«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عباس شراقى: الإثيوبيون سيفيقون على "وهم" السد بعد الانتهاء من المشروع

الجيولوجيا والمشاكل الفنية وراء فشل 70% من مشروعات إثيوبيا المائية
لمصر حق المشاركة فى الدراسات والبناء وتشغيل السدود
الخرطوم وأم درمان تنتظر "تسونامى" حال انهيار السد
20 مليار متر مكعب إيرادات متوقعة من خلال التعاون المائى مع جنوب السودان
الاستهلاك المنزلى يستنزف 10% من المياه.. وترشيده "واجب"
مصر وإثيوبيا دولتان متقاربتان فى المساحة؛ حيث تبلغ مساحة كل منهما نحو مليون كيلو متر مربع، وعدد السكان 90 مليون نسمة، ولكن يختلفان فى طبيعة الأرض والظروف الجيولوجية والمناخية المحيطة، هكذا بدأ الدكتور عباس شراقى -أستاذ مساعد الجيولوجيا الاقتصادية- حواره مع "الحرية والعدالة" داخل مكتبه بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة.
وأكد "شراقى" أن مصر لا تقف أمام تنمية أى دولة إفريقية، ولكننا شريك أساسى فى النهر، ويجب أن نضمن ألا تضر تلك المشروعات بشريان حياتنا؛ لذلك يجب أن نكون شركاء أيضًا فى دراستها وبنائها وتشغيلها.
وحذر من "تسونامى جديد" فى حال انهيار السد الإثيوبى سيترتب عليه تدمير شامل فى السدود السودانية والخرطوم وأم درمان. متوقعا ألا يدر السد العائد المتوقع منه، وأن يثور الإثيوبيون على حكومتهم عندما يفيقون على هذه الحقيقة عند الانتهاء من المشروع.
فإلى نص الحوار..
* هل طبيعة إثيوبيا الجيولوجية تتيح تنفيذ مشروع عملاق مثل سد النهضة؟
الطبيعة الجيولوجية لإثيوبيا لا تناسب المشروعات المائية الضخمة؛ نتيجة أن التربة تتكون من طبقات بازلتية تراكمت على مدار السنين نتيجة البراكين فتكون بينها فواصل وشقوق، وبالتالى قد لا تتحمل جسم السد، كما أن وزن المياه فى البحيرة خلف السد سيصل إلى 74 مليار طن، ومن ثم يمكن أن تتصدع القشرة الأرضية نتيجة لوزن المياه الثقيل، مما يؤدى إلى انهيار السد.
إلى جانب وجود أكبر فالق على سطح الأرض فى الهضبة الإثيوبية، الذى يقسمها إلى نصفين فى منطقة مثلث عفار بالقرب من جيبوتى، وهو ما يطلق عليه "الأخدود الإفريقى العظيم"، وهو يعد منطقة زلازل تصل إلى 6 درجات أو أكثر على مقياس ريختر، فضلا عن وجود سيول فى موسم المطر؛ حيث يحمل النيل الأزرق نحو نصف مليار متر مكعب يوميا مع شدة الانحدار من ارتفاع نحو 4600 متر عند بداية النهر إلى 600 متر على الحدود السودانية. مع هذه الكمية الرهيبة من المياه نحن أمام مخاطر من النواحى كافة تؤدى إلى أن المشروعات المائية تكون دائما معرضة للانهيار.
* بماذا تفسر هدوء الجانب السودانى؟ وما الأضرار المتوقعة فى حال انهيار السد؟
الهدوء السودانى يرجع إلى أن السودان لديها مصادر أخرى للمياه غير نهر النيل، إلى جانب أنها المستفيد الأول من مشروع السد فى حالة عدم وجود مخاطر؛ لأنه يمنع الفيضان ويوفر المياه للسودان طوال العام، ولكن فى حال انهيار السد سيحدث تدمير شامل فى السدود السودانية والخرطوم وأم درمان، وسيكون بمنزلة "تسونامى جديد"، لكنه لن يضر بالسد العالى؛ نظرًا لطول المدة التى ستصل فيها المياه، ووجود بدائل لدى مصر لتحويل مياه النهر، بما يقلل الأضرار الناتجة عن انهيار السد.
