جاءت أحداث ميدان "تقسيم" فى تركيا لتظهر ازدواجية المعايير لدى الإدارة الأمريكية فى تعاملها مع القضايا ذات الأطراف الإسلامية، وهو ما ظهر فى عبارة "واشنطن تعرب عن قلقها". وأعرب وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى عن قلق واشنطن إزاء التقارير التى أفادت بالاستخدام "المفرط" للقوة من جانب الشرطة فى تركيا عند تعاملها مع بعض المحتجين العلمانيين الأيام الماضية. وفى الوقت نفسه، أعربت الولاياتالمتحدة فى بيان للخارجية الأمريكية السبت الماضى عن قلقها إزاء مشروع القانون الخاص بالمجتمع المدنى الذى قدمته الرئاسة المصرية إلى مجلس الشورى. وأعربت مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأممالمتحدة السفيرة "سوزان رايس" عن قلق بلادها إزاء تصريحات أدلى بها الرئيس السودانى "عمر البشير" وتهديده بغلق أنابيب النفط الذى يصدره جنوب السودان من خلاله إلى الأبد إذا قدمت جوبا أى تدعيم للمتمردين العاملين فى الأراضى السودانية. وأيضا أعرب البيت الأبيض عن قلقه من تزويد روسيا للنظام السورى بالأسلحة إضافة إلى تعاون البنوك الروسية معه. وتشير تلك النماذج الحديثة لمناسبات ومواقف أعربت فيها واشنطن عن قلقها إلى تعامل الولاياتالمتحدة مع الأمور بمكيالين، فهى أيضا تستخدم مثل تلك العبارة للتدخل بشكل أكبر فى قضايا خاصة بالدول الإسلامية. ففى حالة تركيا استنكرت الولاياتالمتحدة استخدام الشرطة التركية "رذاذ الفلفل" فى التعامل مع الاحتجاجات ووصفته بالاستخدام المفرط للقوة، ولم تشر إلى اعتداءات المعارضة العلمانية على سيارات الشرطة وإحراقها وعلى العديد من التجاوزات الأخرى. وفى قضية قانون منظمات المجتمع المدنى فى مصر، تجاهلت واشنطن مدى تأثير ذلك على الأمن القومى المصرى، وهو ما ظهر من حكم محكمة جنايات القاهرة أمس الأول الثلاثاء بمعاقبة المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى غير المشروع لخمس منظمات أجنبية عاملة فى مصر، بالسجن لمدد تتراوح ما بين 5 سنوات، وحتى الحبس لمدة سنة واحدة مع الشغل، وتغريم جميع المتهمين مبلغ ألف جنيه لكل منهم. وفى حالة السودان عبرت واشنطن عن قلقها نحو مصالح جنوب السودان التى ساعدتها "إسرائيل" على انفصالها عن السودان؛ بينما لم تراع المصالح الأمنية للسودان. وفى الحالة السورية عبرت الولاياتالمتحدة عن قلقها، ليس حبا فى الشعب السورى، ولكن خشية محافظة غريمتيها روسيا وإيران على نفوذيهما فى سوريا، وبدت الازدواجية فى تعامل أمريكا مع الثورتين الليبية والسورية، حيث ساعدت عسكريا فى الحالة الأولى من أجل النفط، بينما تركت أكثر من 95 ألف سورى يُقتلون لأنها تخشى من قيام نظام إسلامى مناوئ لها ول"إسرائيل" عقب سقوط بشار.