دعنا من الأحكام التى تناسب فئة ولا تناسب فئة أخرى، إن حالة الإرباك التى يسعى إليها البعض لا تحقق شيئا لفئة دون فئة. كلنا يعترف بفضل الثورة علينا، كما نعترف بأن القضاء هو الحصن الحصين، وهو الذى يوفق أوضاعه حرصا على هذه القدسية والتوقير للقضاء المصرى. هذا الاشتباك والارتباك الحادث لا بد أن يتحمل ويشترك كل بنصيبه فى إزالته، مجلس الشورى، وهيئة القضاء والسلطة التنفيذية، بل السلطة الرابعة التى يجب أن تسمو إلى الأخلاق الوطنية وتقدر الثورة ودماء الشهداء التى طهرت الوطن من الفساد والمفسدين. ليست هناك قضية، اللهم إلا من عنده مسئولية لا يمارس مسئوليته، لا بد من الاستماع إلى الحوار البناء الجاد الشعبى، قضايانا تعالج بقدر من الحكمة وليس بهذا التشنج؛ لأن النظام الحالى يمتاز بالتريث والهدوء والتحمل والصبر، إن هناك حلولا لمجرد (الشو) والفرقعة وهى لا نتيجة لها ولا صدى. القضاء المصرى المحترم لديه القدرة على التشخيص وتقديم الحلول الملائمة. نحن لا نقرأ انفضاضا من حول الرئيس، بل إنهم رجال حول الرئيس ولا يضير العقلاء الاتهامات المطلقة والإشاعات المغرضة، هناك مصداقية لدى مؤسسة الرئاسة فى القضاء لا حدود لها، لكن هناك عوارا وتوغلا لا بد أن يعالج، عوار شعر به الوطن والثوار ومن سالت دماؤهم زكية واستشهدوا لنعيش وليحيا الوطن عزيزا كريما. إن هناك أسئلة يجب أن يلتفت إليها القضاة وهى: كيف قبل السادة القضاة تعديل سن التقاعد من الستين إلى الثامنة والستين على مراحل؟ وما يثير الدهشة أن هذا القرار اتخذه الرئيس المخلوع دونما استئذان أية سلطة من السلطات التشريعية بغرفتيها الشعب والشورى، أو السلطة التنفيذية!! وكيف يستقوى القضاء بالخارج على شأن من الشئون الداخلية؟ القضاء هو المشكلة والحل معا. ولا أحد كائنا من كان فوق القانون. هل من حق فئة من فئات المجتمع أن تطلب نصا فى الدستور على أن يكون سن التقاعد هو سبعون عاما تمييزا إيجابيا لهم دون غيرهم؟.. لك الله يا مصر.. إن الرئاسة لا تعاند أبدا، إنها تجيد الاستماع وتقدر الحسابات، والأدلة كثيرة متنوعة؛ الرئاسة اعتذرت عن التعديل الدستورى، الرئاسة تنازلت عن اتهامات الصحفيين، وألغى الحبس الاحتياطى لسب الرئيس، وإذا تبين وجه حقيقى فى قرار صدر يراجع، بل يعتذر عنه، هو لا يمتلك التراجع فى حقوق دستورية أو حقوق قانونية. ليس على الرئيس أن يستجيب لكل شىء أو يقبل دون تدبر كل شىء، وهو فى ذلك لا يتجاوز قوانين نهائية للقضاء، والطعن من قبل الرئاسة يجب ممارسته احتراما للقضاء، وممارسة حقه احتراما للدستور، إن الاختلاف يتسع للجميع، وهو مظهر ديمقراطى. إن إنجاز الدستور إنجاز سياسى يتطلب آلية يتوافق عليها الجميع لتعديل بعض قوانينه ليحظى بالتوافق. إن مؤسسة الرئاسة تمارس عملها المؤسسى والمنظم، بوصلته مطالب الجماهير وتحسين الأداء والخدمات حتى يشعر الشعب بآثار التغيير. إن البحث عن طمأنة سياسية للشارع يتطلب إزالة (تابو) المعاندة من قبل الجبهات والأحزاب المتنافرة المتصارعة من أجل الوصول إلى الحكم. إن الصورة الحقيقية أن الإعلام المصرى فيه مشاكل ونحن نعيش حالة من السيولة، وهى فترات تحدث عقب الثورات، هناك إعلام له انتماءات سياسية، لكنه إعلام نزيه وإعلام وطنى وهنا تواجهنا حالات استثنائية، التعامل معها ليس إخلالا بالمبدأ العام وبطريقة قانونية موضوعية لا نخلط السيف بالندى، القراءة السطحية لا تكون دقيقة، لكن الواضح أننا نعيش فى دولة القانون، دولة المؤسسات، دولة الشرعية الدستورية، إنها لا تتحزب ولا تتعصب، لا تنحرف ولا تنحاز، تصون ولا تبدد، تؤكد العدالة والحرية من أجل الجميع، فرئيس