فشلت السلطات البرازيلية حتى الآن فى وقف حركة الاحتجاجات التى تعم البلاد، رغم إلغائها قرار زيادة رسوم النقل التى أثارت موجة الغضب. وقالت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية: إن هذه "مجرد البداية"، وإن التغيير "لم يأت بعد"؛ فالأحداث ستستمر وتتكاثف حتى مجىء التغيير الحقيقى الذى يريده الشعب. وأوضحت أن البرازيل تعانى بشدة من سوء الخدمات العامة وفساد عميق داخل مؤسساتها، فضلا عن الافتقار إلى الإرادة السياسية لإعطاء الأولوية لمصالحها، مضيفة أن وسائل النقل العامة والتعليم والرعاية الصحية فى حال يُرثى لها. فعلى الرغم من أن البرازيل تنفق 5.7% من إجمالى الناتج المحلى على التعليم، إلا أن ثُلثى الشباب البالغين من العمر 15 عاما فى المتوسط غير قادرين على حل أكثر من العمليات الحسابية الأساسية. كما أن البرازيل تحتل مرتبة دنيا فى الرعاية الصحية بالمقارنة مع الاقتصادات المماثلة لها فى أمريكا اللاتينية من حيث معدل وفيات الأطفال الرضع ومتوسط العمر المتوقع ومجموعة من المؤشرات الأخرى، رغم أنها تنفق نحو 9% من إجمالى الناتج المحلى على الصحة. بالإضافة إلى أن البرازيل رغم إنفاقها 20 مليار دولار على بطولات كأس العالم، إلا أن هذا المبلغ فاق المبالغ المتجمعة فى آخر ثلاثة كئوس عالم ماضية. ويُصعّد المحتجون تظاهراتهم بقطع الطرق الرئيسية المؤدية إلى ساو باولو وبرازليا رغم الإعلان عن إلغاء قرار زيادة رسوم النقل، وقال ناشطون إنهم لم يتخلوا عن خططهم بالمشاركة فى التظاهرات. كأس القارات فى المقابل، نشرت البرازيل قوات خاصة لحماية منشآت كأس القارات 2013 لكرة القدم المقامة حتى 30 يونيو الجارى، تحسبا لاستمرار الاحتجاجات العنيفة. وتم إرسال أفراد من القوة الوطنية، وهى فرع نخبوى من الشرطة الفيدرالية المتخصصة بحالات الشغب، إلى 6 مدن مضيفة للمسابقة، حيث تعد كأس القارات بمنزلة التجربة لكأس العالم التى تستضيفها البرازيل صيف 2014. وكانت رئيسة البلاد "ديلما روسيف" تعهدت بالاستماع إلى شكاوى المتظاهرين بعد يوم على نزول نحو 250 ألف برازيلى إلى شوارع أبرز المدن البرازيلية. وقامت الشرطة بإطلاق الرصاص المطاطى والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين فى مدينة فورتاليزا قبيل مباراة كانت قد أقيمت بين منتخب البرازيل وضيفه المكسيك فى إطار بطولة كأس القارات لكرة القدم. وحذر سياسيون من أن المظاهرات ورد فعل السلطات عليها قد تكون تجرى "فى المسار الخطأ" نظرا لانتشار الغضب على نطاق واسع إلى مدن عدة فى البلاد، فى حين أن ضمانات الحكومة ليست كافية لتهدئة الأجواء المتوترة. وذكرت الصحيفة أن البرازيل وصلت إلى الحافة؛ فهى الآن تشهد سلسلة الأحداث التى ستؤدى إلى التغيير، فالتغيير قادم بفضل وسائل الإعلام الاجتماعية؛ حيث تكون البرازيل هى ثانى أكبر مستخدم للفيسبوك وتويتر. وبغض النظر عن حقيقة أن هذه الاحتجاجات غير مركزية ولا تنتسب إلى أحزاب سياسية، فإن البرازيل هى بلد ديمقراطية، رغم الآلام المتنامية بأوضاعها والتدهور المتزايد بداخلها، وإن الاحتجاجات سوف تتكاثف، وسوف تستمر حتى مجىء التغيير الحقيقى الذى يبحث عنه الشعب.