1- استخراج الخامات والطفلة من المحجر 2- خلط الخامات بالمصنع 3- مرحلة الحرق والحصول على مادة "الكيلينكر" 4- خروج المنتج فى صورته النهائية بعد إضافة 5% من الجبس 5- مرحلة التسويق والبيع للجمهور 24 شركة تنتج 63.9 مليون طن سنويا جميعها تتبع القطاع الخاص عدا الشركة القومية للأسمنت محاجر وتفجيرات وطاقة وكهرباء وأفران.. مجموعة من المراحل لتخرج لنا فى النهاية شكارة الأسمنت، تلك المادة السحرية التى يقوم عليها عدد كبير من المصانع والتجار وسوق العقار. خلال الآونة الأخيرة أثار ارتفاع سعر الأسمنت بين الحين والآخر الكثير من الجدل، ويكفى أن تعلم أن مصر لديها 24 شركة أسمنت، جميعها تتبع القطاع الخاص، عدا واحدة، وهى الشركة القومية للأسمنت، ويبلغ إنتاج هذه الشركات 63.9 مليون طن سنويا. ومن هذا الرقم الكبير تنتج الشركة القومية للأسمنت التابعة للقطاع العام 3.2 مليون طن أسمنت سنويا، وتراجع إنتاج هذه الشركات جميعا فى الآونة الأخيرة ليصل إنتاجها حوالى 40 مليون طن، بعدما أكدت أن السبب فى هذا هو رفع الدعم عن الطاقة، وهو ما رأته الشركات أنه يحملها أعباء مالية، خاصة أن الأسمنت يعد إحدى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. وفى الوقت الذى ترتفع وتنخفض فيه أسعار الأسمنت ما بين 520 و600 و700 جنيه، يأتى السؤال الذى قد يتبادر إلى ذهن القارئ: كم تبلغ التكلفة الفعلية لطن الأسمنت؟ حاولت "الحرية والعدالة" من خلال هذا التحقيق أن ترصد "رحلة شكارة الأسمنت" التى أثارت جدلا فى الآونة الأخيرة بين الشركات والتجار ومصانع الطوب والمواطن البسيط، ابتداء من المادة الخام، مرورا بعملية التصنيع، وانتهاء بتعبئتها فى شكائر وبيعها للتجار. من المحجر للشيكارة تبدأ رحلة صناعة الأسمنت من المحاجر الموجودة على بعد 7 كيلو مترات شرق الأوتوستراد، التى تحتوى على الحجر والطفلة، وهما أساس صناعة الأسمنت، وتلك المرحلة تتم خارج المصنع بالمحاجر باستخدام الكسارات والمتفجرات والألغام، بعدها تتم عملية التشوين للخامات من الحجر والطفلة فى كومة يُقدر حجمها ب85 طنا، ومن هنا تبدأ المراحل التالية لصناعة الأسمنت داخل المصنع. ولصناعة طن الأسمنت يتم خلط 1.5 طن من الخامات "الحجر + الطفلة" وإدخالهما فى طاحونة لتنعيمهم بنسبة معينة، بعدها تأتى مرحلة الحرق، التى تفقد فيها الخامات نحو نصف طن منها نتيجة عملية التبخر، وبانتهاء مرحلة الحرق داخل الأفران يتحول فيها خليط "الحجر والطفلة" إلى مادة تسمى ب"الكيلينكر"، وهى المكون الأساسى للأسمنت، الذى يصل نسبته 95%، ثم تمر بطواحين بعد إضافة 5% من الجبس، الذى يأتى من منطقة "رأس ملعب" بسيناء، ليخرج لنا الأسمنت بعدها فى صورته التى نعرفها. وفى النهاية تأتى خطوة التعبئة فى الشكائر، حيث تحتوى الشيكارة على 50 كيلو جرام أسمنت، ويتم تعبئة طن الأسمنت فى 20 شيكارة. الجدير بالذكر أن هناك خامات أخرى قد تضاف بنسب تتراوح ما بين ال1% وال3% لعمل تصيح، مثل مادة البايليت، التى تأتى من الإسكندرية، والجلخ من مصانع الحديد والصلب بحلوان. وهنا، لم تنته رحلة شيكارة الأسمنت عند هذا الحد؛ لأن هناك مستلزمات للإنتاج بدونها لا يمكن أن نحصل على الأسمنت من غاز طبيعى وكهرباء وخامات كل منها له تكلفته، فيبلغ استهلاك طن الأسمنت من الغاز الطبيعى حوالى 135 متر مكعب، سعر المتر 150 قرشا عند سعر 6 