اعتبر الكاتب صاموئيل راماني أن فرحة السعودية بانسحاب الولاياتالمتحدة من صفقة النووي مع إيران لن تدوم طويلاً، مشيرا إلى أن هذا الانسحاب يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات الكامنة بين السعودية وحلفائها الإقليميين، وأيضا يشجع إيران على الانخراط في سياسات عدوانية تقوض أمن السعودية وتُضعف نفوذها. وأوضح الكاتب في مقال له بمجلة "ناشيونال إنتريست" الأمريكية، أن الشاغل الأكبر والأكثر إلحاحا للسعودية الآن، يتمثل في أن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي سيُضعف من تماسك مجلس التعاون الخليجي. فمنذ اندلاع الأزمة مع قطر في يونيو من العام الماضي، كان هناك انقسام واضح في منظومة مجلس التعاون حيال التعامل مع إيران؛ فالسعودية والإمارات والبحرين ترى أن طهران مصدر كل شر في الشرق الأوسط، وأنه يجب احتواؤها بأي ثمن، في حين أن هناك كتلة أخرى، تضم قطروالكويت وعُمان، ترى العكس؛ فهي تعتقد أن التعاون الانتقائي مع إيران والتجارة، يمكن أن يفيدا الاستقرار الإقليمي، بحسب المجلة. وقد يؤدي انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي مع إيران إلى محاولة سعودية لإقناع كل من الكويت وعُمان بالتخلي عن علاقاتهما بإيران، حيث تنظر الرياض إلى سياسة واشنطن المتغيرة تجاه إيران على أنها فرصة لتعزيز هيمنتها على دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة أن كلاً من الكويت وعُمان، في النهاية، حليفة لأمريكا، وكلا البلدين يمتلك الثقة بأنه سيكون قادراً على تجنُّب ضغط الرياض ومعاقبة إيران تجاريا. وإذا ما رفضت الكويت وعُمان الرضوخ لتلك الضغوط السعودية، فإن الفجوة في السياسات الخليجية تجاه إيران سوف تستمر، ويمكن لها أن تزداد، ويمكن لهذه الانقسامات أن تُضعف بشكل كبير، فاعلية مجلس التعاون كمنظمة للأمن الجماعي. وتشير إلى أن تصعيد العدوانية الإيرانية سيُضعف أمن السعودية، ومن المرجح أن يكون اليمن أول منطقة تستعرض فيها إيران عضلاتها العسكرية، فبعد ساعات من إعلان ترامب انسحابه من الاتفاق النووي، أطلق المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، سلسلة من الصواريخ على الرياض، تم اعتراضها بنجاح من قِبل الجيش السعودي، حيث فُسرت تلك العملية بأنها شكل من أشكال الانتقام الإيراني وردّاً على قرار ترامب. ويرى الكاتب أن هذا السيناريو سيترك السعودية في وضع غير مريح ويضطرها إلى تحويل المزيد من مواردها في حرب استنزاف لا يبدو أنها ستكون قادرة على النجاح فيها؛ ما قد يدفعها، في لحظة ما، إلى الدخول في تسوية سلمية باليمن، وهي بوضع ضعيف. وكانت واشنطن قد اتخذت، يوم الإثنين، موقفا متشددا إضافيا حيال إيران، بعد أسبوعين من انسحابها من الاتفاق النووي، فارضة عليها 12 شرطا، لإبرام اتفاق نووي جديد معها، ورافضة إعادة التفاوض على الاتفاق السابق، الذي كان وقع في العام 2015 بين طهران والدول الكبرى، في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. وتعهدت واشنطن، ضمن ما يمثل خطة تصعيدية للتعامل مع إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، بفرض عقوبات "قد تكون الأقوى في التاريخ" على طهران، التي تتهمها بزعزعة استقرار الشرق الأوسط والسعي إلى الحصول على سلاح نووي، كما تنتقد برنامجها للصواريخ الباليستية، مطالبة إياها بالخروج من سورية، والتوقف عن دعم ما تصفها بالمجموعات الإرهابية، ك"حزب الله" وحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي". وفي إطار لتحديد السياسة الأميركية الجديدة تجاه إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، أن واشنطن ستمارس ضغطا ماليا غير مسبوق على إيران، كما ستفرض عليها عقوبات قد تكون الأقوى في التاريخ، مطالبا إياها بإخراج قواتها من سورية. وحدد بومبيو 12 شرطا للتوصل الى "اتفاق جديد" مع إيران مع مطالب أكثر صرامة حول "النووي"، ووضع حد للصواريخ الباليستية والتدخل الايراني في النزاعات الشرق أوسطية. وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنه سيعمل مع البنتاغون والحلفاء في المنطقة "لردع أي عدوان إيراني". ورداً على خطاب بومبيو، قال مسؤول إيراني كبير، بحسب ما نقلت عنه وكالة "رويترز"، إن التصريحات الأمريكية "تثبت سعى واشنطن لتغيير النظام في إيران"، معتبرا أن "الولاياتالمتحدة تسعى لإرغام طهران على الإذعان لضغوطها". من جهتها، اعتبرت موسكو أن تصريحات واشنطن حول زيادة الضغط على إيران قد تقود إلى تشديد مواقفها في الملفات الإقليمية.