اتخذت حركة النهضة الإسلامية التى ترأس الائتلاف الحاكم فى تونس القرار الصعب، بانحيازها إلى إقرار النظام البرلمانى المزدوج، وسط مطالبات من الأحزاب الصغيرة بالاستمرار وفق النظام النسبى واحتساب الكسور القائم، فيما تطالب بعض القيادات بالتحول نحو النظام الرئاسى وتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية على حساب رئيس الحكومة، الأمر الذى قد يهدد بإعادة إنتاج مستبد جديد. وأعلن فتحى العيادى -القيادى بالنهضة– عقب انتهاء الدورة الاستثنائية لمجلس شورى الحركة مساء الأحد الماضى، أن قيادات الحركة وافقت على إقرار نظام برلمانى مزدوج والبحث عن التوازن بين سلطات وصلاحيات رئيس الحكومة ورئيس الدولة، مشددا على أن الفكرة الأساسية التى عبر عنها أعضاء مجلس الشورى هو الحرص على التوافقات وإنجاح الحوار الوطنى. ومن المقرر أن يحسم اجتماع دار الضيافة بين الأحزاب المشاركة فى الحوار الوطنى –الاثنين الماضى- النقاط الخلافية بين الأحزاب المشاركة فى الحوار الوطنى، بعد تعليق اجتماعات الحوار الوطنى ليومين، مطلع الأسبوع الجارى. وكانت الضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية قد شهدت انعقاد دورة استثنائية لمجلس شورى حركة النهضة الأحد الماضى للنظر فى الخلافات بشأن جولة الحوار الوطنى التى دعا لها رئيس الجمهورية المنصف المرزوقى، برئاسة حمادى الجبالى الأمين العام للحركة. وقال رياض الشعيبى، عضو مجلس الشورى فى تصريحات صحفية، إن الدورة الاستثنائية للمجلس خصصت للنظر والحسم فى قضايا خلافية تتعلق بالنظام السياسى، وتقنين العلاقة بين رئاستى الجمهورية والحكومة، وصلاحيات هاتين المؤسستين، والقانون الانتخابى، وكيفية احتساب الكسور عند الإعلان عن النتائج الانتخابية. وأضاف الشعيبى أن "النهضة" تسعى إلى حل كل الملفات العالقة عن طريق التوافق وسط حرص كل قياداتها على إنجاح المرحلة الانتقالية، وضمان المرور السلس للتجربة الديمقراطية الوليدة. وكان من المنتظر أن يعقد مجلس الشورى دورة عادية يومى 27 و28 إبريل الماضى، إلا أن قيادات الحركة أجلتها إلى موعد جديد يومى 11 و12 مايو الجارى. وأرجع الشعيبى الإرجاء إلى عدم اكتمال الوثائق الداخلية التى تعكف اللجان المختصة على إعدادها، وقال إن تلك الوثائق ستهتم بقضايا سياسية تنظيمية، خاصة الخطة الإستراتيجية التى ستعتمدها حركة النهضة لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة قبل نهاية السنة الحالية. وتشتكى حركة النهضة من القانون الانتخابى الذى اعتمد فى يوم 23 أكتوبر 2011 لانتخابات المجلس التأسيسى (البرلمان)، لعدم عدالة قانون النسبية الذى يعتمد نظام "أكبر البقايا"، والذى يسوى بين الأحزاب الصغرى والكبرى. وانطلقت الحركة فى اختيارها للنظام البرلمانى أو البرلمانى المعدل -خلال جلسات الحوار الوطنى– كونه كفيلا بتجنيب البلاد العودة إلى مخاطر الاستبداد الرئاسى. وتواجه "النهضة" من خلال موقفها هذا أحزابا معارضة تدعو إلى نظام رئاسى خالص رغم مخاطر هيمنة رئيس الجمهورية من جديد على كل السلطات بعد أن يكون من صلاحياته حل البرلمان والإشراف المباشر على المؤسسة العسكرية والملفات الخارجية.