* ما الحجج الموضوعية التى تبنى عليها مصر رفضها للمشروع؟
الرفض المصرى لبناء السد لا يعنى أننا لا نريد لإثيوبيا أن تنمو أو تقوم بعمل مشاريع مائية، ولكن يجب أن يتناسب المشروع مع طبيعة المكان الذى يقام عليه، وقد قام الخبراء الأمريكان "مكتب الاستصلاح الأمريكى" عام 1964 بدراسة هذا المكان على مدى خمس سنوات، وخرجوا فى النهاية بمواصفات السد المناسب لهذه المنطقة، وأكدوا أنه يجب أن يكون بارتفاع 85 مترا، وسعة تخزينية 11 مليار متر مكعب.
لهذا فإن مخاطر المشروع كارثية لا تقارَن بأى فوائد قد تترتب عليه؛ لأنه هندسيا ووفقا للطبيعة الموجودة عرضة للانهيار فى أى وقت.
* هل هناك تجارب سابقة لإثيوبيا تثبت تزايد معدلات الخطر فى المشروعات المائية؟
بالطبع هناك تجارب سابقة لإثيوبيا فى مجال المشروعات المائية تثبت ارتفاع معدلات الخطورة واحتمالية حدوث انهيار فى أى وقت، وهناك إحصائية علمية موجودة عن المشروعات المائية فى إثيوبيا بصفة عامة تؤكد أن 70% من المشروعات الإثيوبية تفشل بسبب الجيولوجيا والمشاكل الفنية.
ومن أبرز تجارب إثيوبيا فى هذا المجال: سد "تيكيزى" الذى يخزن 9 مليارات متر مكعب على نهر عطبرة، وهو أحد الأنهار التى تغذى نهر النيل بحوالى 11 مليار متر مكعب سنويا، حدث فيه انهيار جزئى فى أثناء العمل مما أخّر افتتاح المشروع لمدة سنة.
وهناك أيضا مشروع آخر على نهر أوموا الذى يصب فى بحيرة "توركانا" الكينية، والذى قام الإثيوبيون بعمل عدد من المشروعات المائية عليه، وهى"جيبا 1" خزان أقل من مليار متر مكعب، و"جيبا 2" وهو عبارة عن نفق من الخزان الأول إلى النهر فى مسافة أقل من 26 كم داخل جبل يفصل الخزان عن النهر، الذى يجف بعد موسم المطر وذلك من أجل توليد الطاقة الكهربائية، إلا أن النفق قد حدث فيه انهياران فى أثناء العمل، فكان من المفترض أن يفتتح فى 2007، ولكن تم افتتاحه فى 2010، وبعد افتتاحه ب10 أيام فقط حدث انهيار ثالث أوقف المشروع، والشركة المنفذة لهذا النفق هى الشركة الإيطالية نفس التى تنفذ سد النهضة الحالى، التى اشترطت فى العقد أنها غير مسئولة عن المشروع بعد تسليمه بيوم واحد.
* هناك تخوفات من استخدام إثيوبيا للمياه خلف السد بشكل يضر بحصة مصر المائية.. فما رأيك؟
إن تخزين المياه ليس مشكلة، ولكن الأهم هو استخداماتها وكيفية تصريفها، سواء فى توليد الكهرباء أو فى الزراعة التى تستهلك المياه فى العالم كله بنسبة 80%، وإذا وجدت زراعة فى إثيوبيا يكون هناك خطورة على حصة مصر من المياه، ولكن الدراسات تؤكد عدم وجود مساحات مسطحة قابلة للرى بالنظم العادية؛ حيث تبلغ مساحة الأراضى القابلة للزراعة فى منطقة الخزان قرابة 150 ألف فدان، ولكننا نحتاج إلى دراسة أكبر وأعمق حول الأراضى القابلة للزراعة فى إثيوبيا.
