه سلطات الانقلاب أيضا التي فيما يبدو قررت إبادة هذه العائلة لتكتمل مسيرة السيدة التي ولدت مع الحكم العسكري. ووفقا للباحث الإسلامي محمد إلهامي فإن أمل عبد الفتاح إسماعيل تصلح أن تكون رمزا لمصر كلها تحت حكم الطبقة العسكرية، فمصر التي حكمها العسكر وهي الأولى عربيا وفي طليعة الدول النامية شرقيا، لا تزال تتآكل وتتقزم حدودها ومكانتها وسمعتها، حتى يبدو كأنها تشهد فصولها الأخيرة مع حكم الجنرال الطاغية عبدالفتاح السيسي.