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية -أى أن الطن يكلف نحو 200 جنيه غاز طبيعى- إضافة إلى رسوم المحاجر التى تبلغ 15 جنيها لطن الأسمنت، وإيجار المحاجر حوالى 8 جنيهات لطن الأسمنت، والخامات سعر طن البيريت وأكسيد الحديد حوالى 150 جنيها -طن الأسمنت يستهلك 20 شيكارة، سعر الشيكارة حوالى 130 قرشا. وتوجد مصاريف أخرى، مثل الزيوت والشحوم والأجور والتيار الكهربائى والاستهلاك وقطع الغيار الميكانيكية والكهروبائية والبلاطات والطوب الحرارى -حوالى 607 جنيهات للطن- وذلك وفقا لما أوضحه أحمد سعد محمد -مدير عام التكاليف بالشركة القومية للأسمنت. التكلفة الفعلية 400 جنيه هى التكلفة الفعلية لطن الأسمنت بالشركة القومية للأسمنت، و200 جنيه إلى 250 جنيها فى الشركات الخاصة والسبب، كما أشار د. محمد عبد الحكيم -رئيس القسم البيئى والكميائى بالشركة القومية للأسمنت- إلى أن القومية للأسمنت تستهلك طاقة أعلى بكثير من تلك المستخدمة فى الشركات الأخرى؛ نظرا لأن المصانع بالقومية قديمة للغاية، مما يجعلها تستهلك طاقة عالية. وأوضح أن القومية تحتوى على أربعة خطوط "مصانع" لإنتاج الأسمنت، الأحدث منها يعود لعام 1986، وتصل الطاقة الإنتاجية له حوالى 4500 طن فى اليوم، أما المصنع الذى يسبقه فأنشئ عام 1984 وينتج أيضا 4500 طن فى اليوم، أما مصنع 2 فيرجع تاريخه لعام 1984 بطاقة إنتاجية 1200 طن يوميا، وهى الإنتاجية ذاتها للخط الأول الذى أنشئ عام 1959. ولفت إلى أن تلك المصانع حالتها سيئة للغاية وتستهلك طاقة عالية، ففى الوقت الذى قد تستهلك فيه تلك المصانع بالقومية 105 كيلووات للطن، تستهلك، المصانع الحديثة فى الشركات الأخرى من 90 إلى 95 كيلووات للطن، كذلك الحال بالنسبة للطاقة الحرارية، حيث تتسع مصانع القومية من 1500 إلى 1700 كيلو كالورى لكل كجم كلينكر، فى حين يقل استهلاك الطاقة الحرارية فى المصانع الحديثة بالشركات الخاصة، التى تتراوح ما بين 850 إلى 950 كيلو كالورى لكل كجم كلينكر. وأشار عبد الحكيم إلى أن كل هذا من شأنه أن يؤثر على التكلفة الفعلية فى النهاية لطن الأسمنت فى القومية عنه فى الخاصة. وقال: الغريب فى الأمر أنه على الرغم من أن التكلفة الفعلية لطن الأسمنت بالقومية أعلى الضعف، إلا أنها تباع فى السوق بأسعار أقل من الشركات الخاصة التى قد يصل طن الأسمنت فيها إلى 700 جنيه، فى حين تبيعه القومية بسعر 520 جنيها، مضيفا أن مصانع القومية شبه متوقفة منذ 21 يوما بسبب رفع الدعم عن الغاز والمازوت. وأوضح أنه على الرغم من أن القومية تبيع بأسعار أقل، إلا أن التاجر يذهب ليشترى من الشركات الأغلى، والسبب فى ذلك أن قطاع التسويق بالقومية سيئ للغاية، كما أن الشركات الأخرى تعمل على إعطاء التاجر حافزا يشجعه على الشراء منها، وهو الأمر الذى يدفعنا فى كثير من الأحيان إلى تصدير الأسمنت لليبيا بأسعار أقل؛ لكونه لا يجد رواجا فى السوق المحلية، والسبب هو غياب التسويق بالشركة، لدرجة أن تجار التجزئة الذين يأتون بعربة يجرها حصان لم تغفلهم الشركات الخاصة، حيث تحرص على إعطاء التاجر وجبة وللحصان وجبة، وبهذا فقد كسب التاجر فى صفه. وتابع بقوله: أما نحن فلا نعطى لعملية التسويق أى اهتمام فى القومية، وهذه هى آفة القطاع العام والحكومة فى مصر، وهذه هى الثقافة بدءا من القيادة العليا بالشركة وحتى العامل. ونوه