* كيف تحافظ مصر على حقوقها التاريخية فى مياه النيل؟ وما أوراق الضغط التى تملكها؟
باعتبار مصر شريكا أساسيا فى النهر، يجب أن تكون أيضا شريكا فى الدراسات قبل التشييد؛ لأن السد إذا حدث له انهيار فهى المتضرر؛ لأنه سيُبنى على الحدود الإثيوبية، لذلك من حقى أن أطمئن على كل شىء، وأشارك فيه، وأكون موجودا فى أثناء البناء لمراقبة مدى اتباع المعايير العالمية فى البناء؛ لأن أى فساد نحن مَن سيدفع ثمنه.
ومن هنا يظهر حق مصر فى المشاركة فى كل مرحلة من مراحل بناء السد حتى فى التشغيل بعد البناء، ولنا تجربة فى سد "أوين" فى أوغندا، حيث ساعدناهم فى التشييد، وعقدنا معهم اتفاقية للتشغيل تضمن وجود 3 مهندسين بشكل مستمر فى المشروع يباشرون التشغيل والإدارة مع المهندسين الأوغنديين، وأيضا الشىء نفسه مع السودان.
وهذا لن يكون تفضلا من إثيوبيا؛ لكنه حق لمصر فى ظل مجموعة الاتفاقيات التى عقدتها مصر مع إثيوبيا بدءا من سنة 1891، الخاصة بنهر عطبرة ثم سنة 1902 جاءت الاتفاقية لتشمل باقى الأنهار فى إثيوبيا إلى جانب اتفاقية 1906.
وعدم اعتراف إثيوبيا بتلك الاتفاقيات؛ لأنها موقعة فى وقت الاحتلال غير منطقى؛ لأن الدولة ترِث الاتفاقيات، وإلا سيحدث نزاع بين الدول الإفريقية كافة على الحدود والمياه، كما أن هناك اتفاقية عام 1993 تنص على عدم إقامة أى مشروعات على نهر النيل إلا بعد التشاور وموافقة مصر، بحيث لا يضر المشروع أى دولة من دول السد ضررا ملموسا، وهذه مبادئ عالمية.
ومصر لا تقف أمام طموحات الدول الإفريقية فى التنمية، ولكن عند بناء أى سد يجب أن يكون متوافقا فى المواصفات الفنية والهندسية للموقع الذى يُقام فيه، إلى جانب حساب حجم المخاطر المترتبة على انهيار السد بما لا يضر بمصر والسودان، كما إن لدى أثيوبيا مشروعات سدود عدة على النيل الأزرق؛ من أجل توليد الكهرباء، ومن المتوقع أن تحجز 200 مليار متر مكعب، وليست هذه المشكلة إذا التزمت بالاتفاقية من حيث تصريف المياه والحرص على عدم الإضرار بدولتى المصب.
* ما المسارات البديلة التى يجب أن تسلكها مصر للتغلب على أزمة نقص المياه؟
علينا التحرك فى 3 اتجاهات؛ أولها ترشيد الاستهلاك وحسن استغلال ال55 مليار متر مكعب "حصة مصر" التى تأتينا فى الوقت الحالى.
ويبلغ استهلاك المنازل من المياه فى مصر 10% من المياه، وهى نسبة كبيرة جدا؛ نتيجة للرفاهية فى استخدام المياه، سواء فى حمامات السباحة أو ملاعب الجولف أو البحيرات الصناعية والمنازل، وهى لا تعود بدخل على الدولة، لذلك يجب البعد عن "السفه" فى استخدام المياه، التى هى ملك للغنى والفقير، وذلك من خلال حظر إنشاء حمامات السباحة فى المنازل أو البحيرات الصناعية التى تهدر المياه الجوفية، وتجنب زراعة المحاصيل الشرهة للمياه قدر الإمكان مثل الأرز وقصب السكر وتحديد مساحاتها.
