تسببت موجة القصف التى بدأها نظام بشار الأسد مؤخرا على المناطق الكردية فى سوريا -التى كانت بمعزل فى السابق عن الثورة- فى دخول الأكراد إلى قلب المعركة المشتعلة فى البلاد منذ منتصف مارس 2011، ودفعت عديدا من المراقبين إلى القول إن الأسد فتح جبهة جديدة للقتال تقربه يوما بعد يوم من مصيره المحتوم، خاصة أن هذا القصف يدفع الأكراد إلى توثيق تحالفهم مع الجيش السورى الحر. فقد توصل الأكراد -البالغ عددهم أكثر من مليونى نسمة ويتمركزون شمال شرقى سوريا- وثوار سوريا إلى "اتفاق بعدم الاعتداء"، يثير مخاوف الأسد من دعم تركيا لأكراد سوريا بعد الدخول فى محادثات سلام مع أقليتها الكردية، ودعوة الزعيم عبد الله أوجلان لأتباعه وعناصر حزب العمال الكردستانى لإلقاء السلاح؛ مما يفتح جبهة قتال جديدة ضد الأسد، ويجعل سقوطه أسرع بكثير. كما أن التحالف بين الثوار والأكراد يشكل نقلة نوعية وخطوة بالغة الأهمية بالنسبة لمسار الحرب؛ حيث مكن هذا التحالف الثوار من السيطرة على موقع حى الشيخ مقصود الإستراتيجى على هضبة شمال وسط حلب وأجزاء من مدينة القامشلى. محاولات يائسة وحاول نظام الأسد إحياء التهديد الكردى مجددا فى عام 2011 لإثناء تركيا عن موقفها المؤيد للثوار الذين يسعون للإطاحة بالأسد؛ حيث قدم الأسد ملاذا آمنا لعدد من المقاتلين الأكراد، بما فى ذلك صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى، وقام بسحب قواته من المناطق الكردية فى شمال وشمال شرقى البلاد المطل على الحدود التركية، وسمح للأكراد بالتمتع بالحكم الذاتى فى مقابل بقائهم على الحياد فى صراع الحكومة مع الثوار. وكان نظام الأسد يأمل من وراء ذلك الضغط على تركيا للتوقف عن تصعيد دعمها للثوار، ولكن التحول الذى طرأ على ولاء الأكراد فى حى الشيخ مقصود يوحى بأن مبادرة أردوغان الأخيرة مع أوجلان بدأت بالفعل تؤتى ثمارها فى صراعه مع الأسد، وأن تعاون الجماعات الكردية مع الثوار سيزيل القيود المفروضة على عاتق الحكومة التركية، ويمكنها من زيادة دعمها للجيش السورى الحر دون الخوف من إثارة نظام الأسد للتمرد الكردى ضدها. وقال صالح مسلم -رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى-: إن قصف مناطق كردية فى سوريا يشير إلى أن أكراد سوريا الذين كانوا بمعزل منذ فترة طويلة عن الثورة أصبحوا مستهدفين بطريقة متزايدة من جانب قوات الأسد بعد أن أبرموا اتفاقات مع الثوار. ويرى مراقبون أنه إذا أرغمت قوات الأسد خلال الأسابيع المقبلة على ترك قواعدها المتبقية فى المناطق الكردية، مثل محافظة الحسكة الغنية بالنفط، سوف يكون هذا الاتفاق وسقوط حى الشيخ مقصود البداية لتحول جذرى فى مسار الحرب فى سوريا.