لا يمر يوم على القدسالمحتلة والمسجد الأقصى المبارك بأمن وسلام وهي تستقبل شهر رمضان المبارك تحت ظلال الاحتلال الصهيوني البغيض، وسط مواصلة الكيان سياسات التهويد والاستيطان وحفر الأنفاق أسفل أساسات المسجد الأقصى المبارك واستمرار هدم منازل المقدسيين وتشريد أهلنا المرابطين، ويمضي على احتلال القدس أكثر من نصف قرن من الزمان والعدو يواصل جرائمه بحق الأرض والإنسان والتاريخ وجغرافية المكان، وسط صمت رسمي عربي كشف تواطؤ الأنظمة العميلة مع الصهاينة، وتوج بنقل الرئيس الأمريكي المتصهين ترامب سفارة بلاده للقدس المحتلة. وطوال سنوات مضت كانت مصر مدافعة عن الحق الفلسطيني والإسلامي في القدس، عبر الحركات الشعبية والطلابية والعمالية قادرة على القيام بأدوار غير رسمية مؤثرة، والسؤال الآن هل لا تزال قادرة على ذلك بعد انقلاب 30 يونيو 2013؟ بالقمع واجه السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الغضب عند الشعب المصري، بعدما كان الشعب يمارس أقصى درجات الضغط حتى أيام المخلوع مبارك، وذلك لاتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة صفقة القرن، ووضع الخطوط الحمراء مع الحكومات العميلة مع إسرائيل، ويؤكد المراقبون أن الشعوب العربية لن تحصل على شئ بالمجان، فإن لم تحترم قضيتها لن يحترمها أحد في العالم وسوف "تُداس بالأقدام". الجامعة العربية ورغم سخونة الأحداث ونقل سفارة ترامب إلى القدسالمحتلة، إلا أن الجامعة العربية لم تتفاعل إلا ببياني إدانة؛ وحذّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، من وجود تراجع وتردد في العالم الإسلامي، وخاصةً داخل جامعة الدول العربية، فيما يخص قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدسالمحتلة. وقال جاويش أوغلو تعليقاً على قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، إن "قرار الولاياتالمتحدة هذا خاطئ، وعلينا انتهاج موقف مشترك حياله، لكننا نلاحظ في الآونة الأخيرة نوعًا من التراجع والتردد داخل العالم الإسلامي في هذا الصدد وخاصة جامعة الدول العربية". وأضاف: "نلاحظ تراجعاً في مواقف بعض الدول بشأن الدفاع عن القضية الفلسطينية، جراء تخوفات من الولاياتالمتحدة، وهذا خطأ فادح جداً لن يصفح عنه التاريخ والأمة، وعلى هذه الدول ألا تمارس ضغوطًا على الأردنوفلسطين". الرئاسة وتجاهل قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة، وفي نبرة تواطؤ فاضحة قال أنه ليس بوسع مصر تقديم شئ للفلسطينيين، وبلسان أفخاي درعي تحدث السفيه السيسي واعظاً أهل الرباط في القدس وما حولها ألا يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة، بما معناه الاستسلام للاحتلال الصهيوني طواعية دون قيد او شرط. في مقابل ذلك أعاد نشطاء عبر "يوتيوب" مقطع فيديو للرئيس المنتخب محمد مرسي وهو يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن دعم القضية الفلسطينية وأهلها، بالتزامن مع الأحداث الجارية عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب زعمه أن القدس عاصمة للكيان الصهيوني. وقال الرئيس محمد مرسي، موجهًا كلامه إلى رئيس الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة: السيد الرئيس إن أولى القضايا التي ينبغي أن يشترك العالم في بذل كل جهد ممكن لتسويتها على أسس العدالة والكرامة هي القضية الفلسطينية: إن عقودًا طويلة مضت منذ أن عبر الشعب الفلسطيني عن عزمه استعادة كل حقوقه، وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. الخارجية "ولأن الاجتماع يتناول القضية الفلسطينية.. فالمهمة خاطفة!"، كتب أحمد أبو زيد المتحدث باسم خارجية الانقلاب العسكري عبر حسابه على "تويتر": "أتوجه إلى إسطنبول الآن مع السيد وزير الخارجية فى مهمة خاطفة لبضع ساعات، للمشاركة فى القمة الإسلامية الاستثنائية حول الوضع فى فلسطين"، يعنى الزيارة بالنسبة لمصر روتينية "خاطفة" لأن القضية الفلسطينية لا تمثل لقائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي أهمية، وأصبح من الواجب شكر خارجية العسكر على اتساقها مع نفسها. ولم يظهر وزير خارجية الانقلاب، سامح شكري، الصديق المقرب من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال الأزمة ولم يطلق تصريحا واحدا يخص أحداث القدس. وفي 