* د. محمود علم الدين: الحرية الإعلامية مسئولة وتعكس قيم وعادات المجتمع طالب المشاركون فى المؤتمر العلمى الدولى التاسع عشر حول "الإعلام وثقافة الديمقراطية"، بالبدء فى إنشاء المجلس الوطنى للإعلام وتحديد اختصاصاته وآليات عمله ومصادر تمويله ككيان مستقل مسئول عن ضمان حرية الإعلام بأشكاله المختلفة وتحديد العلاقة بينه وبين الهيئة الوطنية للإعلام التى نص الدستور الجديد على إنشائها. وشدد المؤتمر -الذى اختتم فعالياته مؤخرًا بكلية الإعلام جامعة القاهرة- على أهمية نشر المصطلحات الديمقراطية فى مجال الإعلام وتفعيلها فى مجال نشر ثقافة الديمقراطية، والإسراع بالإصلاح الهيكلى للمنظومة الإعلامية المصرية من خلال تفعيل آليات تنظيم الإعلام على الأسس العالمية مع مراعاة الواقع المصرى وطبيعة المرحلة السياسية الراهنة كمرحلة تحول إلى نظام سياسى جديد، مع إمكانية الاستفادة من التجارب العالمية السابقة فى مجال الإعلام وبخاصة فى مجال الدراسات الأكاديمية. وأكد المشاركون فى المؤتمر أهمية التنظيم المستمر لدور وسائل الإعلام فى معالجة قضايا الديمقراطية من خلال الدراسات الأكاديمية والتقارير الدورية للمجتمع المدنى والمؤسسات العاملة فى هذا المجال، وضرورة التعرف على وجهات نظر المصريين العاملين فى الخارج نحو وسائل الإعلام دعمًا للتواصل مع المصريين ووطنهم، وتفعيل ميثاق الشرف ومدونات السلوك فيما يتعلق بعلاقة الصحفيين والإعلاميين ومصادرهم. وطالبوا بتطبيق معايير الجودة العلمية فى المؤتمرات العالمية مع تشجيع المشاركة فى المحافل والملتقيات الإعلامية وضرورة المراجعة النقدية للبحوث العلمية وتحديث المناهج والأدوات الإعلامية فى إطار الانفتاح على المناهج البحثية فى العالم. وكانت كلية الإعلام جامعة القاهرة قد نظمت المؤتمر العلمى الدولى التاسع عشر تحت رعاية الأممالمتحدة، وبمشاركة جامعات القاهرة وتمبل بالولايات المتحدةالأمريكية وتسينجوا الصينية وكوينزلاند بأستراليا وسيدى محمد بن عبد الله المغربية وجامعة ويست انديز- جامايكا؛ وذلك فى إطار الأسبوع العالمى للثقافة الإعلامية والمعلوماتية والحوار بين الثقافات MILID، وهو حدث دولى يهدف إلى تعزيز التواصل والتعاون بين المنظمات الدولية والجمعيات غير الحكومية والجامعات ووسائل الإعلام وأساتذة البحث العلمى وطلاب الجامعات والمتخصصين فى مجال الثقافة الإعلامية والمعلوماتية وحوار الثقافات من كل دول العالم. حرية مسئولة من جانبه، قال الدكتور محمود علم الدين -وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة والمشرف على المؤتمر- إن أهمية المؤتمر تأتى من أنه يعتبر وقفة علمية بحثية تتناول قضية الإعلام ودوره فى نشر ثقافة الديمقراطية على مستوى التجربة الثورية المصرية وماذا حدث على مستوى العالم فى التجارب المشابهة والدروس المستفادة منها لتنطلق التجربة المصرية فى مسارها الصحيح وعينها على المستقبل. وأضاف علم الدين -فى تصريحات خاصة لصفحة "فضائيات"-: "المشكلة أننا نمر بمرحلة انتقالية بعد أن سقط النظام القديم، الذى عانى الاعلام خلاله من القيود وتكميم الأفواه والسدود والعراقيل التى كانت توضع أمامه". وتابع: "أما وأن المجال قد فتح على مصراعيه لممارسة الحرية الإعلامية التى نتمناها فإننا نوجه النصيحة بأن نربط بين الحرية والمسئولية وعلى الذين يمارسون الإعلام أن يمارسوه