* طارق الشناوى: أمور طبيعية فى تاريخ السينما * محمد كامل القليوبى: اسمها الحقيقى "أفلام رخيصة" * د.وليد سيف: ما يزعجنى تراجع الإنتاج السينمائى الحقيقى توقع النقاد السينمائيون أن تتبع اندلاع ثورة 25 يناير، ثورة موازية فى كل المجالات، ومن بينها الفن على جميع الأصعدة سواء كانت السينما أو المسرح أو الدراما التليفزيونية أو الوثائقية، إلا أن طول المرحلة الانتقالية والتقلبات التى شهدتها إضافة إلى ما تمر به البلاد من عدم استقرار سياسى واقتصادى جعل الكثيرين يقولون "لسه شوية على ثورة الفن". ورغم بروز بعض التجارب المشرفة التى ظهرت بعد الثورة على المستوى السينمائى فقد رأينا خلال الموسم السينمائى الماضى بعضا من الأفلام التى اعتبرها النقاد تدخل فى إطار أفلام المقاولات مثل "البار" و"على واحدة ونص" و"سبوبة" و"عبده موته" وغيرها من الأفلام لتعود هذه الظاهرة إلى الوجود من جديد عبر الكثير من الأفلام التى تم الانتهاء من تصويرها فى الفترة الأخيرة استعدادا لعرضها جماهيريا فى الموسم الصيفى المقبل . ووسط تجميد شركات الإنتاج الكبرى نشاطها، ترقبًا لحالة الزخم السياسى التى تمر بها البلاد ولضبابية المشهد السياسى وانتظارا لما ستسفر عنه الأحداث خلال الفترة المقبلة، ظهرت مؤخرا شركات إنتاج تخوض أولى تجاربها بأفلام رخيصة التكلفة، يتم تصويرها فى أسبوع أو اثنين على الأكثر، ويقوم ببطولتها عدد من المطربين الشعبيين وعدد من الوجوه الجديدة وفنانى الصفين الثالث والرابع، بالإضافة إلى مؤلفين ومخرجين يخوضون التجربة أيضًا للمرة الأولى أملا فى تحقيق أى مكاسب، فى ظل عدم وجود أفلام ضخمة تستطيع منافستهم. وانتهى الممثل الشاب عمرو عبد العزيز من تصوير أولى بطولاته السينمائية من خلال فيلم "المماليك" الذى شاركه فى بطولته غادة حديشة ورامى وحيد ومحمد الصاوى والمطرب الشعبى محمود الحسينى وندى عبد الله.. وتدور أحداث الفيلم داخل أحد البارات يسمى المماليك لتوضح الأحداث والظروف التى دفعت كل العاملين بهذا البار لدخول هذا المكان. المثير أن مخرج الفيلم أحمد إسماعيل انتهى من تصويره فى أقل من شهر، كما يشارك المطربان الشعبيان أوكا وأورتيجا بمشاهد قليلة داخل العمل إلى جانب غنائهما البرومو. وتردد استعداد الفنان والمنتج عبد الله الكاتب لتصوير ثانى تجاربه الإنتاجية فى فيلم جديد بعنوان "لعنة النساء"، بطولة مجموعة من الوجوه الشابة، من بينهم تيسير فخرى وشيماء عباس وأحمد الجوهرى، وإخراج إبراهيم العوام، وتدور أحداثه حول مختلف المشكلات التى تواجه نون النسوة، وأزماتهن مع المجتمع مثل قضية زواج القاصرات وغيرها من المشكلات. أما فيلم "زجزاج" الذى تم الانتهاء من تصويره مؤخرا فتدور أحداثه فى إطار اجتماعى رومانسى حول فئة الشباب ومشاكلهم العاطفية والاجتماعية وأهم الظروف والصعاب التى تواجههم فى حياتهم، والفيلم حسب صناعه يحاول رصد التحولات التى طرأت على المجتمع المصرى خلال العامين الماضيين. الفيلم من بطولة ريم البارودى وميرنا المهندس وعمرو محمود ياسين وعايدة