"هتافات.. حصار.. اقتحام".. هذا سيناريو تكرر عدة مرات فى الشارع الليبى وفى المدينة الهادئة "طرابلس" لمؤسسات الدولة، والتى بدأت بتطويق وزارات الخارجية والداخلية ومن ثم الإذاعة الوطنية لينتهى المطاف بمحاصرة وزارة المالية ومنع موظفيها من الدخول إلى تطويق وزارة العدل وحصارها من قبل مجموعات مسلحة تطلق على نفسها "تنسيقية العزل السياسى". كل هذه المشاهد تكررت وبشكل منظم للضغط على الحكومة المؤقتة فى ليبيا والمؤتمر الوطنى العام للتسريع بإقرار قانون العزل السياسى وتطهير المؤسسات من فلول نظام معمر القذافى الذين تعج بهم هذه المؤسسات، خاصة وزارة الخارجية -حسب وصفهم. وأعلن رئيس الحكومة الليبية على زيدان، رفضه وبشدة لأعمال العنف والحصار التى قامت بها مجموعات مسلحة والتى عطلت مؤسسات الدولة، مطالبا كل من لديه دليل على ذلك بأن يقدمه لهيئة النزاهة والشفافية المخولة بإقرار أو استبعاد المسئولين، مؤكدا أن الحكومة لن ترضح لمثل هذه الممارسات، موضحا أن قانون العزل وإقراره من صلاحيات المؤتمر ومهامه وليس للحكومة دور فيه. مشاهد الحصار والاقتحام كانت مستهجنة وبشدة من الشارع الليبى ومن الثوار الحقيقيين الذين أسهموا فى إنجاح ثورة 17 فبراير، مؤكدين أن هذه الأعمال محاولات للانقلاب على شرعية الحكومة والمؤتمر العام من مجموعات تتلاعب بورقة "العزل السياسى"، مشيرين إلى أن المطالب مشروعة، لكن الوسائل مرفوضة وبشدة فى ظل دولة تعانى من تراجع أمنى ملحوظ. حصار دائم ويواصل المسلحون محاصرة مبنى وزارة الخارجية ووزارة الداخلية والمالية وانضمت إليهم مؤخرا وزارة العدل، وتقوم نحو ثلاثين سيارة "بيك أب" -تحمل بعضها مضادات جوية- وعشرات الرجال المسلحين منذ صباح الأحد الماضى بمحاصرة هذه المؤسسات، وعلقت على مداخل هذه الوزارات لافتات تطالب بتبنى قانون "العزل السياسى". وبخصوص القانون، يعكف المؤتمر الوطنى العام -السلطة التشريعية- على دراسة قانون للعزل السياسى للمسئولين الذين عملوا مع النظام السابق، ويثير القانون جدلا وقلقا بين الطبقة السياسية، كونه يشهد توسعا كبيرا ربما يلحق الضرر بآلاف الليبيين، فى الوقت الذى طالب فيه خبراء وسياسيون بأن يستفيد المؤتمر من تجربة مصر فى إقرار مثل هذا القانون. وكان المؤتمر قد قام بتعديل المادة السادسة من الإعلان الدستورى الصادر فى أغسطس 2011، التى تنص على "الليبيون سواء أمام القانون، ومتساوون فى التمتع بالحقوق المدنية والسياسية". وأضاف المؤتمر تعديلا دستوريا يفيد أنه "لا يعد إخلالا بمبادئ الحريات سنّ قانون لفترة محددة، يمنع بعض الأشخاص من تولى الوظائف العليا والقيادية فى الدولة لفترة مؤقتة"، وذلك لتفويت الفرصة على الطعن بعدم دستورية قانون العزل السياسى المتوقع صدوره قريبا. وصوّت البرلمان فى أواخر ديسمبر الماضى بالموافقة على مشروع قانون العزل السياسى بأغلبية 125 عضوا، غير أنه قرر تشكيل لجنة من أعضائه لمراجعة مشروع مسودة هذا القانون.