2013 قبل الانقلاب بأشهر، اتخذت الخارجية في عهد الرئيس محمد مرسي عدة خطوات على صعيد الأممالمتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية ومنظمة اليونسكو ومنظمة التعاون الإسلامي، لكشف خطط إسرائيل تغيير هوية القدس والمسجد الأقصى، وشاركت في مؤتمر المانحين لتطوير القدس بمدينة باكو في أذربيجان. وزارة الأوقاف وتجاهلت وزارة أوقاف الانقلاب، القائمة على شؤون الدعوة والمساجد بمصر، أية إشارة إلى أحداث نقل السفارة الأمريكية؛ وجاءت خطب الجمعة خالية من أي إشارة للقدس وكان سورة الإسراء في القرآن قد تم محوها للأبد، وهو ما دفع صحيفة "هآرتس" العبرية، للقول إن "وزير الأوقاف مختار جمعة أصدر تعليماته لأئمة وخطباء المساجد بعدم الحديث عن الأقصى". وفي المقابل، أدانت وزارة الأوقاف في 2012 في عهد الرئيس محمد مرسي، بقيادتها الدينية وعلمائها ودعاتها وخطباء المساجد، الممارسات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى، وطالبت الأمة الإسلامية بحكامها وشعوبها باعتبار الحق الفلسطيني هو المشروع القومي للمسلمين. الأزهر قبل الانقلاب بأسابيع في مايو 2013، شهدت ساحة الجامع الأزهر مظاهرات حاشدة بمليونية "نصرة القدس"، وقام المتظاهرون بحرق علم الاحتلال الإسرائيلي أمام الأزهر، إلا ان كل شئ تبدل مع مجئ رجل إسرائيل إلى السلطة في مصر، وتعهداته المستمرة بحفظ أمن المواطن الصهيوني! وكشفت مصادر بالأزهر الشريف ضمن فريق "هيئة كبار العلماء" أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب تلقى اتصالات هاتفية من قيادات بجهاز مخابرات عبد الفتاح السيسي، تبلغه بتحفظها على بيان تأييده للانتفاضة الفلسطينية، ردًا على قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة. اليساريون والناصريون وعلى الرغم من اهتمام تيار اليسار المصري، وأصحاب التوجه الناصري، بالقضية الفلسطينية على مدار عقود مضت، حيث كانت لهم مشاركات ملموسة لتعرية الاحتلال باللقاءات الثقافية والدعوة للتظاهر بالجامعات، إلا أنه لم تسجل أية دعوة من أصحاب هذا التوجه أو الأحزاب التابعة لهم للتظاهر في عقب نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة. وتبارى اليساريون والليبراليون والقوميون والناصريون في تجميل صورة الانقلاب العسكري، والغزل بجنرالات الخراب ويلقون بكل قيم الحرية والديمقراطية التي تغنوا بها طويلا وراء ظهورهم في طرفة عين وكأنهم مصابون برهاب عودة الإخوان إلى الحكم، أو كأنهم استيقظوا من كابوس لا يريدون أن يناموا حتى خشية أن يروه ثانية! ولم هذا التسامح السخي، لا بل والشد على أيدي جنرالات العسكر، الذين أعادوا إلى المشهد ممارسات القمع والتسجين والتقتيل، ما دامت ترتكب بحق الإخوان وحدهم؟ وكأنهم أمنوا حكم العسكر، ولا يخشون أن ينقلب السحر على الساحر، ويلحقهم الدور لينالوا نصيبهم من التنكيل والتسجين؟ السلفيون ولم يسجل علماء ومشايخ الدعوة السلفية بمصر أية ردود فعل بشأن نقل سفارة ترامب إلى القدسالمحتلة، ما أثار الغضب بمواقع التواصل الاجتماعي على صمت مشايخ مثل محمد حسان وحسين يعقوب وياسر برهامي، وغيرهم. وعرفت الشيخ محمد حسان على سبيل المثال، بمواقف لنصرة المسجد الأقصى ومدينة القدس، والقضية الفلسطينية، وأطلق خطبا وتسجيلات بعضها عبر قناة "الرحمة" الفضائية في هذا الإطار، ولكن قبل الانقلاب العسكري. الفنانون ولاعبو الكرة واختفت أصوات الفنانين المصريين عقب نقل سفارة ترامب إلى القدسالمحتلة، رغم أنهم قدموا أعمالا درامية وفنية عن القضية الفلسطينية، وبينها أوبريت "القدس هترجع لنا" عام 2007،، وأوبريت الضمير العربي عام 2008. كما غاب عن التعاطف مع الأقصى؛ لاعبو كرة القدم المصريين؛ إلا النجم محمد أبوتريكة الذي أعلن وقوفه مع هبة الأقصى، وكان سابقا من أهم المناصرين للفلسطينيين، بتعاطفه الشهير مع غزة في 2009، وفي حفل تسليم جائزة الكرة الذهبية الجزائرية بداية 2016. الصحف المصرية وبالتزامن مع نقل سفارة ترامب إلى القدسالمحتلة، خلت عناوين الصحف التي تخضع لرقابة العسكر من أي حديث عن تظاهرات دعم مسيرات العودة، وذلك على عكس ما كان يحدث من اهتمام بالقضية الفلسطينية، وبشكل خاص أي اعتداء على المسجد الأقصى، والذي كانت تبرزه الصحف كأهم القصص الخبرية، وهذا أيضا كان قبل الانقلاب.