عبد الحكيم إلى أن القومية فى مواجهة مشكلة أخطر، وهى تعد أحد الأسباب لرفع سعر الأسمنت؛ وهى أن لديها تضخما فى عدد العمالة، حيث يعمل بالشركة 3300 عامل، فى الوقت الذى لا تحتاج فيه الشركة سوى ل600 عامل، موضحا أنهم على الرغم من أنهم لا يعملون، إلا أنهم يطالبون بالأرباح والحوافز، وهذا هو حال القطاع العام منذ عام 97، حينما أحضر عاطف عبيد شركة تسمى آسيك، وهى عبارة عن شقة غرفة وصالة بالمعادى، واتفق معهم على إدارة كافة شركات الأسمنت، فدخلت آسيك الشركة القومية سنة 1997، لتتولى إدارة منصعى 3 و4 بأمر من عاطف عبيد، وأبرموا عقودا فى القومية وطره وحلوان وعدد من شركات الأسمنت، وأخذوا يتحكمون فى العمالة، فكانوا يأخذون عمالا من حلوان والكفاءات بالشركة ويرسلونها للمصانع الأخرى، ووصلنا لمرحلة أن جميع عمال القومية فى شركة 3 و4 لا أحد منهم يعمل، وشركة آسيك هى التى تدير. وقال: بعدها كبر العاملون ولم يعد يعلم أحد آلية تشغيل المصنع سوى شركة من الخارج، وعندما بدأت الإنتاجية تقل فى العام الماضى، تم التعاقد مع شركة جديدة تسمى ال"أن إل إس"، التى تأخذ على كل طن تنتجه 40 جنيها، وهى تنتج 3 ملايين طن -أى أنها تحصل على ما يعادل 120 مليون جنيه- على الرغم من أننا لدينا عمالة زائدة، إلا أن نحو 80% منها مريض، ولا يقوم على العمل؛ لأن معظمهم لديهم انزلاق غضروفى وأمراض صدرية، إضافة إلى أن عدد العمال فى الشركة الجديدة لا يتعدى ال60 عاملا، وهم لديهم إدارة تعلم كيف تدير مكونة من 3 أجانب يسيرون جميع المصريين الذين يعملون تحت أيديهم من خلال وضع خطة لهم، مشيرا إلى أن أخطر ما قامت به الدولة، هو بيع جميع مصانع الأسمنت، حيث كان يتم بيع الشركة بالمصنع والعمال، فشركة أسمنت أسيوط تم بيعها بالاستاد إلا أن القومية نجت من تلك الصفقة بأعجوبة. "احنا بنموت" وقامت "الحرية والعدالة" بجولة داخل الشركة القومية للأسمنت لتكتشف الواقع على أرض الشركة، فكانت أول كلمة للعمال "احنا بنموت كل يوم"، حيث إنهم يعيشون فى أجواء عمل غير صحية بالمرة، فالجو يمتلأ بغبار الحجر الأبيض وانبعاثات المصنع من أتربة، فضلا عن ذلك الفاقد منها، الذى تنغمر قدمك فيه، الذى وصفه البعض "بالمال السايب"، دون ارتدائهم أبسط قواعد السلامة المهنية، وعلى الجانب الآخر تجد عمال شركة آسيك يرتدون الخوذة والنظارة. الأرباح والخسائر كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزى للمحاسبات للسنة المالية 2012 للقومية للأسمنت؛ أن الشركة حققت مجمل ربح بلغ 100.5 مليون جنيه مقابل 252.785 مليون جنيه عن الفترة السابقة من العام ذاته. وعلى الجانب الآخر، أكد محمود سعدون -العضو المنتدب لشركة القومية للأسمنت- أنه من الصعب لأى شركة أن تكشف عن أرباحها وتكاليفها الحقيقية، مشيرا إلى أن هذا يعد سرا لدى كل شركة. وأكد أنه فى كل الأحوال؛ فإن تكاليف صناعة الأسمنت كثيرة للغاية؛ بدءا من المواد الخام مرورا بأسعار الطاقة وأجور العمال، لافتا إلى أن المشكلة بلغت ذروتها فى ظل ارتفاع سعر الغاز والمازوت. الحل فى الفحم استخدام الفحم فى توليد الطاقة الكهربية ليس بدعة مصرية، ففى بريطانيا، تبلغ نسبة مساهمة الفحم فى إنتاج الكهرباء نحو الثلث، و59% فى الهند، وحوالى 50% بالولايات المتحدة و78% بالصين. ويعد الفحم أرخص من الغاز الطبيعى بنحو الثلث، فضلا عن أن الغاز