رياض وسعيدة طرابيك إلى جانب عدد من الوجوه الشابة، وهو من تأليف أمانى البحطيطى، ومن إخراج أسامة عمر، ومن المقرر عرضه فى عيد الفطر المبارك. بينما كان اعتذار العديد من أبطال فيلم "هيصة" حائلا أمام المخرج وائل عبد القادر فى سبيل الانتهاء من تصويره، وكان على رأس المعتذرين ريم البارودى والتونسية ساندى، ولا يزال تصوير الفيلم قائما فى العديد من الأماكن التى لم ينته التصوير بها بعد، منها استديو مصر، وأحد أسطح المنازل، وأحد المقاهى. فيلم "هيصة" يشارك فى بطولته راندا البحيرى وخالد حمزاوى ومحمد رضا، والفيلم قصة وسيناريو وحوار عبد المنعم طه . أما فيلم "حافية على جسر من خشب" فقد حالت الأوضاع الأمنية دون استكماله حتى الآن وهو من بطولة أميرة هانى، وحسن عيد، والمطربة الشعبية بوسى، وإيمان سعيد، وحسن عبد الفتاح، ومجموعة من الوجوه الجديدة، ومن قصة وسيناريو وحوار مصطفى صابر، وإخراج تامر حربى، وإنتاج أحمد السرساوى، ومن المقرر أن يتم تصوير العمل بمنطقة الحطابة، ومصر القديمة، وبعض شوارع القاهرة، بالإضافة إلى استوديو مصر. من جانب آخر، طرح المخرج علاء الشريف أول إعلان لفيلمه الجديد "بوسى كات"، الذى تقوم ببطولته راندا البحيرى وانتصار وعلاء مرسى وعادل عبد الرازق والعديد من الفنانين الآخرين، ويعرض الإعلان بعض المشاهد الجديدة من الفيلم الذى قام بكتابته وإخراجه علاء الشريف فى ثانى تجاربه بعد فيلمه الأول "الألمانى". يأتى ذلك بعد أن انتهى "الشريف" من تصوير معظم مشاهد الفيلم فى استوديو مصر ومنطقتى عابدين والمهندسين وبعض الشوارع الأخرى فى العديد من المناطق، وهو حاليا فى مرحلة المونتاج والمكساج وفى انتظار معرفة موعد عرضه، الذى من المتوقع أن يكون خلال شهور الصيف. فيلم "بوسى كات" تدور أحداثه فى قالب اجتماعى كوميدى عن شخصية بوسى التى تمتلك محل كوافير اسمه "بوسى كات" وتتعرف على شخص غامض يدعى حمادة، وكثيرون من المنطقة الشعبية التى تسكن بها يدعون أنها فتاة منحرفة، وتتوالى الأحداث. كما انتهى المخرج محمد كرم من أولى تجاربه السينمائية الطويلة والتى جاءت تحت عنوان "أصول اللعبة" بطولة سيد ممدوح وبرلنتى فؤاد، وطرح برومو الفيلم على اليوتيوب استعدادا لطرحه فى دور العرض السينمائى فى موعد لم يتم تحديده حتى الآن. ويتناول الفيلم قصة صراع أسرة للحصول على الميراث يصل إلى استخدام العنف، بالإضافة إلى أن الفيلم يقدم حالة حب رومانسى مفاجئة وغامضة فى الوقت نفسه، وتدور أحداثه أيضا حول شقيقين الأول طيب والآخر شرير يدور بينهما صراعات كثيرة، يضع الشرير خلالها العراقيل للطيب ويدخله السجن والمصحة النفسية ويوقع بينه وبين حبيبته. "أصول اللعبة" من تأليف أحمد خاطر وبطولة سيد ممدوح وبرلنتى فؤاد ومخرج منفذ أحمد صفوت ومعتز هشام وإخراج محمد كرم . الجمهور البطل منتجو هذه النوعية من الأفلام الرديئة عادوا إلى ترديد أسطوانة "الجمهور عايز كده". ومن جانبه يقول شادى الباشا منتج فيلم "أحلام ضائعة":"دع النقاد ينتقدون كما شاءوا، فأنا لا يهمنى شىء سوى أن