اضطر الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى التوقيع على مرسوم يسمح بتنفيذ اقتطاعات المالية، وذلك بعد فشل المفاوضات بين مجلس الشيوخ الأمريكى والبيت الأبيض، وهو الأمر الذى سيؤثر بشكل ملحوظ على الاقتصاد الأمريكى. وتُظهر الأزمة أثر عدم الاتساق بين مؤسسة الرئاسة والمجلس التشريعى فى أمريكا، وكيف أنه يأتى على حساب المواطن فى النهاية؛ حيث يتسبب ذلك فى فقد الاقتصاد الأمريكى ل750 ألف وظيفة. ومع توقيع الرئيس الأمريكى الجمعة الماضية ب"أسف" على المرسوم الذى يسمح بتنفيذ اقتطاعات مالية قدرها 85 مليار دولار أمريكى، حمَّل أوباما خصومه الجمهوريين مسئوليتها، بعدما حذر بأنها ستسبب انتكاسة للاقتصاد الأول فى العالم. وقال أوباما: "فى غياب قرار للرئيس الجمهورى لمجلس النواب جون باينر وآخرين، يضع مصالح عائلات الطبقة الوسطى فوق الاعتبارات السياسية، فإن هذه الاقتطاعات ستدخل حيز التنفيذ"؛ وذلك بموجب قانون يلزمه بذلك. كما أمر مكتب الموازنة فى البيت الأبيض مختلف الوكالات الحكومية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق هذا التقشف. وكان رئيس مجلس النواب جون باينر -من الحزب الجمهورى- أصر على موقفه الرافض لزيادة الضرائب على أصحاب الدخل المرتفع؛ وقال عند مغادرته البيت الأبيض إن "المفاوضات حول الإيرادات بالنسبة لى انتهت.. علينا أن نركز على مشكلة النفقات". وينتج عن تلك الاقتطاعات عدة جوانب سلبية على الولاياتالمتحدة داخليا وخارجيا؛ حيث تشكل خفضا بنسبة 8% من ميزانية الدفاع؛ وهو ما دفع وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل إلى التحذير من أن الاقتطاعات التلقائية تهدد قدرة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) على القيام بمهامها كما يجب. وقال هاجل: "ليكن واضحا أن هذه الأجواء المضطربة تهدد قدرتنا على القيام بكل مهماتنا بشكل فاعل". وعلى المستوى الداخلى تشكل الاقتطاعات 5% من القطاعات الدولة الأخرى؛ وتشمل خصوصا إعطاء إجازات دون رواتب لمئات الآلاف من الموظفين أو المتعاقدين. وقد أكد أوباما أن هذه الاقتطاعات "ستضعف اقتصادنا وتؤدى إلى خسارة فرص عمل، وتؤكد بما لا يقبل الشك أن على الطرفين (السياسيين) الارتقاء إلى مستوى المسئولية للتوصل إلى تسوية". وقدر صندوق النقد الدولى نسبة التأثير السلبى على نمو فى طور التعافى أصلا، بنصف نقطة مئوية. ويتواجه أوباما وخصومه الجمهوريون منذ 2011 -حين سيطروا على جزء من السلطة التشريعية- حول الطريقة المثلى لإعادة التوازن إلى المالية العامة للبلاد، على خلفية التزايد الكبير فى حجم الديون المترتبة على القوة الاقتصادية الأولى فى العالم، التى تفوق حاليا 16 تريليون دولار. ومع عجز الطرفين عن التوصل إلى اتفاق حول جوهر المشكلة، عمدا إلى وضع حلول موقنة لها، كما تلوح فى الأفق أزمة أخرى نتائجها أخطر، وهى تمويل الدولة للأشهر الأخيرة من ميزانية 2013؛ التى من المفترض أن يجرى تصويت بشأنها فى الكونجرس قبل 27 مارس الحالى، وإلا سيتم إغلاق الخدمات العامة.