منذ انتخاب الرئيس محمد مرسى فى يونيو 2012، هناك من يحاول بشدة كسر هيبة الدولة وهيبة الرئيس، وتحويل السجال السياسى إلى حالة من عدم الاستقرار تنتهى إلى فوضى تخدم أهداف أعداء الوطن والطامعين فى السلطة على غير أساس ديمقراطى. ومعلوم أن سفينة الدولة والرئاسة إذا غرقت ستغرق بالجميع، ولكن المراهقين سياسيا، الذين أعمتهم مطامعهم الخاصة، ما زالوا يلعبون بالنار ويرتكبون جرائم ضد أمن الوطن، دون أن تطالهم يد العقوبة وعدل القضاء. قبل يومين فقط، اختُطف سبعة مجندين من الشرطة والجيش فى أثناء مرورهم بطريق بين مدينتى العريش ورفح بمحافظة شمال سيناء، وكانت أبرز مطالب الخاطفين: الإفراج عن معتقلين على ذمة قضايا ذات علاقة "بالإرهاب"، يعنى ببساطة "لىّ ذراع الدولة" وكسر هيبتها. فى اليوم نفسه ألغى وزير الرياضة مؤتمرا صحفيا بعدما اقتحم المئات من شباب الألتراس المنتمين لنادى الزمالك المكان واعتدوا على الصحفيين والإعلاميين، كما حطموا عددا من كاميرات المصورين والقنوات الفضائية. وقبل ذلك بأيام تم "تثبيت" مساعد وزير الداخلية فى وضح النهار وسرقة سيارته بالإكراه، وتم أيضا "تثبيت" مدير أمن الجيزة وسرقة سيارته بالإكراه، وهناك ضباط ومجندون فى الشرطة يتعرضون للقتل بصفة شبه يومية، وهكذا. أما ما يثير الدهشة حقا فهى "خيبة" بعض النخب، التى تصر على المتاجرة بمثل هذه الحوادث، وتجعلها مادة لتصفية الحسابات السياسية على حساب المصالح العليا للوطن، ومن ذلك ما قرأناه من تعليقات على حادث اختطاف الجنود الأخير، فمنهم من قال: "إن الحادث ذريعة للإطاحة بالفريق عبد الفتاح السيسى، كما كان حادث رفح سببًا للإطاحة بالمشير طنطاوى ورئيس الأركان سامى عنان"، ومنهم من تقيأ كلاما خائبا متدنيا من مثل: "إن سبب خطف الجنود هو رفض"السيسى" مشروع قناة... وده اختبار السيسى قدام الشعب، إما أن يعلن أنه ضد الإخوان ومحتاج الشعب يسانده، أو يرضخ لمشروع قناة السويس ويرجع الجنود وبكده باع مصر".. ومنهم من تقمص دور العالم ببواطن الأمور فقال: "إن إصابة أحد المتهمين بقضية مقتل الجنود المصريين برفح العام الماضى بالعمى خلال محبسه هو سبب اختطاف 7 من عناصر الشرطة والجيش". الهمام مصطفى بكرى، القائم بدور حامى حمى الجيش والعسكر، أدلى بدلوه فقال بالحرف الواحد على صفحته فى "فيس بوك": "أتمنى ألا يأخذ حادث الاختطاف ذريعة لإبعاد الفريق أول السيسى كما فعل مع المشير ورئيس الأركان سامى عنان بعد حادث رفح والذى تشوبه الكثير من علامات الاستفهام، وعلى الجيش أن يكشف للشعب حقيقة ما جرى وما يجرى ومن المسئول عن كل ذلك"!! نحن أمام حالة عبثية كل ما فيها يؤكد أن هيبة الدولة يراد لها أن تتراجع وتصبح فى الحضيض، وأن تسرق أجهزتها ويقتل ضباطها وتقطع طرقها ويخطف أبناؤها، ولا يأمن المواطنون فيها على أنفسهم وذويهم، ليقتل من يقتل ويسرق من يسرق ويعبث بالأمن من يعبث، حتى يتساءل الناس: هل هو عجز من الرئاسة والأجهزة التنفيذية أم مؤامرة "داخلية- خارجية" تهدف إلى إعادة الزمن إلى الوراء بفرض ممارسات قمعية لفرض الأمن؟ إننا أمام متاهة أوصلت الناس إلى حد القول: "هذا شعب لا يصلح معه إلا الكرباج"، وجعلت بعضهم يتمنى عودة أيام المخلوع..ولذلك آن أوان التطهير الحقيقى لكل الفاسدين فى أجهزة الدولة، المقصرين فى عملهم عمدا، المراهنين على فوضى "غير خلاقة" لإعادة عجلة الزمن إلى الوراء، فهل نرى حراكا لقطع دابر الفساد ووقف هذا العبث؟ نتمنى ذلك.