"ثقافة التطوع تحتاج إلى من يتطوع لنشرها.. فكن مبادرا".. شعار وضعته أسرة الصفحة الاسكندرانية عبر صفحتها على فيس بوك "بشبابها هنعمرها"، اعترافا منهم بأهمية العمل التطوعى وحاجة المجتمع إليه خاصة فى الفترة الحالية، وحث الشباب على المشاركة فى أعمال الخير المتعددة، بطاقتهم التى لا حدود لها، وأفكارهم الخلاقة والمبتكرة والمتجددة، فما لديهم من طاقة وقدرة على التحمل والبذل تجعل لانخراطهم فى العمل التطوعى أفضل الأثر على حياتهم وعلى مجتمعهم. من تطوع خيرا يقول محمد حسن محاسب وأدمن صفحة "بشبابها هنعمرها" ومدير فريق العمل: "الفكرة بدأت بعد ثورة 25 يناير مباشرة، فنحن مجموعة من شباب الخريجين من كليات تجارة وحقوق وآداب، ومعاهد مختلفة وطلبة أيضا، ومثل كل الشباب لدينا من الطاقة الرهيبة والوقت والقدرة على العطاء الكثير، ولذا فكرنا كمجموعة شباب وكأصدقاء أيضا أن نستغل هذه النعم بشكل إيجابى، خاصة بعدما عشنا المناخ الرائع فى ميدان التحرير حينها، فقررنا أن نكمل حلمنا بعد ذلك بفكرة العمل التطوعى الذى يهدف إلى بذل الخير ومساعدة كل الناس المحتاجة بقدر ما نستطيع". ويضيف: التطوع له أصل فى ديننا الحنيف، وجاء ذكره فى القرآن الكريم فى آيات كثيرة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]، وقال أيضا: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 148]، وقوله تعالى: {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ} [البقرة: 158]. كما وردت فى السنة المطهرة أحاديث كثيرة تحث المسلمين على فعل الخير والتطوع لمساعدة الغير؛ فعن أبى موسى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((على كل مسلم صدقة)) قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال: ((يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق)). قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: ((يعين ذا الحاجة الملهوف)). قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: ((يأمر بالمعروف أو الخير))، قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: ((يمسك عن الشر فإنها صدقة)). رواه البخارى ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: ((لقد رأيت رجلا يتقلب فى الجنة فى شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى المسلمين)) رواه مسلم. وقال: ((الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار)) متفق عليه. ثمار الثورة وإيمانا واقتناعا بكل ما سبق ظهرت فكرة الصفحة كما يوضح محمد: "فكرنا فى إنشاء جروب على فيس بوك يوم 8 فبراير2011، وكانت الانطلاقة من منطقة قسم رمل ثان، وبعدها المنشية ثم محمد نجيب، وبعدها قررنا توسيع الأنشطة التى نقوم بها بعدما شعرنا بالسعادة، ونحن نقدم أى مساعدة ولو بسيطة للناس، ومن هنا تعمقنا بشكل أكبر فى العمل التطوعى، وتنوعت الأعمال ما بين زيارات لدار المسنين والأيتام، ونزلنا العشوائيات وقدمنا معارض للملابس وشنط الخير، ونظمنا كفالة لعدد من الأسر الفقيرة لمساعدتهم فى العلاج والتعليم، إضافة لمجموعة من الأفكار التى نناقشها ونستعد لتنفيذها فى المرحلة المقبلة، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الكريم الذى تتفتح فيه أبواب الخير". ويتمنى محمد أن تستمر تلك الأعمال ويتمكن فريق العمل والشباب المتطوعون وأعضاء الجروب من استكمال المسيرة، خاصة أن التمويل ذاتى، وهذه هى العقبة الأساسية التى تواجههم. تصفية النفوس العمل التطوعى له أهمية كبيرة بالنسبة للفرد والمجتمع كما يؤكد د. رمضان درويش أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة الأزهر، حيث يوضح أن مشاركة الشباب فيه تغرس فيهم قيما إيجابية مهمة؛ مثل حب الخير، والإحساس بالآخرين بالتخفيف من آلامهم، والتقدير الذاتى، والقدرة على العمل، والشعور بالانتماء، وحب الوطن، كما أن مشاركة الشباب فى الأعمال التطوعية تنشر مشاعر التكاتف والتعاطف وحب العطاء بين الناس، مما يزيد الشعور بالرضا والقناعة والسعادة بين مقدم الخدمة ومن يستفيد منها، فتعمل على تصفية النفوس من الحقد والحسد والضغائن والكراهية بين الفقراء والأغنياء. شباب الخير وعن قيمة العمل التطوعى وأهمية نشر ثقافة التطوع بين الشباب يقول درويش: "العمل التطوعى يجعل الشباب يشعر بقيمته وأهمية دوره فى المجتمع، فالعمل والإنتاج يجعل المرء متمتعا بالصحة النفسية والاتزان الانفعالى الذى يقيه من أمراض واضطرابات نفسية وعضوية كثيرة، كما أن روح التعاون والمشاركة والتطوع تكسب الشباب الثقة بالنفس والتعود على البذل والعطاء، مما يجعلهم أفرادا منتجين نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم، ومع الانخراط فى العمل التطوعى يكون من السهل التزامهم فى أعمال أخرى كثيرة، مما يزيد من قدرتهم على العمل والإنتاج". ويضيف أن "التطوع يجعل الشباب يشعر بالتقدير الذاتى والمتعة النفسية وقيمة الوقت مع انخراطهم فى العمل التطوعى، مما ينجيهم من البطالة والتفكير السلبى والسلوكيات الخاطئة، ويتضاعف شعورهم بالمسئولية المجتمعية، ولا ينحصر اهتمامهم على مسئوليتهم الذاتية عن أنفسهم فقط، فالعمل التطوعى لا يهدف إلى الربح، ومن ثم تكون القيمة المعنوية فيه أكبر عند الشباب من القيمة المادية؛ فهم لا يبتغون منه سوى رضا الله سبحانه وتعالى، ثم نظرة السعادة التى يرونها على وجوه الآخرين".