"لن نقبل بأن يكون قطاع غزة إلا جزءًا من فلسطين، وشبه جزيرة سيناء جزءًا من مصر… كما نرفض الوطن البديل أو التوطين، أو دولة في غزة"، مبدأ تصر عليه قيادة حركة حماس في كل لقاء يجمعها بوفد أمني من عصابة الانقلاب العسكري في مصر، ذلك الانقلاب المكلف بإقناع الحركة بقبول ما بت يطلق عليه "صفقة القرن"، والتخلي عن حق العودة للأراضي المحتلة بما فيها القدس، والتمدد داخل سيناء لصناعة وطن بديل ونسيان فلسطين للأبد، وهذا ما يحاول الوفد الأمني للسفيه السيسي فعله قبل ان يغادر القطاع منذ قليل. وأدانت حركة المقاومة الإسلامية حماس ما وصفتها بجريمة استهداف موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله في قطاع غزة، واستنكرت في الوقت نفسه "الاتهامات الجاهزة" من الرئاسة الفلسطينية للحركة، ووقع انفجار أثناء دخول رئيس حكومة الوفاق الفلسطينية رامي الحمد الله إلى قطاع غزة صباح اليوم الثلاثاء، أحدث أضرارا طفيفة ببعض سيارات الموكب، لكنه لم يخلف إصابات تذكر. وقال فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس في بيان صحفي إن ما جرى "جزء لا يتجزأ من محاولات العبث بأمن قطاع غزة وضرب أي جهود لتحقيق الوحدة والمصالحة". مسرحية تفجير ووقعت صباح اليوم الثلاثاء مسرحية أخرى ربما تورط فيها الجانب المصري، الذي سارع بإدانة محاولة استهداف موكب رئيس الوزراء السلطة الفلسطينية رامي الحمدلله، وأكد وفد العسكر الذي تحوم حوله الشكوك بقاءه في قطاع غزة واستمرار الجهود في إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة!. وأعاد تأجيل إحدى محاكم الانقلاب النظر في قضية أقيمت ل"وقف تنفيذ مخططات إعادة توطين الفلسطينيين بأراض بشبه جزيرة سيناء"، الجدل بشأن حقيقة وجود مخطط لتفريغ شبه جزيرة سيناء ضمن ما بات يعرف إعلاميًا باسم "صفقة القرن" التي قالت تقارير صحفية غربية إن الإدارة الأمريكية تتبناها بعد توافق مع السعودية والعسكر وإسرائيل. وفي وقت سابق كشفت مقتطفات من كتاب ل"مايكل وولف" احتوى على اعترافات خطيرة لمستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المقال ستيف بانون والتي أثارت عاصفة في واشنطن، بعد أن فجر قنبلة من العيار الثقيل تتعلق بما يعرف "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية. لماذا السيسي؟ وفقًا لمقولة "السكوت علامة الرضا"، يمكن قياس الموقف الغربي من السفيه السيسي، وهو ما بدأ منذ لحظة الانقلاب العسكري الذي وجد فيه الغرب فرصة مواتية للخلاص من حكم جماعة الإخوان المسلمين، غير أن هذا الرضا ليس مرتبطًا فقط بجزئية الإخوان، فله تبعات أخرى تستدعي بالنسبة للغرب عمومًا، والولاياتالمتحدة تحديدًا، بقاء السفيه السيسي في السلطة، وعدم السعي إلى استبداله أو تشجيع ذلك في الفترة الحالية. ويرى مراقبون أن للسفيه السيسي دورًا مرسومًا بعناية يقوم به على أكمل وجه، إلا أن الدور الأبرز لم يأت بعد، وخصوصًا بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة التي تعوّل على السفيه السيسي كثيرًا في المساهمة في تمرير صفقة القرن الخاصة بتصفية القضية الفلسطينية، ولا سيما أن الصفقة تتطلب دورًا مصريًا أساسيًا، وتحديدًا فيما يخص مشروع "غزة الكبرى" الوارد ضمنًا في الصفقة. مشروع يستدعي تنازلاً مصريًا عن جزءٍ من شمال سيناء لصالح الفلسطينيين لإقامة شبه الدولة الموعودة في صفقة القرن، على أن تكون هذه الأرض هي مكان عودة من يريد من اللاجئين، مثل هذا التنازل عن الأرض لا يمكن أن يقوم به غير السفيه السيسي، وهو الذي جرّب ذلك سابقًا مع جزيرتي تيران وصنافير، واللتين يعتقد كثيرون أنهما لم تكونا إلا بالون اختبار لرد الفعل الشعبي على خطوة مماثلة لاحقًا على صعيدٍ أكبر، ولا سيما أن التفكير ب"غزة كبرى" قديم، وليس وليد "صفقة القرن"، وكان مطروحاً في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، غير أن الأخير عارض الفكرة بحسب ما تسرّب أخيرًا. على هذا الأساس، يمكن فهم التمسك الغربي عمومًا، والأمريكي خصوصًا، ببقاء السيسي في السلطة، إذ لا وقت حاليًا لملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ما دام السفيه السيسي يؤدي الدور المطلوب منه، ومستعدًا لتقديم المزيد على حساب المصريين والفلسطينيين، وغيرهم.