والاتجاه الثانى بالمحافظة على حصة مصر فى مياه النيل، وهو ما نقوم به حاليا مع إثيوبيا ودول الحوض من مفاوضات ومشروعات، والاتجاه الثالث هو العمل على زيادة الحصة من خلال عمل مشروعات جديدة، وبالطبع ستكون معظمها فى دولة مثل جنوب السودان التى تفقد فيها المياه، والتى نستطيع من خلال بعض المشروعات تقليل الفاقد والحصول على تلك المياه؛ ومن ثم فإن مستقبلنا المائى فى جنوب السودان، ويجب أن نستغل هذه الفرصة، حيث إن جنوب السودان دولة جديدة، ولدينا نظام سياسى وليد بعد ثورة ويمكن أن نفتح صفحة جديدة معها، ونتعاون معا بما فيه صالح الجميع، ويحقق مصالح مصر وجنوب السودان من خلال مشروعات تنموية تخدم الجانبين.
ويمكن إنشاء مجموعة قنوات فى جنوب السودان توفر أكثر من 20 مليار متر مكعب من المياه، إلى جانب بعض المشروعات داخل مصر، التى يمكن أن تقوم على تخزين مياه الأمطار والسيول بالساحل الشمالى لاستخدامها فى الزراعة.
* هل يحقق السد تنمية حقيقية لإثيوبيا؟ أم أن له أغراضا سياسية؟
الهدف من وراء السد ليس التنمية الاقتصادية؛ لأن تكلفة بنائه ستفوق العائد المتحقق منه بمراحل، ولكن الهدف سياسى للقيادة فى إثيوبيا، حيث أراد زيناوى -رئيس الوزراء الراحل- أن يصنع لنفسه مجدا شخصيا يذكره له التاريخ، كما حفر "عبد الناصر" اسمه مع السد العالى، وكان يسعى لِأَن يكون زعيما إفريقيا، وله بصمة واضحة فى العمل الإفريقى من خلال اللجان النوعية للاتحاد الإفريقى، إلى جانب كسب التأييد الشعبى.
فقد حشد زيناوى الإثيوبيين على أن هناك مخاطر خارجية، وهناك دول لا تريد لإثيوبيا النمو، وعلى رأسها مصر، والإثيوبيون اتهموا مصر بأنها سبب رفض البنك الدولى لتمويل السد، ولكن الحقيقة أن السياسة العامة للبنك فى السنوات الأخيرة هى عدم تمويل السدود، فحشد زيناوى حشدا ضخما لدعم إنشاء السد بوصفه مشروعا قوميا، وقام بعمل أسهم وسندات لبناء السد يشتريها الشعب من أجل بناء الوطن، حتى إنه طرحها أيضا للإثيوبيين فى الخارج، فاستطاع أن يوحّدهم على مشروع وطنى، وتم الإعلان عن المشروع فى فبراير 2011 تحت اسم "سد الحدود" وبسعة تخزينية 11 مليار متر مكعب، وأخذ زيناوى يبالغ فى ضخامة المشروع من أجل المزيد من الحشد لمواطنيه حتى وصل فى 45 يوما الارتفاع إلى 145م بسعة تخزينية 74 مليار متر مكعب فى منتصف إبريل 2011، وهو ما يدل على التسرع ويعكس البعد السياسى للمشروع.
وأعتقد أن المبالغة فى المواصفات الفنية للسد وسعته التخزينية هى من أجل الضغط على مصر لتوقيع اتفاقية "عنتيبى"، وإلغاء الاتفاقيات السابقة، وتقسيم الحصص مرة أخرى.
كما أن تكلفة السد تفوق العائد المرجو منه بعكس السد العالى الذى كلف مصر حوالى مليار دولار، وأتى بتكلفته فى حوالى عام ونصف العام، حيث حمى مصر من الفيضانات، ووفر المياه للشرب والزراعة، إلى جانب توليد الكهرباء التى كانت تكفى احتياجات مصر فى وقتها.
