ربما لم تتعرض المؤسسة العسكرية المصرية طوال تاريخها كله لإهانة كتلك التي تتعرض لها حاليا بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، ولم يتسبب جنرال في تشويه صورة وسمعة المؤسسة العسكرية أمام الشعب والعالم، كما فعل الجنرال السفيه عبد الفتاح السيسي. فالأصل أن المؤسسة العسكرية تستمد شرفها من الدفاع عن الوطن والشهادة في سبيله دفاعا عن الشعب والأمة. حيث إن التضحية في سبيل الوطن والشعب والأمة والحضارة هي جوهر شرف العسكرية، أي عسكرية في العالم. وخلال السنوات الماضية بعد ثورة يناير 2011م، ومع دخول المؤسسة العسكرية في الحكم بعد خلع الرئيس الأسبق حسني مبارك، قامت المؤسسة بممارسات أفقدت الغالبية الساحقة من الشعب الثقة فيها، بل دفعت عشرات الملايين إلى اليقين بأن المؤسسة بتوجهاتها الحالية هي شر على مصر وأحد عوامل انهيارها، باحتكارها للمشهد السياسي والاقتصادي. ولا يسعنا إلا التنويه بأن المؤسسة العسكرية المصرية لها مواقف كثيرة وطنية مشرفة، وتتسم بالنظامية والتراتبية، ما يعني أن من يقود المؤسسة يكون قادرا على التحكم فيها، حيث يريد دون معارضة من أحد، حيث يقودها السفيه السيسي إلى بئر الخيانة والعمالة للنظام الصهيوني، مع عدم قدرة أحد على وقف هذه الجريمة النكراء. إذا الكارثة كلها في كبار الجنرالات وربما يدعمهم بعض صغار الرتب، ولكن ذلك لا يمنع من وجود شرفاء كثر، إلا أنهم أمام هذا الاستبداد غير قادرين على إحداث التغيير المنشود الذي يعيد المؤسسة إلى دورها المرسوم دستوريا بحماية حدود البلاد، وعدم التدخل في الشئون السياسية والاقتصادية، إلا ما يتعلق بدعم المؤسسة أوقات الحروب. التفريط في "تيران وصنافير" لكن للأسف المؤسسة العسكرية المصرية انحرفت عن هذا الجوهر، وباتت تضحي بالشعب والوطن من أجل مصالحها السياسية والاقتصادية؛ وليس أدل على ذلك من مشهد التفريط في تراب الوطن بالتنازل عن السيادة المصرية على جزيرتي "تيران وصنافير" للمملكة العربية السعودية بثمن بخس لا يتجاوز عدة مليارات من الدولارات، رغم أن تراب الوطن لا يقدر بمال، حيث تولى الجنرال السفيه عبد الفتاح السيسي الذي كان وزيرًا للدفاع، القيام بهذه الجريمة وسط مباركة من المؤسسة العسكرية التي لم يخرج منها صوت واحد يرفض هذه الفضيحة التي وصمت المؤسسة العسكرية بالعار للأبد. ولم تقف حدود المشهد الفضيحة عند توقيع الاتفاقية في أبريل 2016م، بل إن السفيه دافع عن التفريط في تراب الوطن وقدم "المستندات"، رغم كل الأدلة والوثائق التي تؤكد مصرية الجزيرتين، ولم تقدم السعودية وثيقة واحدة تثبت بها ملكيتها للجزيرتين، ولكن الجنرال السفيه الذي تكفل بذلك كله في مشهد لا يتخيله أحد على الإطلاق في أي مكان بالعالم. وعندما أيَّدت المحكمة الإدارية العليا حكم مجلس الدولة في حكم بات وقاطع، في يناير 2017م بمصرية الجزيرتين، استكبر السفيه وتمادى في غيه وضلاله وداس على حكم القضاء بأقذر بيادة لديه!. عبد العاطي كفتة! الفضيحة الثانية التي شوهت صورة المؤسسة العسكرية ولطَّخت سمعتها في الوحل، هي جهاز الكفتة الذي أعلنت عنه المؤسسة العسكرية، عبر اللواء طبيب إبراهيم عبد العاطي في فبراير 2014م. ظهر عبد العاطي، في مؤتمر صحفي نظَّمته الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ليعلن عن توصله لعلاج لفيروس الإيدز والكبد الوبائي (سي) باستخدام جهاز أطلق عليه اسم c.c.d. بث الإعلان عن الجهاز أملًا في نفوس المتعايشين مع تلك الأمراض، وهو الأمل الذي ما لبث أن تحول إلى تشكك، قبل أن ينتهي إلى مادة خصبة للسخرية، التي لم تجد ما يدعمها أفضل من تصريحات عبد العاطي نفسه، حين ادعى أن الجهاز يحول الفيروس إلى «صباع كفتة» يتغذى المريض عليه. لاحقًا، أعلنت القوات المسلحة عن تنظيم مؤتمر صحفي عالمي يوم 28 يونيو للإعلان عن آخر التطورات الخاصة بالجهاز، على أن يتم البدء في استخدامه للعلاج في 30 يونيو، تم تأجيل المؤتمر، ومر التاريخان دون أن يحدث أي شيء، وبعد فترة لم يعد أحد يتحدث عن الجهاز، فيما اختفى اللواء طبيب من الساحة العامة. قتل الثوار المشهد الثالث الذي لطَّخ سمعة المؤسسة العسكرية في الوحل، هو مشهد قتل الثوار في محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو والعباسية ورابعة والنهضة ومصطفى محمود والحرس والمنصة. فشرف العسكري هو أن يوجه سلاحه نحو العدو، أما أن يوجه سلاحه نحو شعبه تحت أي لافتة كانت الذي يدفع له راتبه آخر كل شهر، واشترى له من ضرائبه السلاح الذي يستعفي به والسيارة التي يتباهى بها، فذلك العار بعينه. الانقلاب على الرئيس المشهد الرابع الذي سيسجله التاريخ في قوائم العار والخزي، هو مشهد الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، فقد توافرت الآن كثير من الأدلة حول غدر وخيانة جنرالات العسكر على الرئيس الشرعي المنتخب، مدعومين بعشرات المليارات من الدولارات من السعودية والإمارات، ودعم سياسي لا محدود من العدو الصهيوني الذي كان يرى في استمرار الثورة والرئيس المنتخب خطرا على وجوده. هذا المشهد جعل نصف الشعب على الأقل يلعنون المؤسسة العسكرية، وباتوا على يقين أنها تمثل العدو لا الشعب، ودورها هو حماية أمن الصهاينة، ومنع قيام أي نظام ديمقراطي وتداول سلمي للسلطة في مصر، وهو ما تعزز بممارسات الجنرال السفيه السيسي خلال السنوات الخمس الماضية بعد الانقلاب.