"حملة تصحيح عمالية"، تقوم بها السلطات السعودية حاليا، تشمل إعادة تصحيح أوضاع نحو 4 ملايين من العمالة السائبة والمخالفة لأنظمة العمل والعمال، يشكلون حوالى ثلث القوة العاملة الأجنبية بالمملكة، ليس مقصودا بها فئة بعينها أو دولة بعينها، ولكنها تشمل العديد من الجنسيات من بينهم المصريين بالطبع.. ما تقوم به السلطات السعودية شأن داخلى فى المقام الأول، يهدف إلى توفير حوالى نصف مليون فرصة عمل للشباب السعودى (كمرحلة أولى)، الذى يعانى من البطالة فى واحدة من أكثر دول العالم ثراء، وتجرى وزارة العمل السعودية حاليا إعادة تقييم شاملة وصارمة للمنشآت وفقا لبرنامج "نطاقات"، الذى يقيّم أداء المنشآت ويصنّفها، حسب نسبة السعودة فى الوظائف، إلى ممتاز وأخضر وأصفر وأحمر، حيث يكافئ النطاقين الممتاز والأخضر الأعلى توطينا، ويتعامل بحزم مع الأحمر الأقل توطينًا، ويعطى مهلة أطول للمنشآت فى النطاق الأصفر، فيصبح بذلك توطين الوظائف ميزة جديدة تسعى إليها المنشآت للتميز والتنافس. وسوف يسمح للمنشآت ذات النطاقين الممتاز والأخضر باستيعاب قدر من العمالة المخالفة من المنشآت ذات النطاقين الأحمر والأصفر، كما يجرى توفيق أوضاع أصحاب المهن التى يحتاج إليها سوق العمل ويعزف عنها السعوديون، خاصة الأعمال الخدمية والشاقة ذات الرواتب الضعيفة. ووضعت وزارة العمل السعودية حاليا قيودا صارمة تمنع أى عامل من العمل لدى شخص آخر غير كفيله السعودى، وكان نظام الكفالة السعودى فى السابق يسمح لأى سعودى باستقدام العمال الأجانب وإعارتهم لسعوديين آخرين، وهو أحد الأسباب التى أدت إلى تكدس سوق العمالة الأجنبية. ويتوقع الخبراء أن يتمكن نصف عدد المخالفين فقط، على أحسن تقدير، من إعادة تصحيح أوضاعهم خلال مهلة الثلاثة أشهر التى منحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مؤخرا لتصحيح أوضاع هذا الكمّ الكبير من العمالة الأجنبية المخالفة، التى من المقرر أن تنتهى فى مطلع شهر يوليو المقبل، وسوف يتعين على النصف الآخر (نحو مليونى عامل) العودة إلى بلادهم. وتشير التوقّعات إلى احتمال عودة ما بين 200 ألف إلى 400 ألف من العمالة المصرية إلى أرض الوطن خلال الصيف المقبل، وما يمكن أن نطلق عليهم "العائدون من السعودية"، وربما بدأ الكثير منهم فى العودة بالفعل. هذه الدلائل والمعطيات تعطى جرس انتباه للداخل فى مصر، ليس فقط من أجل استيعاب العائدين فى شرايين الاقتصاد المنهك فحسب، فهذا ربما يشكل التحدى الأسهل، لكن الصعب فى تقديرى هو التصدى بحسم لمافيا "التأشيرات الحرة" الذين يبيعون الوهم للبسطاء دون عقد عمل موثق، وضرورة الإسراع بوقف التدفق العكسى للعمالة المصرية المخالفة من جهة الوطن إلى المملكة العربية السعودية، لأنها سترتد هذه المرة بصورة أسرع من قبل ولكن بخفى حنين بعد خسارة تحويشة العمر على مصاريف التأشيرة والتذكرة وخلافه.. أعلم أن كثيرا من أبنائنا، يحلم بالسفر إلى الخارج عامة والى بلاد الحجاز أرض الحرمين الشريفين