أصبحت عمليات اقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين وتقييد دخولهم واعتقال العشرات على يد قوات الاحتلال التى تعمل على حماية المستوطنين، مسلسلا تتكرر حلقاته يوميا، وينذر بحدوث انتفاضة ثالثة على غرار ما حدث عام 2000 عندما حاول رئيس الوزراء الأسبق "اريل شارون" اقتحام الأقصى فى حماية قوات الاحتلال. وما حدث -الجمعة الماضية- من استمرار تقييد دخول الفلسطينيين للأقصى بجانب تواصل الانتهاكات اليومية لباحات الأقصى، يتشابه بشكل كبير مع ما قام به شارون فى السابق، إذ تزعم عضو الكنيست عن حزب الليكود الحاكم، موشيه فايغلين، مجموعات من الشباب اليهود بعد انتخابه نائبا عن حزب الليكود، ودعا كل أعضاء حزبه لاقتحام الأقصى، والعمل على تقسيم الصلاة بين اليهود والمسلمين أسوة بالمسجد الابراهيمى فى الخليل. وتأتى عمليات الاقتحام المتكررة بدعوة من الحاخامات وأعضاء ورؤساء الأحزاب اليهودية فى إطار المخططات الصهيونية الخاصة بهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، تلك المخططات التى تعكف الحكومات الصهيونية المتعاقبة على مواصلة العمل فيها ليل نهار، حتى تأتى اللحظة المناسبة. ووفقا ل"مؤسسة الأقصى للوقف والتراث"، يتعرض الأقصى لما يقرب من 150 انتهاكا فى العام الواحد، تتنوع ما بين اعتداء وانتهاك عينى، فخلال العامين الماضيين قام نحو 10000 شخصٍ من المستوطنين وأكثر من 200 ألف يهودى من مختلف دول العالم باقتحامه، وتأدية شعائر وصلوات تلمودية بداخله، برفقة مجموعات من المخابرات الإسرائيلية والشخصيات السياسية والرسمية. وبالتوازى مع ذلك كثرت فعاليات المنظمات اليهودية الداعية لتسريع بناء الهيكل المزعوم، معتبرين أن الوجود اليهودى شبه اليومى فى الأقصى وأداء الصلوات اليهودية الخطوة الأولى فى تنفيذ مخطط تقسيمه، وأنه البداية الحقيقية لإقامة الهيكل المزعوم، خاصة بعد أن تم تحويل المواقع المحيطة بالمسجد إلى مرافق "للهيكل" كما حصل فى قصور الخلافة الأموية جنوب الأقصى، وإقامة شبكه من الأنفاق والفراغات الأرضية تحت المسجد تصل أطوالها بشكل تراكمى الى نحو 3000م ، يتخللها كنس يهودية ومراكز تهويدية. كما يشهد الأقصى حملة من التشديد والتضييق العسكرى غير المسبوق على المسلمين، وتنفيذ ممارسات يراد منها تقليل الوجود الإسلامى فى الأقصى كأوامر المنع وتحديد الأجيال، بهدف عزله عن امتداده الفلسطينى، حيث حرم الاحتلال نحو 3,7 مليون فلسطينى من أهل الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول للقدس والأقصى، ومنع هيئة الأوقاف الإسلامية بالقدس من تنفيذ مشاريع الصيانة والإعمار اللازمة والضرورية. مخطط التهويد وبالإضافة إلى الانتهاكات المتكررة للأقصى يمضى الكيان الصهيونى فى مخطط تهويد المدينة المقدسة على قدم وساق، وذلك باعتبار أنه من مكملات عملية الهدم المتوقعة للمسجد المبارك خلال العامين المقبلين، حسب تصريحات عدد من الحاخامات. ويواصل الاحتلال هدم منازل المقدسيين وسحب الهويات منهم والتضييق عليهم لإفراغ القدس من سكانها، وبحسب تقرير صادر عن مكتب "الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة" هدم الاحتلال منذ بداية العام الحالى أكثر من 60 منزلاً فى القدس ومحيطها، ويخطط لهدم أكثر من 20 ألف منزل فى القدس يسكنها 60 ألف مقدسى. لذلك نستطيع أن نؤكد أن الأوضاع فى المدينة المقدسة على صفيح ساخن، ومن شأن مواصلة العدو عمليات التهويد والاقتحام المتكرر للأقصى، أن ينذر بحدوث انتفاضة ثالثة، ما لم يتم تدارك الأمر ووضع حدا للاستفزازات الصهيونية.