أما السد الإثيوبى فهو لن يوفر الماء للإثيوبيين الذى يعيش 90% منهم فى الجبال بعيدا عن منطقة حوض نهر النيل، ويعد توصيل المياه إليهم مستحيلا بسبب بعد الخزان، كما أن إثيوبيا ليست فيها أراض مسطحة تسمح بالرى والزراعة، ومن ثم لن تستخدم المياه على الإطلاق، أما عن توليد الكهرباء فقد أعلنت إثيوبيا منذ البداية أنها ستقوم بتصديرها؛ لأنها لا تستطيع مد شبكات توصيل الكهرباء للإثيوبيين الذين يعيش 75% منهم فى الظلام؛ لأنها ستتكلف مليارات الدولارات، وهو ما يحرم الشعب من ثروته القومية كما فعلت مصر عند تصديرها الغاز إلى إسرائيل، ولن يدرّ العائد الذى تتوقعه إثيوبيا أو يغطى تكلفة المشروع؛ لأن الدول المحيطة بها دول فقيرة، ومصر لن تستخدم العملة الصعبة فى استيراد الكهرباء، والسودان تقريبا حققت الاكتفاء الذاتى من الكهرباء بعد بناء سد "مروى" وترشيد إنارة الشوارع.
إذًا، من أين النهضة لإثيوبيا؟ وسيَعى الإثيوبيون هذه الحقيقة بعد الانتهاء من المشروع، وسيثورون على الحكومة الإثيوبية وقتها.
* هل تستطيع إثيوبيا بناء السد بإمكاناتها الحالية؟
الإمكانات المادية لإثيوبيا ضعيفة جدا، حيث إنها تعد من أفقر 10 دول فى العالم، والتساؤل: هو كيف تشرع فى بناء سدين مائيين فى وقت واحد؟ حيث إنها شرعت منذ 2006 فى بناء سد "جيبا 3" على نهر أوموا بسعة تخزينية 12 مليار متر مكعب، وبطول 244 مترا، وينتج 1800 ميجاوات، وهذه المياه كانت تصل إلى كينيا، ومن ثم عند اكتمال بنائه ستحدث مشكلة مع كينيا، خاصة فى السنوات الأولى، حيث إنه سيؤدى إلى انخفاض منسوب المياه فى بحيرة توركانا، وهذا المشروع يتكلف 2 مليار دولار، مما أدى إلى التعثر فى المشروع الذى لم ينته حتى الآن.
ومع ذلك وضعوا فى 2011 حجر الأساس لسد النهضة الذى يحتاج من 5 إلى 8 مليارات دولار، وهذا من الناحية الواقعية أمر صعب للغاية، وكان الأولى به أن ينهى السد الأول ثم يدخل فى مشروع جديد، خصوصا أن السد الأول يضاعف الكهرباء ثلاثة أضعاف، وهو ما يعكس المغامرة السياسية.
-----------------------------
سيرة ذاتية للدكتور عباس شراقى
- أستاذ مساعد الجيولوجيا الاقتصادية، قسم الموارد الطبيعية، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة.
- مدير مركز تنمية الموارد الطبيعية والبشرية فى إفريقيا.
- نائب مدير مركز المعلومات والاستشارات الإفريقية، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة، 2010-2011.
- مدرس مساعد جيولوجيا قسم الجيولوجيا، جامعة كولورادو، الولايات المتحدة الأمريكية 1998-2000.
- مدرس مساعد جيولوجيا بقسم الموارد الطبيعية، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة 1990-2000.
- معيد جيولوجيا بقسم الموارد الطبيعية، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة 1986-1990.
التخصص العام: الموارد الجيولوجية Georesources
التخصص الدقيق: جيوكيمياء Geochemistry
الدرجات العلمية:
1- دكتوراه الفلسفة فى الجيولوجيا الاقتصادية والجيوكيمياء، قسم العلوم الجيولوجية، جامعة كولورادو، بولدر، الولايات المتحدة الأمريكية عام 2000.
2- ماجستير العلوم فى الموارد الأرضية "جيولوجيا"، قسم الموارد الطبيعية، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة عام 1990 بتقدير ممتاز.
3- دبلوم الموارد الطبيعية "موارد أرضية"، قسم الموارد الطبيعية، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة عام 1987 بتقدير جيد جدا.
4- بكالوريوس العلوم، قسم الجيولوجيا، كلية العلوم، جامعة المنوفية عام 1983، بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.