على وجه الخصوص، وهو مستعد لأن يبيع قيراط الأرض اللى حيلته أو الجاموسة اللى ورثها أو حتى يستلف علشان يحقق حلمه بالسفر ويدفع ثمن "التأشيرة"، الذى وصلت إلى أرقام فلكية خاصة "تأشيرة السعودية"، ما بين 50 و60 ألف جنيه مصرى.. يعنى ببساطة اللى ناوى يدفع تحويشة العمر علشان يشترى تأشيرة عمل للسعودية دون عقد عمل موثق يوفّر فلوسة، وعلى مكاتب السفريات أن تعيد حساباتها جيدا ولا تتاجر بأحلام وآمال الناس الغلابة، وعلى الجهات المسئولة فى مصر أن تشدد عمليات المراقبة والتفتيش على هذه المكاتب، وفى مختلف المنافذ البرية والبحرية والجوية، وأن تفرض عقوبات صارمة على المخالفين. وإننى أقترح القيام بحملة توعية شاملة يشارك فيها جميع وسائل الإعلام والصحف، لا سيما القنوات التليفزيونية التى يجب أن تولى اهتماما خاصا بالعمال الأميّين الراغبين فى السفر، فلم تعد التأشيرة تصلح بمفردها ثم يكتشف بعد ذلك أنه وقع ضحية عملية نصب، لأنه ليس لديه عقد عمل محدد ولا يعرف أى عمل سيقوم به ولمصلحة من، وغالبا ما سيتم القبض عليه بتهمة مخالفة اللوائح والأنظمة الجديدة وربما يتم حبسه قبل ترحيله. وأعتقد أن القائمين على حملة التوعية فى مصر يجب أن يتوفر لديهم معلومات كافية عن قائمة المخالفات العمالية التى تستهدفها ثورة التصحيح السعودية، وقد حاولت حصر أهمها على النحو التالى: 1- عمل القادمين بتأشيرات للحج أو العمرة أو زيارة المسجد النبوى الشريف، سواء من يعمل لحسابه الخاص أو من يعمل لدى الغير. 2- استخدام أى شركة أو بيت تجارى أو أى مقاول أو صاحب عمل للوافد الذى لا يحمل تصريحا بالعمل. 3- مزاولة المقيم بالتبعية للعمل فى البلاد كالزوجات أو الأبناء أو المحارم. 4- البقاء فى البلاد بعد انتهاء صلاحية التأشيرة. 5- تشغيل متأخر عن المغادرة قادم بتأشيرة لغرض غير العمل. 6- مقيم يعمل عند غير صاحب العمل أو يعمل لحسابه الخاص. 7- تشغيل وافد لوافد آخر لمصلحة صاحب عمل غير صاحب العمل الأصلى. 8- صاحب عمل يترك عمّاله يعملون لحسابهم الخاص أو مقابل مبالغ مالية يدفعونها له. 9- تشغيل متسلل أو إيوائه أو التستر عليه. 10- عامل وافد يعمل لدى غير صاحب العمل الأصلى الذى استقدمه والمدون اسمه فى رخصة عمله قبل تنازل الأخير رسميّا عن خدماته وصدور موافقة الجهة المختصة على نقل الخدمات. 11- إيواء وافد هارب من صاحب العمل الذى استقدمه. 12- مقيم هارب من صاحب العمل يتم ضبطه من قبل الجهات الأمنية أو من قبل صاحب العمل نفسه. 13- عدم قيام صاحب العمل بإشعار الجوازات عند انفكاك أى عامل وافد عن عمله أو تخلفه عن العمل مدة يومين دون إبداء الأسباب. 14- استخدام أى شركة أو بيت تجارى أو أى مقاول أو صاحب عمل للوافد الذى لا يحمل تصريحا بالعمل. وعلى كل مصرى أو مصرية يجد نفسه فى أى من هذه المخالفات أن يسارع إلى تصحيح وضعه إذا كان مقيما بالسعودية، وإن كان ينوى السفر للعمل بالمملكة أن ينأى بنفسه تماما عن التفكير فى ارتكاب أى منها قبل مغادرة أرض الوطن.