بحرية مسئولة ترتبط بالقيم المهنية المتفق عليها مجتمعيا وعالميا". وعن التخوفات التى يرددها البعض بتهديد حرية الإعلام، قال علم الدين إن الحرية الإعلامية جزء من جوهر الحريات العامة للمنظومة المجتمعية، وما دام هناك ممارسات ديمقراطية فى المجتمع فإن ذلك سينعكس بالطبع على الإعلام لأنه جزء من المنظومة الكبرى ومرآة للنظام الاجتماعى والسياسى للمجتمع. وأشار المؤشر على المؤتمر إلى أن الديمقراطية تعد نمطا وأسلوب حياة والإعلام يدور فى فلكها سلبا وإيجابا فهو يدعم ثقافة الديمقراطية إذا غلبت قيم التسامح والتعددية والإيثار ويقف أمام دعم ثقافة الديمقراطية إذا انتصر للتعصب وعدم الإنصاف والتحيز وغيرها من الأمور المشابهة، ولأننا فى مرحلة تحول تأتى أهمية الإعلام ودوره فى تشكيل ثقافة الديمقراطية لدى العامة. مشاعر سلبية وناقش المؤتمر -على مدار جلساته التى بلغت 13 جلسة- مجموعة من الموضوعات المهمة والأبحاث التى قدرت ب50 بحثا عن الإعلام وثقافة الديمقراطية التى شهدتها مصر بعد ثورة يناير 2011، شارك فيها 8 جامعات دولية وعدد كبير من الأكاديميين. وكان من بين الأبحاث والدراسات التى تمت مناقشتها فى المؤتمر، البحث الذى قدمته الدكتورة نجوى عبد السلام فهمى -الأستاذ بقسم الإعلام كلية الآداب جامعة عين شمس- تحت عنوان "استخدام تويتر لرصد المزاج العام للمجتمع فى فترات الاضطرابات.. "حداث محمد محمود فى مصر نموذجًا". وأشارت نتائج الدراسة إلى أن التدوينات المصغرة التى نشرت خلال هذه الفترة اهتمت بوصف الأحداث أو تحليلها أو التعبير عن المشاعر الشخصية لكاتبها، خاصة المشاعر السلبية التى صاحبت أحداث محمد محمود فى مصر، وذلك من خلال استخدام كلمات تعبر عن مشاعر سلبية، كما غلب عليها استخدام الضمائر الدالة على المفرد لتركز على التعبير عن المشاعر والمواقف الشخصية. وجاء بحث "تقييم الصفوة الأكاديمية للدور المجتمعى لوسائل الاعلام المصرية فى إطار نظرية التحديث" والتى شاركت بها د.دينا عرابى المدرس بقسم العلاقات العامة والإعلان، كلية الإعلام- جامعة القاهرة، ليقدم دراسة عن طبيعة الدور الذى تلعبه وسائل الإعلام المصرية فى نشر مفاهيم الديمقراطية كمتطلب أساسى؛ لدورها فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية فى إطار نظرية التحديث، ولرصد هذا الدور من وجهة نظر الصفوة الأكاديمية، متمثلة فى أساتذة الإعلام بالجامعات المصرية. وتندرج الدراسة ضمن الدراسات الوصفية Descriptive Studie؛ حيث تسعى بشكل أساسى لتوصيف العلاقة بين الإعلام ونشر ثقافة الديمقراطية فى المجتمع المصرى توصيفًا يتسم بالدقة، والانتظام، والموضوعية. وتحقق البحوث الوصفية الأهداف الرئيسية للبحث العلمى ممثلةً فى توصيف الظاهرة محل الدراسة، والتحقق من صدق النتائج، فضلا عن التنبؤ بالظاهرة فى المستقبل، وتتفرد البحوث الوصفية بأنها تسمح برصد، وقياس العديد من المتغيرات، فضلًا عن قياس العلاقات القائمة فيما بينها؛ وصولًا إلى فهمٍ متعمق للظاهرة محل الدراسة. تقييم التحول من جانبها قدمت د.