الطبيعى يعد موردا طبيعيا ذا قيمة اقتصادية عالية، ويجب التعامل معه كمادة خام للعديد من الصناعات والمنتجات البتروكيماوية ذات القيمة المضافة المرتفعة، بالإضافة إلى استخدامه فى صناعة الأسمدة، التى تعد عصب الزراعة المسئولة عن توفير الأمن الغذائى للإنسان, ومن ثم لا يوجد منطق اقتصادى لحرق الغاز الطبيعى كوقود فى محطات الكهرباء، وفقا للتقرير الذى أعده د. محمد عبد الحكيم تحت عنوان "المشروع التحويلى لاستخدام الفحم كوقود بديل للغاز الطبيعى والمازوت". وفقا لواقع استهلاك الأسمنت لكميات كبيرة من الطاقة نظرا لارتفاع درجة حرارة الأفران إلى 1450 درجة مئوية؛ فإن أنواعا عديدة من الوقود تدخل فى هذه الصناعة، ويعد الفحم المصدر الأول للطاقة فى هذه الصناعة بنسبة 71%، والفحم البترولى 12%، و9% من الوقود السائل ووقود المخلفات الصلبة، و4% غاز طبيعى وباقى النسبة من الزيوت والكوك. الغاز والمازوت وأوضح عبد الحكيم أن احتياطيات مصر المؤكدة من الغاز الطبيعى، لا تتعدى 32 تريليون قدم مكعب، ويمثل حوالى 1% من الاحتياطى العالمى. وتصنف مصر ثانى أكبر احتياطيات محتملة للغاز الطبيعى بالمياه العميقة فى العالم بعد خليج المكسيك تصل إلى حوالى 70 تريليون قدم مكعب. ووفقا لأرقام عام 2005 "مصر" هى الدولة رقم 18 بين 102 دولة لديها احتياطات مؤكدة من "الغاز"، وهذا الاحتياطى الحالى يكفى مدة 34 عاما فقط للاستهلاك والتصدير وفقا لمعدلات الاستهلاك الحالية. أما إجمالى الإنتاج من حقول الغاز فيتم ضخه فى الشبكة بإجمالى 5.5 مليار قدم مكعب، تم تخصيص جانب كبير منها كالتزامات للتصدير، وما يتم تصديره إلى الأردن بغرض الحفاظ على الخط، ويمثل 3/1000 من الإجمالى. وقد زادت صادرات البلاد من الغاز الطبيعى ومشتقاته خلال السبعة أشهر الأولى من العام الجارى بنسبة 3.83%، لتصل قيمتها إلى مليار و267 مليون دولار، وجاء ذلك مقابل مليار و220 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضى 2011، لترتفع بمقدار 47 مليون دولار. وارتفع معدل إنتاج الغاز الطبيعى خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2012 بنسبة طفيفة بلغت 0.05%، ليصل إلى 26883 ألف طن مقابل 26869 ألف طن خلال الفترة نفسها من العام الماضى. أما المشكلة الثانية المتمثلة فى المازوت فيعود أصلها إلى كون حصة هيئة البترول من كمية المازوت، المنتج من الخام المكرر، بلغت 5.3 مليون طن، فيما بلغت كمية المازوت المنتج من الخام المشترى من الشريك الأجنبى 3.48 مليون طن. جدير بالذكر أن الاتجاه نحو استيراد المازوت يرجع إلى الاستخدام المتنامى له فى محطات الكهرباء خلال السنوات الخمس الأخيرة، وقفز إجمالى استخدام المازوت فى محطات الكهرباء من 1.6 مليون طن فى العام المالى 2002-2003 إلى 4.2 مليون طن فى 2006-2007، و4.4 مليون طن العام المالى الماضى، مسجلا زيادة قياسية بلغت 175% خلال هذه السنوات. ودخلت مصر للمرة الأولى 2008/2009، قائمة الدول المستوردة للمازوت، فاستوردت هيئة البترول لنحو 620 ألف طن مازوت خلال العام المالى 2008/2009، بتكلفة 332.3 مليون دولار -يعادل 1.8 مليار جنيه- وذلك بمتوسط سعر بلغ 505 دولارات للطن، وتقوم الحكومة الحالية باستيراد المازوت لاستخدامه فى محطات الكهرباء بدلا من الغاز، وتدفع 13 دولارا بما يوازى استهلاك كل مليون وحدة حرارية من الغاز.