هذا قدر الله، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون، رحل عن الحياة الدنيوية، التى عاشها معرضا عنها، آخذا بذاته إلى الآخرة، رحل عاشق القرآن، من لا يفارق مصحفه يده إلا مضطرا، إنه متجرد لدعوة الإسلام، المحب لدعوة الإخوان المسلمين، الحاج محمود عبد الحافظ الأسيوطى وشهرته الحاج: محمود الأسيوطى، التحق بالإخوان المسلمين مبكرا وحفظ القرآن الكريم، دخل السجن عام 1954م وحصل على الشهادة الإعدادية ودخل السجن عام 1965م وحصل على الشهادة الثانوية، ثم حصل على بكالوريوس التجارة وعمل مدرسا فترة من الزمان، كان متجردا للدعوة، يستثمر وقته فى الدعوة إلى الله، لا يكلف من يدعوه شيئا، يذهب على قدميه ولو مسافات بعيدة، أو على دراجته أو فى أى وسيلة من وسائل المواصلات، وكان شديدا على نفسه فى طعامه وشرابه وملبسه، كان أقرب ما يكون لحياة الزهاد تأتيه الدنيا فيزهد فيها ويقدم كل ما يملك لدعوة الإسلام. كان يعمل ليكتسب رزقه الحلال، وهو فى ذلك تال للقرآن، ناصح لمن حوله، ينشر الأخلاق الطيبة، ويعين كل من يحتاج بكل ما يستطيع، محب للقراءة، حزين على حال أمته وما انتهى إليه الأمر من فساد وسوء أخلاق وتردى الأوضاع التى يغطيها النظام بالديون والإعلام الكاذب، وكان بعد ذلك اعتقل 1965م وخرج الوالد الكريم الحاج محمود الأسيوطى ثابتا على الحق لم يتغير بل ازداد ثباته على الحق، وظل كذلك المصحف رفيقه والدعوة فى دمه والسلوك إلى الله هو الطريق الذى يسير عليه والزهد فى الدنيا حقيقته التى يعيش بها. ومع أول فرصة للعمل اجتمع مع الحاج عطية وبعض الأخوة الكرام، وتم إنشاء جمعية الدعوة الإسلامية ببنى سويف وإشهارها برقم 176 ل 1977، وكان الرجل قائما وإخوانه عليها، منكرا لنفسه، قدم غيره من غير الإخوان المسلمين ليكون رئيسا للجمعية، وحين عاد الحاج حسن جوده -رحمه الله- من الخارج اختاره ليكون رئيس مجلس الإدارة، وعاش الحاج/ محمود الأسيوطى عضوا بمجلس إدارة الجمعية بجوار أخيه الحاج/ حسن جودة- رحمهما الله- يدا بيد فى البناء والقيام بواجبات الدعوة، وأخذ صرح جمعية الدعوة ينمو "رياض أطفال، مدرسة، مستوصف، وأعمال البر والكثير من أعمال الخير". وفى مجال الدعوة، وخطبة الجمعة، وإلقاء الدروس، فعلاوة على حضوره المستمر لحديث الثلاثاء محاضرا كان أو مستمعا، فقد كان لا يتخلف عن الذهاب إلى كل القرى والنجوع، تعرفه كل بلدان محافظات الفيوم والمنيا فضلا عن بنى سويف، بل كذلك أسيوط وغيرها من البلدان. وهو فى كل هذا متجرد لدعوته، ناكر لنفسه، مصاحب لكتاب الله، صادع بالحق، آمر بالمعروف، وناهٍ عن المنكر، حانٍ على كل من حوله، مساعد لكل من يحتاج إليه، يقدم كل ما يملك لكل إخوانه، مخلص لله -ولا نزكى على الله أحدا-. لقد رحل الوالد والأخ والصديق رفيق الدعوة الحاج محمود الأسيوطى إلى رحمة الله تعالى، أسأل الله أن يجعل يوم لقائه خير أيامه، وأن يكون ما بعده خيرا منه، وأن يجعله فى الفردوس الأعلى، وأن يلحقنا به على الإيمان والتوحيد، وإنا لله وإنا إليه راجعون.