ما أشبه الليلة بالبارحة! رغم اختلاف الظروف والزمان والمكان، إلا أن وجها للتشابه يستوقف أى مصرى بين جريمة قتل الجنود المصريين فى رفح فى شهر رمضان الماضى، والعملية الإجرامية التى وقعت منذ أيام باختطاف الجنود بسيناء. وجه التشابه يتلخص فى سلوك فئة من المعارضة لا تعرف الفارق بين "الخلاف السياسى" بمعناه الحزبى المصلحى الضيق، و"الأزمة الوطنية" التى يجب أن يلتف حولها الجميع دون اعتبارات المكسب والخسارة. كتبت فى أثناء جريمة رفح: (كتاب الندالة).. الفصل الأول–درس رقم (1): فى وقت الفاجعة الإنسانية، والكارثة القومية، والمصاب الوطنى.. تفرَّغ للشماتة! بجدارة منقطعة النظير، يواصل (قطيع) الشماتة الوطنية الولولة والصراخ والرقص على دماء شهداء جريمة رفح، ويكادون يهتفون بتشف وسعادة: بيب بيب كارثة! لم يستطع هؤلاء (القطيع) -فريق من النخبة سابقا- أن يكتموا فرحة وقوع جريمة تدمى قلب الوطن، لمجرد أن هذه الجريمة -فى خيالهم المريض- يمكن أن تشكل إحراجا للرئيس مرسى، أو "تدق إسفين" بينه وبين المجلس العسكرى والأجهزة الأمنية، أو تضغط على حكومة الدكتور هشام قنديل الوليدة، أو تغرس بذور فتنة بغيضة بين مصر الثورة وفلسطين المقاومة. لم يتوقف (نهيق) تلك الشرذمة الحقيرة بالاتهامات المرسلة، والأكاذيب المفضوحة، والألفاظ الخارجة التى يعاقب عليها القانون –إن كان هناك قانون- بدءا باتهام الرئيس (الإخوانى) بالضلوع فى الحادثة بالتنسيق مع حماس (الإخوانية)، نهاية بتبجح المخبول إياه، وإعلانه على الهواء مباشرة إهدار دم "اللى قاعد فى قصر الاتحادية"! شماعة حماس جاهزة للتغطية على الفشل، وإلصاق التهمة بالإسلاميين "الملتحين" غطاء جيد لعملاء الصهاينة، والمتاجرين معهم، والمتقربين إلى الأمريكان بخطب ود تل أبيب! وأضفت وقتها -ولاحظ وجه التشابه بين الفقرة التالية وبيان جبهة الإنقاذ الذى صدر أمس الأول، رافضا حضور لقاء الرئيس مرسى لإطلاع الأحزاب على آخر التطورات الأمنية فى سيناء-: بيانات الأحزاب (الكرتونية) كانت مضحكة للغاية، لكنه "ضحك كالبكاء" لشدة إغراقه فى الكوميديا السوداء، فمنهم من اعتبر الحادثة تأكيدا على أن مرسى رئيس للإخوان فقط وليس لمصر كلها (إيه العلاقة؟!)، وذهب آخرون إلى أن مرسى رئيس لغزة وليس لمصر، بينما أعلن الحزب القومى الوحدوى العروبى (المشعارف إيه) أن الحادثة تأتى انعكاسا مباشرا للعفو الرئاسى عن الإسلاميين! محلل صحفى أمنى -نسبة إلى أمن الدولة- اعتبر الحادثة تأكيدا لصحة وجهة نظر المجلس العسكرى بضرورة وضع بند فى الدستور الجديد يجعل للجيش وضعا خاصا فوق الدولة (تانى.. إيه العلاقة)! كل الكلام الجميل من نوعية "الاصطفاف الوطنى"، و"التوحد ضد الخطر المشترك"، و"إعلاء المصلحة الوطنية العليا فوق الاعتبارات الحزبية"، إلى آخر قاموس "كلنا إيد واحدة يا بهجت" طار فى الهواء، طالما سنحت الفرصة للتقطيع فى الإخوان، والشماتة فى الرئيس، والسخرية من الحكومة، والتدجيل العكاشى الفار من سلسلة الشياطين -بفتح السين- فى رمضان! اللهم ارحم شهداءنا.. ولا تؤاخذنا بما فعل شياطين الإنس. *** اللهم رد إخواننا الجنود آمنين سالمين.