أمنية السيد على نور الدين -مدرس الإعلام بمعهد البحوث والدراسات البيئية بجامعة عين شمس- دراسة بعنوان "تليفزيون الخدمة العامة فى مرحلة التحول السياسى: دراسة مقارنة بين التحول فى مؤسسة البث الإذاعى المصرية بالمقارنة ببعض مؤسسات البث الإذاعى الحكومية فى الدول الأوروبية"، استهدفت تقييم التحول فى مؤسسة البث الإذاعى المصرية) اتحاد الإذاعة والتليفزيون( بالمقارنة ببعض مؤسسات البث الإذاعى الحكومية فى دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية، ودور أوروبا فى منطقة البحر المتوسط خلال فترة التحول الديمقراطى فى السبعينيات من القرن الماضى. واستخلصت الباحثة من خلال دراستها أنه سيكون هناك بالفعل تحول فى المؤسسات الإعلامية فى المرحلة المقبلة، إلا أن ملامح هذا التحول لم تتشكل بعد، وتحتاج لجهود هائلة من الدارسين والباحثين لإدارة هذا التحول بما يسهم بتحقيق مصلحة المجتمع؛ ليسهم الإعلام فى تلبية الاحتياجات التنموية للمجتمع. واستندت الدراسة على نموذج هالين ومانسينى Hallin and Mancini 2004)) للمقارنة بين أنظمة الإعلام، ويضع النموذج أربع عوامل يمكن على أساسها تصنيف أنظمة الإعلام وفقا لأنماط التطور التاريخى للمؤسسات الإعلامية، وهى درجة التطور والنمو فى سوق المنتج الإعلامى )بالتركيز على نمو معدلات توزيع الصحف(، ودرجة الاستقطاب السياسى، وتمثل طبيعة العلاقة بين النظام السياسى والمؤسسات الإعلامية وخاصة علاقة الأحزاب السياسية بإدارة المؤسسات الإعلامية، وانعكاس دور القوى السياسية الرئيسية على دور المؤسسات الإعلامية، ودرجة المهنية فى الأداء للمؤسسات الإعلامية ومدى تدخل الدولة فى إدارة النظام الإعلامى. دراسات متنوعة كما ناقش المؤتمر العديد من الدراسات التى سلطت الضوء على الفترة التى سبقت ثورة 25 يناير وأداء الإعلام بمختلف أنواعه خلال هذه الفترة، وكذلك المرحلة الانتقالية التى يمر بها الإعلام حاليًا، ومنها "صورة أزمة النظام السياسى المصرى فى نهاية فترة حكم مبارك، والعلاقة بين الصحف المصرية والسلطة خلال الفترة من25 يناير وحتى11 فبراير.2011"، وهى دراسة تحليلية على صحف "الأهرام، الوفد، المصرى اليوم" للدكتور محمود منصور هيبة، الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب- جامعة بنها. ودراسة بعنوان "استخدامات المرأة الصعيدية للشبكات الاجتماعية وتأثيرها على مشاركتها فى الانتخابات الرئاسية عام 2012"، و"تقييم مصداقية البرامج الحوارية بالقنوات الفضائية فى تناولها لموضوع الدستور المصرى، للباحثة حسناء سعد منصور، الأستاذ المساعد بجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية. و"الغناء الوطنى كأحد وسائل الإعلام المهمة للتأثير فى الرأى العام ولنشر الوعى بالتحول الديمقراطى والسياسى والاجتماعى فى الدولة" للباحث محمود حسين الحلوانى، مدرس الغناء والاتجاهات المعاصرة للفنون بقسم التربية الموسيقية، كلية التربية النوعية - جامعة القاهرة. ودراسة بعنوان "استخدامات وتأثيرات شبكة الإنترنت وعلاقتها بديمقراطية الاتصال والديمقراطية فى مجال الإعلام" و"صورة الديمقراطية كما تعكسها نشرات الأخبار، دراسة حالة لقناة الجزيرة الإخبارية" و"دور وسائل الإعلام فى المشاركة الديمقراطية" و"المجلس الوطنى للإعلام والنظام الأساسى وعلاقته بمؤسسات الدولة"، وغيرها من الأبحاث الأخرى. كان من أبرز الضيوف الذين شاركوا فى المؤتمر: تون جيزلى، مدير شعبة الثقافة الإعلامية بمنظمة اليونسكو، وجوردى توريت، مدير برنامج الأممالمتحدة لتحالف الحضارات، والإعلامية إيميلينا فرناندوس، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون ونائب رئيس البرلمان الإسبانى.