كشف تحقيق لوكالة "رويترز" أن استثمارات شركات التصنيع العسكري المصرية، باتت تنافس شركات القطاع الخاص التي يشكو الكثير منها مما تراه منافسة غير عادلة تتعرض لها من شركات الجيش. وقالت رويترز إنها أجرت تحقيقا في عام كامل يتعلق بتحول شركات أنشأت للتصنيع الحربي لصالح الجيش الأكبر عربيًا، إلى شركات تنتج الأدوات المنزلية والمواد الغذائية واللحوم، والمنافسة في السوق العقارية، ليبرز التساؤل الكبير عن مصير التصنيع العسكري في مصر اليوم. وأكدت رويتزر أن المشروعات التجارية التابعة للقوات المسلحة تخضع لثلاث جهات رئيسية؛ هي: – وزارة الإنتاج الحربي التي تشرف على 20 شركة. – وزارة الدفاع التي تسيطر على العشرات من الشركات. – الهيئة العربية للتصنيع المملوكة للحكومة المصرية والمسؤولة عن 12 شركة على الأقل. 50% من الاقتصاد وبعيدا عن الأرقام، يكشف التحقيق كيف تحولت شركات للإنتاج الحربي إلى الصناعات المدنية، وأبرز الأمثلة على ذلك ما يلي: "شركة المعادي للصناعات الهندسية التي تملكها وزارة الإنتاج الحربي" والتي تأسست عام 1954 من أجل تصنيع قاذف القنابل الآلي، والمسدسات والبندقية الآلية. وفي السنوات الأخيرة بدأت الشركة تتجه لإنتاج الصوب الزراعية والأجهزة الطبية ومعدات الكهرباء وأجهزة التمرينات الرياضية، ولدى الشركة خطط لافتتاح 4 مصانع جديدة، ولديها مشروعات عديدة، منها مشروع تبلغ كلفته 495 مليون جنيه مصري (28 مليون دولار) لوزارة الكهرباء، وعقد لإعادة تدوير النفايات الزراعية في الجزائر بقيمة 400 ألف دولار. وتتباين التقديرات بشأن حجم الدور الذي يلعبه الجيش في الاقتصاد، في ديسمبر 2016 قال السيسي إن الجيش يمثل ما يصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، ونفى ما تردد عن أن اقتصاد القوات المسلحة يمثل 20% أو حتى 50% من الاقتصاد. ونقلت رويترز عن أحد أساتذة العلوم السياسية البارزين – طلب عدم نشر اسمه – قوله إن الرقم يقدر بحوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي، الذي قدره البنك الدولي بواقع 336 مليار دولار في 2016. من القنابل إلى الدهانات أما الثانية فكانت "شركة هليوبوليس للصناعات الكيميائية" التي تأسست في 1949 لإنتاج القنابل اليدوية ومدافع المورتر وفتائل التفجير والكيماويات. وتنتج الشركة حاليًا الدهانات، ولديها طموح لتصبح شركة الدهانات الأولى في مصر، حيث تحالفت العام الماضي مع شركة باكين، التي تملك الدولة غالبية أسهمها، لمحاولة منافسة شركة جوتن النرويجية التي تتصدر سوق الدهانات في مصر. ثم "شركة أبو زعبل للصناعات الهندسية"؛ وتأسست شركة أبو زعبل عام 1974 لتصنيع قطع المدفعية للقوات المسلحة، لكنها تنتج الآن منتجات عديدة من الصلب المخصوص. ذخائر وأواني أما الشركة الرابعة فكانت "شركة حلوان للصناعات الهندسية"، وتأسست عام 1954 لصنع المكونات المعدنية للذخائر الثقيلة، وفي الثمانينيات بدأت الشركة تصنيع أواني الطهي وأدوات المائدة وطفايات الحريق واسطوانات الغاز. وقال رئيسها اللواء شكري القمري إن مبيعات أدوات المطبخ مزدهرة منذ خفضت مصر قيمة عملتها في العام 2016، الأمر الذي رفع أسعار السلع المستوردة، وأضاف "احنا مش قادرين نلاحق على الطلب". أكبر مصنع وتعمل "شركة العريش للإسمنت" حاليًا على إنشاء أكبر مصنع للإسمنت في الشرق الأوسط في مدينة بني سويف باستثمار يبلغ مليار دولار. ويتوقع أن ينتج هذا المصنع نحو 12.6 مليون طن من الإسمنت سنويا، وأدى إنشاء هذا المصنع لشكوى شركات تعمل في السوق من تعرضها لخسائر كبيرة، حيث أوقفت الشركة القومية للإسمنت المملوكة للدولة إنتاجها، كما أعلنت شركة السويس للإسمنت التي تملك هايدلبرغ الألمانية أغلبية أسهمها أن خسائرها المجمعة لعام 2017 تضاعفت إلى مثليها لتصل إلى 1.14 مليار جنيه، بينما أعلنت شركة الإسكندرية لإسمنت بورتلاند التي تملك تيتان اليونانية غالبية أسهمها أن خسائرها المجمعة زادت 10 أمثال لتصل إلى 513.9 مليون جنيه. 51 % في "الإدارية" ويملك الجيش 51% من شركة تتولى تطوير العاصمة الإدارية الجديدة التي تقدر استثماراتها بنحو 45 مليار دولار، وتقع على مسافة 75 كيلومترا شرقي القاهرة. وولدت "شركة الإنتاج الحربي للمشروعات والاستشارات الهندسية والتوريدات العامة"، خلال فريق من خمسة موظفين في مكتب صغير بوزارة الإنتاج الحربي عام 2012، قبل أن يعلن تأسيسها بمرسوم وزاري عام 2015. ويعمل 70 موظفًا الآن في مقر الشركة الجديد بحي مدينة نصر شمالي القاهرة، وتبرم صفقات مع وزارات التعليم والشباب وتشارك في مشروعات للصرف الصحي والري، وأقامت حوضًا للسباحة لأحد الأندية الرياضية الكبرى، وتعمل على تطوير قطاع السكك الحديدية، كما أقامت أكثر من 60 مدرسة، وبنت مقرات لمؤسسات ترتبط بالأزهر الشريف، وتعمل على إنشاء مصنع للخرسانة المسلحة. كما يورد التحقيق صناعات أخرى باتت تنافس فيها القوات المسلحة المصرية، وأبرزها اللحوم والدواجن والأسماك التي أنشأ الجيش واحدًا من أكبر مصانعها في مصر.