الفيلم يجد إقبالاً من الناس". أما الناقد الفنى طارق الشناوى فقال:"أفلام المقاولات تعد من الأمور الطبيعية فى تاريخ السينما المصرية لأن مراحل السينما تسمح بهذه التموجات وتستطيع أن تستوعب جميع أطياف الإنتاج السينمائى سواء كانت أفلاما عالية التكلفة أو متوسطة أو حتى منخفضة" . وعن سبب ظهور هذه الموجة الآن، أوضح الشناوى أن ظهورها أمر طبيعى جدا فى ظل تقاعس وإحجام كبريات الشركات السينمائية عن الإنتاج مع الأخذ فى الاعتبار أن ضعف الميزانية لا يعنى بالضرورة تقديم أفلام ضعيفة على المستوى الفكرى أو السينمائى وقد يكون مستواها جيدا. من جانبه، قال الناقد الدكتور وليد سيف إن هذه الظاهرة نتاج طبيعى للأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر، وهو ما يترتب عليه قلة تردد الجمهور على دور العرض السينمائى؛ مما يدفع المنتجين إلى الإحجام عن الإنتاج أو إلى إنتاج أفلام قليلة التكلفة، بحيث لا يعتمدون على الإيرادات المتوقعة من السينما بقدر ما يعتمدون على التوزيع الخارجى والفضائيات؛ نظرا لضعف طموح المنتجين فى استرداد أموالهم من دور العرض السينمائى . وأشار "سيف" إلى أن هذا الواقع كان هو السبب الرئيس فى ظهور هذه النوعية من الأفلام منذ البداية بعد أن استغل بعض تجار الخليج حاجة المنتجين المصريين لتسويق أفلامهم وحاجتهم شخصيا إلى ملء ساعات البث الكثيرة لديهم بأفلام مصرية نظرا لتشوق الجمهور الخليجى لمثل هذه النوعية من الأفلام، ونظرا لارتفاع التكلفة بشكل كبير فقد بدأ المنتجون ينتجون أفلاما تباع خصيصا فى السوق الخليجية والفيديو عندما كان فى أوجه وهو ما يحدث الآن فى الفضائيات . وأضاف أن هذه الظاهرة ليست خطيرة فى حد ذاتها وإنما المرعب فى الموضوع كله أن عدد الأفلام الجيدة فى نقصان متزايد، خاصة أن مستوى السينما لا يقاس بعدد أفلام المقاولات وإنما بعدد الأفلام الجيدة التى تنتج فيها، مؤكدا أن العام الماضى لم يكن به سوى ثلاثة أفلام جيدة المستوى، وقال:"لو كنت فى لجان تحكيم المهرجانات المحلية العام الماضى لحجبت كثيرا من الجوائز لأن الأفلام التى حصلت على بعض جوائز هذه المهرجانات لا تستحقها" . أما المخرج محمد كامل القليوبى فيقول: إن الوصف الصحيح لهذه النوعية من الأفلام هو "قليلة التكلفة" أو "الرخيصة"، أما مصطلح المقاولات فإننى أرى أن جميع الأفلام مقاولات بين المنتجين والموزعين نظرا لارتفاع التكلفة والانفلات الأمنى الذى يمنع الجمهور من ارتياد السينما وعدم وجود إيرادات وتخلى الدولة عن السينما، ومن الطبيعى أن تظهر هذه النوعية من الأفلام التى يقوم عليها مخرجون ليست لهم أسماء رنانة فى السوق السينمائية، وهنا نرى جميع المخرجين الكبار لا يستطيعون العمل فى ظل هذه الأجواء والمعطيات. وأشار إلى أن أفلام المقاولات ظهرت مع الاحتياج الخليجى للأفلام المصرية، وكانت فى بدايتها عبارة عن مقاولة يأخذها المنتج بسعر زهيد لينتج فيلما متواضع الحال يأخذه الخليجيون يعبئونه إعلانات ليكسب منه جميع الأطراف، والخاسر الوحيد هو السينما المصرية .