تفوح "رائحة الموت" من كافة جنبات ميدان "رابعة العدوية"، وذلك بعد يوم واحد من قيام ميليشيات الانقلابيين بفض الاعتصام السلمي لأنصار الرئيس الشرعي محمد مرسي، ما خلف آلاف الشهداء والجرحى. فالميدان، الذي استعاد حركة السير فيه صباح اليوم الخميس لأول مرة منذ نحو 48 يوما، بدا وكأنه يحمل آثار "مدينة للأشباح" حيث تفحم مسجده الشهير بالكامل، فاكتست جدرانه وأسواره ومأذنته بالسواد بسبب ألسنة اللهب، فيما احترقت نحو 150 سيارة وأطنان من المأكولات والمشروبات والأدوية. كما طالت النيران كذلك مبنى إداريا تابعا لجامعة الأزهر مجاور للمسجد، وأيضا مركز رابعة العدوية التعليمي، وامتدت النيران أيضا لتلتهم جزءا من مبنى الإدارة العامة للمرور (فرع مدينة نصر(. بمجرد الوصول إلى محيط المكان ستجد العشرات من عناصر "الدفاع المدني" تعمل على إزالة كافة آثار الاعتصام، فيما تتولى قوات الشرطة والجيش بمتابعة إزالة الخيام بشكل دقيق، ونصب أسلاك شائكة في محيط الاعتصام المنفض لمنع عودة المعتصمين إليه. وتمركزت قوات من شرطة وجيش الانقلابيين على مداخل ساحة الاعتصام "السابقة" من كافة الجهات، حيث يقومون بعمليات تفتيش دقيقة لجميع الوافدين إلى المكان سواء من وسائل الإعلام أو مواطنين فضولين جاءوا لتصوير المشهد. وتفقد محافظ القاهرة المعين من قبل الانقلابيين صباح اليوم الخميس آثار الدمار بمسجد رابعة العدوية ومحيط الاعتصام والمخلفات التي نتجت عن فض الميدان. وقال: إن إزالة المخلفات بمحيط رابعة والشوارع المحيطة ستستغرق نحو أسبوع، أما تسيير المرور فسينتهي خلال اليوم، مشيرا إلى أن حجم الخسائر كبير ولكن حتى الآن لم يجر تقديرها بشكل دقيق. وقد حمَّل المعتصمون ميليشيات الانقلابيين المسؤولية عن حرق المسجد مع حرق المبنى التابع له، والذي كان يحوى المستشفى الميداني والمقر الإداري لقناة "أحرار 25" التي أطلقها المعتصمون. ودفعت قوات الشرطة العسكرية التابعة للانقلابيين بأعداد مكثفة من أفرادها لتأمين محيط الاعتصام من مبان حكومية وعسكرية. وقد انتشرت في محيط الاعتصام وكافة جوانبه خلال ساعات الصباح الأولى عمليات سلب ونهب موسعة من قبل بلطجية ولصوص، وأطلق سكان الميدان وأصحاب المحال التجارية استغاثات متكررة لقوات من الجيش لحمايتهم. وتحفظت قوات الشرطة والجيش على وحدات البث التليفزيوني المباشر التابعة للتليفزيون الرسمي المصري التي كان المعتصمون قد منعوا خروجها بعد وقوع الانقلاب، وتم رفعها على ناقلة كبيرة ليتم إعادتها مرة أخرى لمبنى التليفزيون الرسمي.