الدولة هو رئيس كل المصريين. إن الفكر الماضوى القائم على تحليل المنظومة لا الفكر الاستراتيجى القائم على تصميم المنظومة هو الذى يحكم تفكير ثلة من المعارضين الذين انغمسوا فى أحداث ما بعد الثورة والتى حدثت فى الفترة الانتقالية إبان حكم القادة العسكريين أو الأحداث التى تلت وصول أول رئيس دولة منتخب عبر إرادة شعبية حرة ونظيفة، وهى أحداث منطقية لها ما يبررها من الحفاظ على دولة المؤسسات والحفاظ على أهداف الثورة المجيدة رغم المصارحة والمصالحة والدعوة إلى حوار بوصلته الوطن والمواطن، لكنها جبهة الرفض من أجل (إما أنا وإما الفوضى). نحن فى حاجة ماسة إلى تطبيق نظام العدالة الانتقالية مسترشدين بنموذج جنوب إفريقيا الذى كان شعاره (المصالحة والمصارحة) الذى شكل جماعة برئاسة أحد القساوسة المرموقين وأسدل الستار تماما بتصفية كل ما يتعلق بالنظام السابق. نحن فى حاجة ماسة إلى التصالح مع الماضى؛ فكلنا مصريون لا موالاة ولا معارضة ولا فلول ولا حكومة عميقة ولا إسلامية، يجب أن نبدأ جميعا رحلة المستقبل الآمن لمزيد من الإنجازات وللوصول إلى مصر الجديدة وتحقيق مشروع النهضة فى مصر الجديدة القوية اقتصاديا وسياسيا فى المنطقة الشرق أوسطية. إننا معا قادرون على التغيير وتحقيق أهداف الثورة، قادرون على حسن إدارة الوقت واستثمار الجهد، قادرون بعون الله على تحقيق التوافق السياسى ولم الشمل عبر حوار وطنى جاد وبناء ومخلص من أجل بناء مصر الجديدة. إن ميراث الخبرات البناءة والناجحة قد اكتسبها أول رئيس مصرى منتخب عبر إرادة شعبية حرة تؤهله لقيادة سفينة الوطن داخليا وخارجيا بكفاءة واقتدار، والعبور بالوطن عبر أمواج المعارضة الظالمة والمتلاطمة، والتى تقودها جبهة الإنقاذ ضد الإنجاز، وشعار الرئاسة تفاءلوا بالخير تعيشوه. ولعل رئيس كل المصريين الدكتور محمد مرسى أستاذ الجامعة المرموق يؤمن بأن الفكر والمفكرين يحتاجون إلى الحركة كما يحتاج أصحاب الفكر إلى الاحتكام والاشتباك مع جماهير الشعب على اختلاف أطيافهم، وهو ما نراه شاهد عيان منذ الساعات الأولى وأداء القسم، وحتى اليوم نراه فى رحلات وجولات واتصالات وحوارات ومناقشات ولقاءات داخل الوطن وخارج الوطن، والتواصل والتحاور مع الجميع شغله الشاغل من أجل الثورة المجيدة والوطن العظيم، بل من أجل الإنسان المصرى البسيط. أداء الرئيس اليومى أداء مؤسسى تشاورى والتحام مع القاعدة الشعبية فى ربوع مصر، وهو ما يضيف إلى القيادة السياسية المنتخبة رصيدا إيجابيا كبيرا ومتجددا، ويعطيها دوما الشرعية ليس من الصفوة والمثقفين فحسب، بل من أبناء القرى والنجوع والمدن والعشوائيات والمناطق المحرومة وأصحاب الياقات الزرقاء ومن يؤمنون فى ريف مصر الواسع الممتد بأن الأرض هى العرض إنهم الفلاحون الكادحون. إن مصر الثورة والقيادة معا فى اتجاه البناء؛ حيث تمتلك الإستراتيجية الوطنية التى تنطوى على الأهداف والمصالح الحقيقية الحيوية، بل امتلاك البوصلة الواضحة فى إدارة الوقت والبشر والعلاقات والتحالفات مع القوى الداخلية والخارجية العربية والإقليمية والدولية على حد سواء. أضف إلى ذلك المؤسسات المتخصصة القادرة على القيام بالأدوار المهمة فى صناعة القرارات والقيام بالمهام المتنوعة لتحويل القرارات إلى واقع، ولكن جبهات المعارضة لا يعلمون؛ لأنهم يفكرون ورءوسهم مشدودة إلى الوراء، وبوصلتهم فى الصراع نحو السلطة وإعاقة التمكين لمن جاءوا عبر إرادة شعبية حرة غايتها استجماع القوى المصرية لاستعادة مكانة مصر ومكانتها سياسيا واقتصاديا فى المنطقة الشرق أوسطية، باعتبارها قوة إقليمية فاعلة وقادرة على المشاركة والفعل.