رغم فشله المتواصل وعزوف المواطنين عن متابعة قنواته، بلغت ديون التلفزيون الرسمي للنظام العسكري "32" مليار جنيه، بحسب هالة السعيد وزير التخطيط بحكومة العسكر، الأمر الذي دفع البعض إلى المطالبة بخصخصته تجنبًا لمزيد من الانهيار والفشل، لكن نظام العسكر الذي يؤمم الإعلام ويهيمن على جميع الفضائيات والصحف، لن يسمح ببيع المؤسسة الخاسرة مثل بقية المؤسسات الاقتصادية التي يتم بيعها في إطار الخصخصة. وكشفت مصادر مطلعة بماسبيرو عن أن جهاز (سياديا)، في إشارة إلى المخابرات الحربية، بات يهيمن على كل مفاصل المبنى ويشرف على عمليات التطوير الجارية، التي يحذر خبراء أنها مجرد ترقيع سوف يهدر مزيدًا من المال العام. وأضافت المصادر أن خطة التطوير تشمل رفع كفاءة العاملين والقنوات على مدار 3 سنوات، ودمج عدد من القنوات ببعضها، ليصل عددها من 23 قناة إلى 10 فقط، مع إلغاء تصنيفات «عام» و«إقليمى» و«متخصص»، لتكون كلها تحت اسم «التلفزيون المصرى». وأشارت إلى أن العدد الفعلى للعاملين بماسبيرو ما بين موظفين وإداريين ومعدين ومصورين وغيرهم، وفقا لآخر حصر، وصل إلى 34 ألفا و700 موظف، وهو رقم كبير، لكن أكثر من 10 آلاف منهم سيبلغون السن القانونية للمعاش خلال السنوات المقبلة، ليصل العدد فى 2022 إلى 20 ألفًا فقط. الجهاز السيادي- بحسب هذه المصادر- يتحكم بشكل أساسى فى كل مراحل عمليات التطوير، بداية من التعاقدات مع الإعلاميين الجدد والإعلانات وغيرها، وكذا السياسة الجديدة لجميع القنوات. تطوير القناة الأولى وبدأت، السبت الماضي، أولى خطوات تطوير «ماسبيرو»، بتقديم القناة الأولى خريطة برامج متنوعة، ترجو أن تمكنها من منافسة القنوات الخاصة، على أن يتم استكمال باقى الخطة خلال المرحلة المقبلة. شملت خطة القناة الأولى برامج متنوعة فى السياسة، والمرأة والطفل، والرياضة، والمطبخ، والدين، وأبرزها برنامج توك شو «مصر النهاردة»، لخيرى رمضان ورشا نبيل، وبرنامج رياضى يقدمه كريم حسن شحاتة، وبرنامج «الطباخ» للشيف المغازى، ويقدم الداعية تامر مطر برنامجا دينيا بعنوان «طريق الحياة»، بالإضافة إلى برنامج «الست هانم» للفنانة مها أحمد، وبرامج أخرى فى شتى المجالات. ووفقا للخطة ستكون هناك شراكات مع القطاع الخاص لتطوير بعض القنوات، على أن تكون النسبة الأكبر للحكومة ليتسنى لها حق الإدارة، كما تشمل الخطة تحقيق عائد ربح بعد 5 سنوات، لتغطية تكاليف التطوير والخسائر التى تكبدها المبنى خلال السنوات الماضية. ومن المقرر أن تجتمع لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، برئاسة أسامة هيكل، لمناقشة مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام المقدم من الحكومة، كما تناقش أيضًا الإجراءات التى اتخذتها الوزارات والهيئات المعنية بشأن خطة تطوير «اتحاد الإذاعة والتليفزيون»، فى ضوء التنظيم الوارد لوسائل ومؤسسات الإعلام العامة بشأن مشروع القانون المقدم من الحكومة لتنظيم الصحافة والإعلام. خبراء: «إهدار واستنساخ» من جانبه، اعتبر الدكتور صفوت العالم، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن تطوير ماسبيرو «إنفاق مهدر»، لأنه جزئى، موضحا أن تطوير القناة الأولى لم يحافظ على شكل ماسبيرو حتى فى اللوجو الخاص بالقناة، وبالتالى الناس «بتتلخبط »، ويتساءلون: «ما هذه القناة التى ظهرت فجأة»، فضلًا عن أنهم لا يعرفون ترددها، لأن المطور لم يعلن عن التردد الجديد للقناة. وقال في تصريحات صحفية الثلاثاء: «إن تطوير القناة الأولى لم يهتم بالجانب الخبرى فى هذه الفترة المهمة التى تمر بها البلاد، وكان التركيز فقط على برنامج توك شو، والسؤال هنا: هل عندما يحتاج المشاهد إلى الجانب الخبرى يذهب إلى قناة أخرى؟». وأضاف العالم: «شكل القناة الأولى ابتعد عن هوية التلفزيون المصرى، ولم يأخذ من البراند الخاص بالتلفزيون، وأوجد لنفسه "براند" مختلفا، ومذيعو البرامج الرئيسية فى القناة الأولى، كل واحد منهم له قصته مع القناة التى كان يعمل فيها، وجاءوا إلى ماسبيرو فى الوقت الضائع، الذى انصرف فيه الجمهور عن متابعة ما يقدم على شاشات التلفزيون المصرى». ويضيف إبراهيم الصياد، رئيس قطاع الأخبار السابق بالتلفزيون المصرى، أن التطوير لا يعني الاستنساخ من قنوات أخرى، أو البحث عن أشكال مختلفة وتقليدها»، لكن التطوير يحتاج إلى دراسة متطلبات السوق وتوفيرها للمشاهد. منافسة قنوات الثورة لكن الكاتب عماد الدين حسين، في مقاله "قناة مصر الأولى" الأحد 18 فبراير، يشكك في نجاح عمليات التطوير الجارية التي يشرف عليها الجهاز السيادي، متسائلا: «هل يمكن أن تنجح تجربة «القناة الأولى» فى شكلها الجديد، فى وقت يعيش الإعلام المصرى المقروء والمرئى أصعب فتراته؟!». مؤكدا أن الجمهور اتجه إلى "قنوات الإخوان"، في إشارة إلى القنوات الداعمة لثورة يناير وشرعية الرئيس المنتخب ضد الانقلاب العسكري. ويكشف رئيس تحرير الشروق، عن أن «وكالة أخبار اليوم» هى التى تدعم الشكل الجديد، كما أن برامج كثيرة سوف تدار على أساس اقتصادى، ومدى قدرتها على تغطية نفقاتها إعلانيا، بل وتحقيق هامش من الربح. ويضيف أن المبنى يحتاج إلى نحو 250 مليون جنيه شهريا تقريبا كمرتبات للعاملين الذين يتراوح عددهم بين 35 40 ألف موظف. والتحدى الحقيقى الذى يواجه التلفزيون عموما والقناة الأولى وقطاع الأخبار خصوصا بحسب حسين، هو نوعية المحتوى المفترض أن تقدمه أولا، ويكون قادرا على جذب المشاهدين ثانيا، مشددا على أهمية مساحة الحرية المتاحة في المعالجة والتناول.