تبدأ فضائية "مصر 25" عامها الثالث، ولا شك أننا استفدنا من تخلى جُلّ القنوات والمواقع والصحف الخاصة عن المهنية وأخلاقيات الإعلام. إن مواقع وصحف وفضائيات من كوّنوا ثرواتهم من الزواج غير الشرعى بنظام المخلوع الفاسد -لم تستطع أن تدفعنا لإعادة النظر فى قرارنا المبدئى بالتمسك بالمهنية وأصول صناعة الإعلام. لقد انتهزنا الفرصة وتصرفنا كأى مؤسسة إعلامية راشدة؛ فحرصنا على الصدق عندما خاصم منافسونا الحقيقة. مقدمو نشراتنا وكل البرامج تجنبوا التجريح والإسفاف والبذاءة ولم يسيئوا إلى أى معارض أو خصم سياسى بدعوى السخرية والنقد. قناة مصر 25 حرصت من يومها الأول على أن تلتزم أعلى درجات المهنية. وأدعو أى باحث إعلامى أن يفحص محتوى القناة، وسيكتشف صدق ما أقول على مدى شهور طويلة من عمرنا القصير نسبيا. وقد كتبت وصرحت غير مرة بأن القناة مرآة سليمة أمام مجتمع مصر بعد الثورة. وقلت إن من شأن المرآة غير المقعرة أو المحدبة أن تظهر ما ومن أمامها على حقيقته. الكبير يظهر كبيرا والقزم قزما والزاعق زاعقا والعقلانى عقلانيا. أصحاب القناة من فصيل يكاد يكون الأكبر عددا، ومن ثم فهم يظهرون على شاشتنا بوزنهم النسبى الذى لا خلاف عليه. الحزب الشيوعى وغيره من أحزاب صغيرة كحزب التجمع مثلا، كلهم يفتقدون شعبية ووزن الإخوان، ولهذا ظهروا عندنا على قدر حجمهم المحدود. لقد دعونا رموزا من كل الفصائل والقوى والأحزاب من أقصى اليمين لأقصى اليسار لبرامج القناة الرئيسة. كان لدينا (توك شو) رئيسى هو "أهل مصر"، وبرنامج يستهدف المساهمة فى دمقرطة المجتمع هو "سباق الديمقراطية"، وثالث للمبتكرين والمبدعين هو "صنّاع النهضة" ومساء كل جمعة كان لدينا برنامج دينى للمسلمين والمسيحيين سميته "الدين والنهضة"، مدته أكثر من ساعتين. وقد استضفنا فيه رموزا بارزة من الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية مرات، والكاهن فلوباتير والمحامى نجيب جبرائيل وهما من الشريحة المسيحية الأقل تسامحا كانا ضيفين علينا أيضا. عندما فاز مرشح الإخوان بالرئاسة، وربما قبلها عندما فاز تحالف الإسلاميين بأغلبية البرلمان، لم يتحمل بعض قادة وصحفيى وإعلاميى القوى اليسارية والقومية والعلمانية والليبرالية نتيجة الصناديق، فسارعوا إلى اتخاذ مؤسسات إعلامية عديدة أدوات للحرب على إرادة الشعب الحرة. تحول عدد غير قليل من الإعلاميين فى مؤسسات صحفية وإعلامية خاصة وعامة عن المهنية، وبالغ البعض وشتم وسب واختلق. أُذَكِّر بأن سياسيا يساريا صاحب تاريخ طويل هو أبو العز الحريرى (استضفناه كثيرا)، ومع ذلك لم يتورع عن ترويج وتكرار أكذوبة أن مرشد الإخوان زار المخلوع. رموز إعلامية وسياسية كنا نعتبرهم كبارا بالغوا وضلّلوا وتحاملوا على الإخوان فى فضائيات ومواقع وصحف مملوكة لمن أضرت الثورة بمصالح بعضهم. أمام كل ذلك لم يكن من العقل ولا المهنية أن نستضيف أمثال هؤلاء على شاشتنا ليكذبوا أو ليشتموا أو ليتحدثوا عن تكهنات وشائعات غرضها محاربة نتائج الصندوق الانتخابى. هل هذه عدم مهنية منا؟ أترك للقراء الرد. ولا أنسى أن أُذَكِّر بزميل درس الإعلام ويضع قبل اسمه حرف الدال. لم يتورع هذا الصحفى عن ترويج كذبة حقيرة هى أن برلمان الإخوان والسلفيين ناقش مشروع قانون "مضاجعة الوداع". الزميل كان يكذب كذبا ممنهجا، والهدف هو الاغتيال المعنوى لمجلس الشعب ككيان اعتبارى ذى أغلبية إسلامية. أليس هذا ذبحا للمهنية بسكين بارد؟ نحن فى قناة مصر 25 لم نكذب ولم نستضف من يكذبون فى حق أحد. وامتنعنا ولا نزال نمتنع عن استضافة من ثبت كذبهم.